استغلال الأطفال في «وسائل التواصل».. تربّح وشهرة على حساب البراءة - تكنو بلس

جديد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
استغلال الأطفال في «وسائل التواصل».. تربّح وشهرة على حساب البراءة - تكنو بلس, اليوم الاثنين 28 أبريل 2025 11:29 مساءً

حذّر أطباء نفسيون ومختصون في القانون وحماية الطفل، من آثار نفسية واجتماعية تواجه أطفالاً يتعرّضون لتصوير تفاصيل حياتهم من قبل أسرهم في مقاطع فيديو، وبثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من أجل تحقيق الشهرة والتربح على حساب براءتهم، مشيرين إلى أن الطفل يفقد شعوره بالخصوصية، بمجرد مشاركته في تلك الفيديوهات، حيث يتحول رغماً عنه إلى شخص معروف لدى الجمهور بدرجات متفاوتة.

وقال استشاري الطب النفسي بمدينة برجيل الطبية في أبوظبي، الدكتور محمود نجم: «نحن نعيش الآن للأسف عالماً مملوءاً بالزيف والخداع، وتصدير صورة مغلوطة عن واقع الإنسان وحقيقة علمه وعمله»، مضيفاً: «أسوأ هذه النماذج الفاسدة، هو رغبة بعض الأشخاص في الحصول على الشهرة الزائفة من خلال نشر مقاطع مصورة، يتم استغلال الأطفال البريئين خلالها كعنصر أساسي في محتوى تلك الفيديوهات الملوثة».

المراقبة والانضباط

ونبه نجم إلى أن تلك الممارسات تؤدي إلى أضرار نفسية كارثية على هؤلاء الأطفال، في جوانب متعددة، مضيفاً: «الطفل يفقد بمجرد مشاركته في تلك الفيديوهات، شعوره بالخصوصية، حيث يتحول رغماً عنه إلى شخص معروف لدى الجمهور بدرجات متفاوتة»، مشيراً إلى أن الأطفال يحتاجون في تلك المرحلة من التربية وزرع القيم، إلى إدراك قيمة الخصوصية، وبسبب المشاركة في فيديوهات «السوشيال ميديا»، يرتبك معنى الخصوصية في ذهن الطفل، إذ إنه يفقد معرفة الفرق بين العام والخاص، وتتبعثر قيمه الوليدة أمام الرغبة المحمومة في استغلال تفاصيل حياته من أجل نشرها للجميع، ومن هنا، نستطيع القول، إن خصوصية الطفل أمام المجتمع قد انهدمت، رغماً عنه.

وتابع الدكتور نجم: «بعد ذلك تبدأ الإشكالية التالية، وهي شعور الطفل بعد فقده لتلك الخصوصية مع المحيط، ثم صدمته من اقتحام جموع الناس لحياته.. ومن هنا، يتولد عند الطفل شعور متنامٍ بأنه مراقب من هؤلاء الناس الذين يرسلون إليه تعليقات أو أسئلة أو ربما رسائل بها قدر من السباب، فنحن هنا أمام مجتمع (السوشيال ميديا)، والذي هو أبعد ما يكون عن فكرة المراقبة والانضباط، ومن هنا تظهر الإشكالية التالية مباشرة، وهي دخول الطفل إلى حالات القلق والتوتر الدائم، متسائلاً: (من هذا الذي يطاردني بالرسائل؟! ومن هذه التي توجه لي التنمر بل والسباب أحياناً؟!».

وتابع: بعدها نصل إلى مرحلة متقدمة من الاضطراب، وهو تكون الارتباط الشرطي بين القبول والاعتراف والشعور بالتحقق والنجاح (عن طريق إفراز الدوبامين) وبين التواجد من خلال الفيديوهات والاستمرار عليها، فالطفل يبدأ وبسرعة جنونية، في ربط حب الآخرين له بعدد المشاهدات والإعجابات، وهو ما يدمر مع مرور الوقت إحساسه بقيمته الذاتية، إلى هنا، نحن نتحدث عن مقاطع فيديو، لا تحتوي على مشاهد عنف أو تنمر أو كذب، وعليه لنا أن نتخيل كم الآثار السلبية، من تعزيز السلوكيات السلبية، حالة اعتياد الطفل على تمثيل مشاهد عنف، أو تنمر، أو كذب، أو استهزاء بالآخرين، والنتيجة المحتمة لذلك، هو أن هذا الطفل سيتبنى ذلك كجزء من سلوكه اليومي، خصوصاً إذا لم يقابل ذلك السلوك بتوجيه تربوي (هو أصلاً ناقص في البيت).

وأكّد الدكتور نجم أنه من المهم التوعية بمسؤولية الأهل تجاه أبنائهم، فحق الطفل في بيئة آمنة نفسياً واجتماعياً يفوق بكثير أي ربح مادي، وهناك دعوات متزايدة إلى تشريعات تنظم ظهور الأطفال في الإعلام الرقمي وتضمن حقوقهم .

انتهاك الخصوصية

من جانبه، قال المستشار القانوني الدكتور يوسف الشريف: «إنه في عصر لا تنام فيه العدسات، بات من الضروري إعادة النظر في محتوى (الأسرة السعيدة) الذي نشاهده يومياً، فليس كل ضحكة طفل حقيقية، ولا كل مقطع مضحك بريء، فخلف الشاشات قد يُساق طفل للتمثيل، ويربط مستقبله بحساب يتابعه الملايين من دون أن يعرف أنه وقع ضحية في صمت».

وأضاف: «ما قد يغيب عن أذهان بعض الأسر التي تقوم بإنتاج محتوى مسيء لأطفالها، هو أن هذا السلوك لم يعد مجرد (تربية بأسلوب عصري)، بل بات يُشكّل جريمة يعاقب عليها القانون الإماراتي صراحةً».

وذكر: «وفقاً لما نصّ عليه قانون حقوق الطفل الإماراتي (قانون وديمة)، فإن استغلال الطفل بأي شكل من الأشكال، خصوصاً حين يتضمن انتهاكاً لخصوصيته أو تعريضه للإساءة النفسية أو الجسدية أو الحطّ من كرامته أو سمعته، يُعدّ فعلاً مجرّماً يعاقب عليه القانون، بغض النظر عن نية الوالدين أو المزاعم التربوية المزعومة».

ولفت الشريف إلى أن القانون أكّد أن مصلحة الطفل الفضلى مقدّمة على أي اعتبارات أخرى، بما في ذلك رغبات الأهل في تحقيق الشهرة أو الدخل.

أما عن الأثر القانوني والجزاءات، فأكّد الشريف أن المشرّع الإماراتي كان حازماً في هذا الإطار، حيث أقرّ عقوبات جنائية بحق من يثبت تورطه في استغلال الأطفال على هذا النحو، إذ تصل العقوبات إلى الغرامة المالية أو الحبس أو كليهما، وذلك بحسب جسامة الأفعال وتكرارها.

أما على مستوى المنصات والحسابات الرقمية التي تُستخدم كوسائل لنشر هذا المحتوى، فإن قانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية جاء ليعزز الحماية من هذا النوع من الانتهاك، حيث يجوز للمحكمة أن تقضي بمصادرة الأجهزة، أو الأموال التي تم الحصول عليها من هذا الاستغلال، أو حتى إغلاق الحسابات والمواقع جزئياً أو كلياً.

كما تُصادر ملكية الحسابات التي يُثبت استخدامها في ارتكاب مثل هذه الجرائم، بما فيها الأرباح الناتجة عنها، وتُعامل كأموال تم الحصول عليها من جريمة، بل يمكن أيضاً حجب أو إلغاء الحسابات والمنصات التي يُبث عبرها هذا النوع من المحتوى، بحسب ما تراه المحكمة مناسباً.

وأكّد الشريف أن مسؤولية الوالدين ليست مُطلقة، إذ قد يظن بعضهم أن الولاية الأبوية تمنح الأهل مطلق التصرف في شؤون أبنائهم، لكن الواقع القانوني يفرض حدوداً واضحة حين تمس تلك التصرفات كيان الطفل أو حقوقه، فحتى الولي الشرعي يُسأل جنائياً ومدنياً إذا استخدم سلطة الولاية للإضرار بمصلحة الطفل أو استغلاله مالياً أو نفسياً، خصوصاً إذا تكرر ذلك أو وثق بفيديوهات تنتهك حقوق الطفل المكفولة دستورياً وقانونياً.

مشاهد مسيئة

من جانبه، أكّد رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات لحماية الطفل، فيصل الشمري، أن استغلال الأطفال مادياً ومعنوياً يأخذ صوراً وأشكالاً عدة، إذ شدد قانون الطفل «وديمة»، على ضرورة تأمين حق الطفل في الرعاية الاجتماعية، وحمايته من العنف والإهمال والاستغلال وسوء المعاملة.

ورأى الشمري أن من صور الاستغلال، قيام بعض الأهالي بتصوير مقاطع فيديو لأطفالهم، تتضمن مشاهد مسيئة أو سلبية أو دفعهم إلى القيام بأفعال قد تُعرّض حياتهم للخطر، ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، بغرض الشهرة وتحقيق أرباح مادية من وراء ذلك، وعلى سبيل المثال نرصد مقاطع فيديو لأهالٍ يصورون أطفالهم وهم يأكلون مواد حارة، أو يشاركون في تحديات وألعاب خطرة، أو افتعال مواقف تمثيلية تتضمن مشاهد وعبارات غير لائقة، ولا تتناسب مع التقاليد والعادات المجتمعية، وذلك بهدف جذب أكبر عدد من المشاهدات والمتابعين.

وحذّر الشمري من خطورة انتشار هذا النوع من مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ إن استغلال الأطفال من قبل بعض الأهالي عبر شبكات التواصل الاجتماعي أمر يهدد الاستقرار النفسي والاجتماعي للطفل، ويُعرّضه للتنمر والإساءة والابتزاز، خصوصاً عند قيام بعض الأسر باستغلال الأطفال عبر وسائل التواصل الاجتماعي لأغراض معينة، بهدف الشهرة أو الكسب.

ولفت إلى أن قيام بعض الأهالي، بقصد أو من دون قصد، بالترويج وتوزيع صور الأطفال عبر منصات التواصل الاجتماعي بهدف الإعلان عن شيء أو التسويق لنهج معين أو إبراز قدرات خاصة للطفل، قد يؤثر سلبياً في نفسية الأطفال، ويُعدّ نوعاً من الإساءة، خصوصاً في حال التكرار، كذلك فإن استغلال الأطفال عبر منصات التواصل الاجتماعي لأغراض غير مشروعة يعاقب عليها القانون إذا كان هناك قصد في الإساءة وفق المادتين (25 و26) من قانون حقوق الطفل بشأن كيفية استغلال الأطفال والإساءة لهم ضمن الحقوق القانونية.

وأشار إلى المادة (57) من قانون «وديمة» تنص على اتخاذ السلطات المختصة والجهات المعنية تدبيراً بضمان سلامة المنتجات بما لا يهدد حقوق الطفل الواردة في هذا القانون، ووضع ضوابط الإعلانات التسويقية التي تتفق مع حق الطفل في الصحة والبقاء والنماء.

وأكّد أهمية أن يقوم كل من يرصد أي شكل من أشكال استغلال الأطفال أو انتهاك خصوصياتهم بإبلاغ الجهات المختصة فوراً، لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق مرتكبه، منبهاً إلى أن نشر مقاطع فيديوهات سلبية، يسهم في انتشار السلوكيات غير الحميدة والتصرفات المسيئة، وهو ما لاحظنا انتشاره بعد شهرة بعض الأشخاص من ذوي السلوك والسمعة غير المحمودة أو التصرفات غير السوية لا لشي إلا للمحتوى الهابط الذي ينشرونه.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

Share
فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : استغلال الأطفال في «وسائل التواصل».. تربّح وشهرة على حساب البراءة - تكنو بلس, اليوم الاثنين 28 أبريل 2025 11:29 مساءً

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق