حالة من القلق تشهدها سوريا خلال الساعات الماضية بعد بيان رئاسة الجمهورية الذي اعتبره البعض انقلابًا على تفاهمات سابقة من الأكراد؛ ما جعل البعض يتخوف من مستقبل البلاد واحتمالية حدوث مواجهات خاصة في ظل حالة الشحن التي شهدتها مواقع التواصل.

بعد أسابيع فقط من توقيع اتفاق بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية، عاد التوتر بين الطرفين إلى الواجهة، وسط خلافات حادة حول مفهوم وحدة البلاد ومستقبل شمال شرق سوريا.

وأصدرت الرئاسة السورية بيانا أكدت فيه أن التصريحات الأخيرة الصادرة عن قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والتي تروّج لفكرة الفيدرالية أو الانفصال العملي، تتعارض مع مضمون الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الرئيس السوري أحمد الشرع، مشددة على أن وحدة سوريا أرضا وشعبا “خط أحمر”، ولن يُسمح بأي مشاريع تهدد الهوية الوطنية أو تفتح الباب أمام التقسيم “مهما كانت الذرائع أو التسميات”.

وبحسب مراقبون فقد أثار تعليق الرئاسة السورية على بيان مؤتمر الوحدة الكردية خيبة أمل كبيرة في أوساط السوريين، خاصة بين المكونات غير الكردية.

التدخل التركي في شؤون سوريا

ويري الباحث والمحلل السياسي عبد الرحمن ربوع إن ما يشهده الشارع السوري اليوم هو تماهي الحكومة الانتقالية مع الخطابات العنصرية والطائفية، بدلًا من أن تواجهها وتجرمها، وهي خطابات تحرض ضد المكونات العرقية والقومية والدينية في سوريا.

وأشار إلي أنه بدلًا من أن تبادر الحكومة إلى تقوية أواصر الوحدة الوطنية، فإن عدم التزامها بما تم الاتفاق عليه مع الأكراد يزيد من المخاوف من إضعاف الروح الوطنية في البلاد.

وقال لـ “خاص عن مصر” أن هناك عاملًا أساسيًا يقف وراء عدم التزام الحكومة بتعهداتها، ألا وهو التدخل التركي السافر في الشؤون السورية. لافتا إلي وجود القوات التركية ومندوبين عن الحكومة التركية في الأراضي السورية.

وأكد الباحث السوري أن التدخل الخارجي أصبح حجر عثرة أمام بناء علاقات حقيقية بين مختلف المكونات السورية.

الاعتراف الدولي على حساب السيادة السورية

وأشار إلي أن الحكومة الانتقالية تولي اهتمامًا أكبر بالحصول على الاعتراف الدولي بمساعدة تركيا، وهو ما يعكس تراجعًا عن السيادة السورية، وخصوصًا حقوق المكونات التي تتعرض للقمع من قبل تركيا، مثل الأكراد.

ويضيف عبد الرحمن ربوع أن هذا التوجه يبدو مدفوعًا بالضغوط الخارجية أكثر من كونه خيارًا استراتيجيًا يضمن الاستقرار الداخلي.

تصريحات رامي مخلوف والحشد العلوي في سوريا

من جانب آخر، أصدر رامي مخلوف، أحد المقربين من نظام الأسد وابن خال الرئيس الهارب بشار الأسد، تصريحًا مثيرًا للقلق. أعلن أنه انتهى من حشد وتسليح عشرات الآلاف من المقاتلين العلويين بهدف إنشاء جيش لحماية العلويين في اللاذقية وطرطوس، مستعينًا بالدعم الروسي وفرض حماية دولية على هذه المناطق.

وفي هذا السياق، يرى عبد الرحمن ربوع أن تصريحات مخلوف تنذر بنزاع داخلي جديد في سوريا، قد يؤدي إلى تقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ طائفية.

ويربط المحلل السياسي ذلك بتصعيد العنف الذي شهدته المناطق العلوية، خاصة بعد المجزرة التي ارتكبتها ميليشيات “صقور الصحراء” المدعومة من روسيا في شهر مارس الماضي.

تهديدات التقسيم وتأثيرها على مستقبل سوريا

ووفق للربوع تأت تصريحات مخلوف وسط مناخ سياسي مضطرب في سوريا، حيث تسعى بعض الشخصيات السياسية والعسكرية إلى إشعال الحرب من جديد. ففي الوقت الذي يحاول فيه السوريون لملمة جراحهم بعد سنوات من الحرب، تلوح في الأفق نذر تقسيم جديد عبر مشاريع يرعاها أمراء الحرب مثل رامي مخلوف.

ويري إن هذا التوجه سيؤدي إلى مزيد من الخسائر البشرية والمادية، وسينقل سوريا والمنطقة إلى مرحلة جديدة من الاضطراب وعدم الاستقرار، ويعيد من جديد ظهور الجماعات الإرهابية وتجارة المخدرات والاتجار بالبشر.

 مستقبل سوريا بين وعود السلام وطموحات التقسيم

في الختام، يؤكد الباحث عبد الرحمن ربوع أن مستقبل سوريا مرتبط بشكل أساسي بالقدرة على تجاوز المصالح الضيقة والانقسامات الداخلية. فعلى الرغم من تزايد التحديات، لا يزال هناك أمل في أن تستعيد البلاد وحدتها ويعم السلام بين جميع مكوناتها.

لكن لتحقيق هذا الهدف، يجب أن تكون هناك إرادة سياسية حقيقية لمواجهة الخطابات الطائفية والعنصرية، ولإقرار حقوق جميع السوريين بدون استثناء.

اقرا أيضا: قبر حافظ الأسد.. سرقة رفات زعيم سوريا السابق بعد نبش وحرق الضريح | شاهد

نسخ الرابط تم نسخ الرابط