لقد أدت الحرب التجارية، التي شنّها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إلى إدخال سوق النفط في حالة من عدم اليقين العميق، مما أدى إلى تقلّبات حادة في أسعار النفط الخام، وإلى تقويض ثقة المستثمرين وتعريض الإنتاج العالمي للخطر.

إن التراجع السريع في الأسعار يهدّد أجندة الرئيس "الحفر يا صغيري، الحفر"، حيث ستواجه الشركات صعوبة في زيادة الإنتاج مع تحقيق الربح. يواجه منتجو النفط في الولايات المتحدة بيئة من "عدم اليقين الشديد"، مما سيجعلهم مترددين بشأن قرارات الاستثمار. إن انخفاض أسعار النفط يتعارض مع زيادة الإنتاج؛ وكلاهما كان من وعود حملة دونالد ترامب الانتخابية الحماسية.

الوضع هو أنه لا يمكن أن يكون هناك "حفر يا عزيزي، حفر" واستخراج هذا القدر الكبير من الإنتاج من الأرض، وفي الوقت نفسه انخفاض في أسعار النفط. هذا غير منطقيّ! دفعت شركات النفط الصخريّ النمو السريع للولايات المتحدة لتصبح أكبر منتج للنفط الخام في العالم. وتحتاج هذه الشركات حاليًا إلى أن يبلغ متوسط ​​أسعار النفط الخام الأميركي 65 دولارًا للبرميل على الأقلّ لحفر آبار جديدة وتحقيق ربح، وفقًا لمسؤولين تنفيذيين في 81 شركة، شملها استطلاع أجراه بنك الاحتياطي الفيديرالي في دالاس. إن أسعار النفط الخام الأميركي في أوائل الستينيات هي النطاق الذي قد تبدأ فيه الشركات بخفض عمليات الحفر خلال الأشهر الستة المقبلة. وأضاف أن المنتجين سيضطرون بشكل متزايد إلى اتخاذ قرار، إمّا بخفض العوائد المجزية للمساهمين، وإما بتقليص أنشطتهم في قطاع النفط.

النفط الصخري الأميركي (وكالات)

على الصعيد العالمي، خفّضت منظمة أوبك توقعاتها لنمو الطلب على النفط لعامي 2025 و2026، في ظلّ تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على النمو الاقتصادي العالمي. وتتوقع المنظمة الآن نمو الطلب على النفط الخام بمقدار 1.3 مليون برميل يوميًا هذا العام، وفي العام المقبل، بانخفاض قدره 150 ألف برميل يوميًا عن تقديراتها السابقة. كذلك خفضت أوبك توقعاتها لنمو الاقتصاد العالمي إلى 3% و3.1% لعامي 2025 و2026 على التوالي، بانخفاض قدره 0.1 نقطة مئوية عن توقعاتها السابقة.

وقالت المنظمة في تقريرها الشهري عن سوق النفط: "شهد الاقتصاد العالمي اتجاهًا ثابتًا للنمو في بداية العام. ومع ذلك، فإن التطورات الأخيرة المتعلّقة بالتجارة قد زادت من عدم اليقين بشأن توقعات النمو الاقتصادي العالمي على المدى القصير".

تتباين توقعات أسعار النفط بشكل كبير. في حال زوال الضبابية وعدم اليقين يصبح من المرجّح استقرار انتعاش الطلب فينمو الطلب العالمي بثبات، خاصةً من آسيا (الصين والهند في الأغلب)، من دون أن يكون متفجّرًا. في هذه الحالة، يتوقع معظم المحلّلين أن يتراوح سعر النفط (خام برنت) ما بين 75 و95 دولارًا للبرميل خلال معظم عام2025.

 أمّا العوامل غير المتوقعة، التي تؤثر على أسعار النفط، فهي التوترات الجيوسياسية (مثل صراعات الشرق الأوسط أو مشاكل روسيا وأوكرانيا). 

إن السوق في حالة من الاضطراب الشديد في الوقت الحالي، وسوف تظلّ على هذا النحو حتى نبدأ برؤية نوع من الاستقرار.

 **جو يرق، رئيس قسم الأسواق العالمية - Cedra Markets