مقبرة قديمة تفتح باب أسرار المصارعين - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مقبرة قديمة تفتح باب أسرار المصارعين - تكنو بلس, اليوم الأحد 27 أبريل 2025 11:32 صباحاً

 

بين الأسطورة والحقيقة، اكتشاف أثري جديد في جنوب إيطاليا يأخذنا إلى قلب العالم الروماني القديم، حيث يتقاطع البطولة والموت في مقبرة غامضة عمرها ألفا عام. فعلى مقربة من نابولي، كشفت الحفريات عن مقبرة رومانية يُعتقد أنها كانت مخصصة للمصارعين، أولئك المحاربين الذين طالما أسرت قصصهم خيال الجماهير في الساحات القديمة وشاشات السينما. ومع هذا الاكتشاف النادر، تتحول الأسطورة إلى واقع ملموس يكشف عن تفاصيل دقيقة لحياة المصارعين وموتهم، ويعيد تشكيل فهمنا لدورهم في المجتمع الروماني.

 

45a74c684f.jpg

بحسب ما نشرت مجلة "بوبيلار ميكانكس" (Popular Mechanics)، جاء هذا الاكتشاف الاستثنائي في بلدة ليترنوم، وهي مستوطنة رومانية قديمة تقع على مقربة من منتدى ومدرّج كانا يحتضنان سابقاً مباريات المصارعة. وأثناء عمليات التنقيب في موقع أثري تبلغ مساحته نحو 150 متراً مربعاً، تمكّن علماء الآثار من العثور على مقبرة تضم نقشاً رخامياً نادراً، يُعدّ دليلاً حاسماً على أن المدفون كان مصارعاً. ويشير هذا النقش، بحسب المشرف الإيطالي على الآثار في منطقة نابولي، إلى الأهمية التي كان يتمتع بها المصارعون في المجتمع الروماني، كما يفتح الباب أمام احتمال وجود مزيد من مقابر المقاتلين في المنطقة المحيطة.

وعلى رغم أن مقبرة هذا المصارع تُعدّ من أكثر الاكتشافات إثارة للدهشة حتى الآن، فإنّ أعمال التنقيب في المقبرة لا تزال في مراحلها الأولى، ويعتقد الفريق الذي تقوده عالمة الآثار سيمونا فورمولا أن ثمة الكثير مما يمكن اكتشافه لاحقاً.

 

46c401d77b.jpg

 

بين المعالم الرئيسية للموقع حاويتان جنائزيتان تحتويان على كثير من الزخارف الأصلية التي نجت عبر القرون. فبعض الجدران مغطى بالجص الأبيض، والبعض الآخر يتميّز بتفاصيل حمراء، كما يوجد ضريح رباعي الزوايا مبني من حجر التاف الرمادي يرتفع إلى نحو ثلاثة أمتار. وفي داخل الضريح، استُخدمت محاريب لحفظ الجرار التي تحتوي على الرماد، الأمر الذي يشير إلى استخدام الموقع مدى طويلاً.

كشف علماء الآثار عن حوالى 20 ضريحاً حتى الآن، يعود تاريخها إلى ما بين القرن الأول قبل الميلاد والقرن الثالث الميلادي. ساعد وجود عملات معدنية ومصابيح زيتية ومزهريات صغيرة في تحديد تاريخ المدافن وقدّم لمحة عن عادات عصرهم. وتكشف المدافن عن مجموعة متنوعة من ممارسات الدفن مثل وضع بعض الرفات تحت بلاط السقف، ووضع البعض الآخر في صناديق مصنوعة يدوياً.

ومن الملامح البارزة الأخرى وجود بئر عميقة، يعتقد الخبراء أنها ربما كانت تُستخدم في الاحتفالات أو الطقوس المتعلقة بالتقاليد الجنائزية.

وقد وصف ماريانو نوزو، المشرف على علم الآثار في نابولي، هذا الاكتشاف بأنه يشكل لحظة مهمة للغاية بالنسبة الى البحث في منطقة جيوغليانو. تضيف هذه المقبرة التي جاءت بعد فترة وجيزة من اكتشاف مقبرة سيربيروس المجاورة، معلومة قيّمة لتاريخ مستعمرة ليترنوم. وتتيح حالة الحفظ الممتازة لها فرصة نادرة لدراسة ممارسات الدفن الرومانية والحياة المجتمعية بمزيد من التفصيل.

كذلك يأمل الفريق أيضاً أن يساعده هذا الاكتشاف على تحسين فهمه لتنظيم ليترنوم والمناطق المحيطة بها، إذ لم تُستكشف هذه المنطقة بعد استكشافاً كاملاً. وباعتبار أن المقابر غالباً ما كانت تُبنى على طول الطرق الرومانية الرئيسية، فقد توفّر الحفريات أيضاً أدلّة عن طريق دوميتيانا القديمة، وهي الطريق الرئيسية التي كانت تربط جنوب إيطاليا بروما.

وهكذا، يكشف هذا الاكتشاف الأثري في ليترنوم عن صفحة جديدة من تاريخ روما القديمة، بحيث يتحوّل الغموض المحيط بالمصارعين من خيال سينمائي إلى واقع ملموس يتجلّى في تفاصيل قبورهم وزخارف مدافنهم. وبينما تواصل فرق التنقيب أعمالها الدقيقة، تلوح في الأفق اكتشافات أخرى قد تعيد رسم ملامح الحياة والموت في تلك الحقبة الغابرة. إنها لحظة نادرة تتقاطع فيها الحفريات مع الرواية التاريخية، وتُتيح لنا فرصة نادرة للإنصات إلى همسات الماضي المدفونة تحت تراب الزمن.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق