نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حالة من الغموض الاقتصادي بعد اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدولي - تكنو بلس, اليوم الاثنين 28 أبريل 2025 05:32 مساءً
أنهت اجتماعات الربيع السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي أعمالها في واشنطن وسط حالة من الضبابية المتزايدة، حيث أخفقت الاجتماعات في تقديم إجابات واضحة بشأن مستقبل الرسوم الجمركية والتوترات التجارية العالمية. ورغم أسبوع كامل من النقاشات المكثفة بين قادة المال وصنّاع القرار، بدا أن العالم خرج من الاجتماعات محملاً بمزيد من التساؤلات لا بالإجابات.
خلال الاجتماعات، سعى وزراء المالية والتجارة من مختلف الدول، خاصة المتضررة من سياسة الرسوم الجمركية الشاملة، التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لفهم مآل هذه السياسات وتأثيرها المتوقع على الاقتصاد العالمي. لكن المحاولات للوصول إلى حوار مباشر مع مسؤولي الإدارة الأميركية، مثل وزير الخزانة سكوت بيسنت، واجهت صعوبات، إذ لم تفضِ اللقاءات المحدودة إلى أيّ نتائج ملموسة.
ووفقاً لما نقلته وكالة "رويترز"، شعر العديد من المشاركين بأن مطالب إدارة ترامب لا تزال متناقضة وغير واضحة، مما زاد من حدة الضبابية الاقتصادية. فبينما ينتظر العالم حلولاً تقلّل من تداعيات الحرب التجارية، تواصل الولايات المتحدة فرض رسوم جمركية صارمة وصلت إلى 25% على واردات السيارات والصلب والألمنيوم، و10% على معظم السلع الأخرى، وسط تحذيرات من ركود اقتصادي عالمي وشيك.
وزير المالية البولندي أندريه دومانسكي، الذي شارك في الاجتماعات، اختصر الموقف بقوله: "نحن لا نتفاوض، نحن فقط نستعرض الوضع الاقتصادي. والضبابية الحالية تضرّ الجميع، أوروبا والولايات المتحدة على حد سواء".
وزير المالية البولندي أندريه دومانسكي (وكالات)
تجاهل التحذيرات... ومخاوف من معاناة طويلة الأمد
رغم التحذيرات الدولية المتكررة من تداعيات الرسوم الجمركية على سلاسل التوريد والنمو العالمي، تجاهلت الإدارة الأميركية هذه المخاوف إلى حد بعيد. فوفقاً لدومانسكي، ترى واشنطن أن الألم الاقتصادي الحالي هو "قصير الأمد"، وسيقود لاحقاً إلى مكاسب بعيدة المدى، وهو تقييم يشكّك فيه العديد من الخبراء الذين يخشون أن تكون المعاناة أطول ممّا تتصوّر الولايات المتحدة.
المفاوضات التجارية التي عقدتها إدارة ترامب مع اليابان وكوريا الجنوبية خلال الأسبوع لم تُسفر عن اختراق حاسم، واكتفت التصريحات الرسمية بوصف المحادثات بأنها "مثمرة"، من دون تقديم التزامات واضحة. وتبقى قضية العملات نقطة حساسة، مع استمرار الشكوك الأميركية بأن ضعف الين واليوان أمام الدولار يمثل عائقاً أمام الصادرات الأميركية.
موقف صندوق النقد الدولي... نظرة أكثر تفاؤلاً بحذر
اتخذ صندوق النقد الدولي موقفاً أكثر تحفظاً، إذ خفّض توقعاته للنمو العالمي في تقريره "آفاق الاقتصاد العالمي"، لكنه لم يتوقع ركوداً كاملاً، حتى بالنسبة إلى الاقتصادات الكبرى المتأثرة مثل الولايات المتحدة والصين. ومع ذلك، تشير التقديرات الخاصة لبعض المؤسسات المالية والقطاع الخاص إلى أن احتمال وقوع ركود أعلى بكثير من نسبة 37% التي ذكرها الصندوق.
كريستالينا غورغييفا، المديرة العامة لصندوق النقد، عبرت عن القلق المتزايد من استمرار الضبابية التي تخيم على المشهد الاقتصادي العالمي، مشيرةً إلى أن العالم، الذي خرج للتو من أزمات متتالية كجائحة كورونا والتضخم وتصاعد التوترات الجيوسياسية، لا يحتمل المزيد من الصدمات. وقالت غورغييفا: "الضبابية تضرّ بالأعمال والاستثمار بشدة، وكلّما أسرعنا في تبديد هذه الغمامة، كان ذلك أفضل للنمو والأرباح".
تحليل أوسع للوضع الاقتصادي
من الواضح أن الحرب التجارية التي أطلقتها إدارة ترامب تحوّلت إلى أحد أخطر التحدّيات أمام الاقتصاد العالمي خلال السنوات الأخيرة. ففي عالم مترابط ومعتمد بشدّة على سلاسل التوريد المعقدة، فإن فرض رسوم جمركية بهذا الحجم يعطّل حركة التجارة العالمية، ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وتراجع الاستثمارات، واضطراب الأسواق المالية.
التداعيات لا تقتصر على تباطؤ النمو الاقتصادي، بل تهدّد بإعادة تشكيل خريطة التجارة العالمية، عبر دفع بعض الدول إلى بناء تحالفات تجارية جديدة بعيداً عن الولايات المتحدة، ممّا قد يؤدّي إلى تآكل نفوذ واشنطن الاقتصادي على المدى البعيد.
والمثير للقلق أن حالة عدم الوضوح السائدة قد تؤدّي إلى عزوف المستثمرين عن ضخّ رؤوس أموال جديدة، سواء في الاقتصادات المتقدّمة أو الناشئة، ممّا يعمّق من مخاطر الركود ويؤخّر أيّ انتعاش محتمل.
انتهت اجتماعات الربيع من دون اختراق حقيقيّ، لتترك الاقتصاد العالمي عالقاً بين ضبابية التوترات التجارية ومخاوف من موجة تباطؤ اقتصادي ممتدّة. وحتى تتبنى واشنطن سياسات أوضح وأكثر تعاوناً مع شركائها التجاريين، يبدو أن حالة التوتر والجمود ستظل تسيطر على الأسواق لفترة ليست بالقصيرة.
0 تعليق