نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
اغتيال يهز موسكو... جبهة أوكرانية أخرى ضد روسيا؟ - تكنو بلس, اليوم الاثنين 28 أبريل 2025 06:56 صباحاً
حين كان خارجاً من منزله صباح يوم الجمعة، لم يكن الفريق أول ياروسلاف موسكاليك يدرك أنه ذاهب لمواجهة مصير الجنرال إيغور كيريلوف. قُتل موسكاليك بانفجار سيارة مفخخة. وقُتل كيريلوف بانفجار دراجة كهربائية مفخخة. بالكاد تعدى الفارق الزمني بين الاغتيالين أربعة أشهر.
في حين أن كيريلوف اغتيل بعد 24 ساعة على اتهام كييف له باستخدام أسلحة كيميائية ضد القوات الأوكرانية "بشكل شامل"، جاء اغتيال موسكاليك من دون "سابق إنذار" مشابه. طبعت عمليتي الاغتيال ثلاثُ نقاط مشتركة على الأقل.
في الأمن
كيريلوف (54) وموسكاليك (59) قائدان عسكريان بارزان في القوات الروسية. كان الأول مسؤولاً عن قوات الحماية النووية والبيولوجية والكيميائية. أما الثاني فشغل منصب نائب رئيس مدير العمليات الرئيسية في هيئة الأركان العامة للقوات الروسية. بمعنى آخر، تمثّل مديرية العمليات الرئيسية عقل الجيش الروسي في الحرب ضد أوكرانيا.
النقطة المشتركة الثانية هي أن عمليتي الاغتيال حصلتا في موسكو. قُتل موسكاليك في بلدة بالاشيخا الواقعة في منطقة (أوبلاست) موسكو، وهي تبعد نحو 24 كيلومتراً عن الساحة الحمراء. بينما اغتيل كيريلوف على بعد بضعة كيلومترات من الساحة نفسها. لكن اغتيال موسكاليك جسّد تصعيداً في المخاطرة، إذ تطلب تفخيخَ سيارة كاملة (من نوع فولكس فاغن) عوضاً عن مجرد "سكوتر"، بمتفجرات متشظية ومرتجلة. رمى عصف الانفجار الشخصية المستهدفة أمتاراً عدة بعيداً من موقعها.
الرسالة الأمنية المفترضة من وراء العمليتين هي أن أوكرانيا تستطيع الوصول إلى أعلى القيادات العسكرية الروسية وفي قلب حصنها الاستخباري. (لم تعلق أوكرانيا على الاغتيال).
جرأة أكبر
في النقطة الثالثة، يحضر الطابع السياسي. حصلت عمليتا الاغتيال تحت أنظار الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وقعت العملية الأولى في كانون الأول/ديسمبر، خلال المرحلة الانتقالية بين إدارتي بايدن وترامب. في جانب معيّن، كانت أوكرانيا تنغّص على الروس الفرحة المحتملة بفوز المرشح الجمهوري بالانتخابات الرئاسية. حالياً، لا يزال تنغيص فرحتهم جزءاً من الأهداف الأوكرانية – لكن مع جرأة أكبر.
وقع اغتيال موسكاليك في اليوم نفسه لمقابلة موفد ترامب الخاص ستيف ويتكوف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمواصلة التفاوض حول إنهاء الحرب. وموسكاليك نفسه شارك في محادثات باريس مع أوكرانيا سنة 2015، حين مثّل هيئة الأركان الروسية. أدت تلك المحادثات إلى اتفاقيّة مينسك التي لم تعمّر طويلاً.
وجاء الاغتيال بعد قصف روسي دامٍ لكييف ليل الأربعاء-الخميس، حين قُتل ما لا يقل عن 12 شخصاً وجرح نحو 70 آخرين. كما أتى بعد إعلان واشنطن استعدادها الاعتراف بالقرم أرضاً روسية، وطلبها من كييف التنازل عن المطالبة باستعادتها. على صعيد أشمل أيضاً، حدث الاغتيال بعدما خسرت أوكرانيا كل أو الغالبية الساحقة من البلدات التي احتلتها في منطقة كورسك الروسية بدءاً من أواسط الصيف الماضي.
مجدداً، لم يعترِ الرسالة أي لبس. مهما كانت خطة ترامب والتطورات الميدانية تصب في مصلحة روسيا، فستظل أوكرانيا قادرة على إيذاء موسكو – العاصمة وصناع القرار فيها.
ترامب متفاجئ
لم يبدُ ترامب مطلعاً على الاغتيال، إذ تفاجأ حين سأله أحد المراسلين عن ذلك يوم الجمعة: "أنت تقول لي ذلك للمرة الأولى. أين حصل ذلك؟" وحين أجاب المراسل قائلاً إنه حصل في موسكو، رد ترامب: "هذا (حدثٌ) كبير، نعم". وأضاف أنه سيدرس الموضوع.
صورة أخرى لمسرح الاغتيال (أ ب)
ما إذا كان الرئيس الأميركي سيرى في الاغتيال تحدّياً لجهوده ولموفده أمر غير مستبعد. لكن كيفية "معاقبته" لأوكرانيا، إذا فكر بذلك، قضية إشكالية بما أنه يطلب منها أساساً تقديم معظم التنازلات. صحيح أن لقاء ترامب مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في الفاتيكان، على هامش مراسم جنازة البابا فرنسيس، كان "إيجابياً" بحسب الطرفين، لكن ذلك لم يُترجم إلا ببيان من ترامب على "تروث سوشل" يدين فيه، وبصعوبة واضحة، الهجمات الروسية على كييف.
"القصة نفسها"
اعتقلت روسيا مواطناً أوكرانياً من سومي اشتبهت بضلوعه في العملية التي وصفتها بـ "الإرهابية" وقد حمّلت كييف مسؤوليتها. وهكذا فعلت أيضاً في كانون الأول حين اعتقلت سريعاً مشتبهاً بتورطه في اغتيال كيريلوف. تبدو الاعتقالات، بصفتها إجراءات متأخرة لا استباقية، غير كافية كي يفكك الروس مخطط كييف المفترض للاغتيالات.
في المدى المنظور، لن تغير هذه الاغتيالات الواقع السياسي والعسكري الصعب لأوكرانيا. بحسب توصيف مسؤول أمني بريطاني لعملية الاغتيال، إنها "قصةٌ اليوم، مَنسيّة غداً".
ليس إن سرّعت أوكرانيا وتيرة "سردها" لهذا النوع من "القصص".
0 تعليق