تشهد المملكة العربية السعودية اليوم تحولًا نوعيًا وشاملًا على كافة الأصعدة، بفضل التقدم الملموس الذي تحقق في مستهدفات رؤية السعودية 2030 حتى اليوم، ويتجلى هذا التقدم في النتائج، التي رصدها التقرير السنوي للرؤية، الذي صدر يوم الجمعة الموافق 25 من أبريل 2025، والذي يقدم نظرة شاملة على مسيرة الرؤية، مستعرضًا المراحل التي مرت بها، والمكتسبات غير المسبوقة التي تحققت، والاستعدادات للمرحلة القادمة، إلى جانب تفاصيل برامج تحقيق الرؤية والإستراتيجيات الوطنية المتكاملة المرتبطة بها.

فقد أظهر التقرير، أن نسبة بلغت 93% من مؤشرات الرؤية للبرامج والإستراتيجيات الوطنية قد حققت مستهدفاتها المرحلية أو تجاوزتها أو قاربت على تحقيقها في عام 2024، كما أن نسبة بلغت 85% من مبادرات الرؤية البالغ عددها 1502 أصبحت مكتملة، وتسير على الطريق الصحيح.

وتهدف الرؤية إلى تنويع الاقتصاد، وتمكين المواطنين، وتوفير بيئة جاذبة للاستثمار المحلي والدولي، وقد أثبتت فعاليتها من خلال تنفيذ برامج تحقيق الرؤية والإستراتيجيات الوطنية، التي تُعدّ العمود الفقري لتحقيق هذه الأهداف.

وفي مستهل التقرير السنوي لرؤية السعودية 2030 لعام 2024، أشاد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بالمنجزات المتحققة، قائلًا: “نحمد الله على ما تحقق لبلادنا من إنجازات خلال أقل من عقد من الزمن، جعلت منها نموذجًا عالميًا في التحولات على كافة المستويات، وإننا إذ نعتز بما قدمه أبناء الوطن الذين سخّروا جهودهم للمضي به نحو التقدم والازدهار، سنواصل معًا مسيرة البناء لتحقيق المزيد من التنمية المستدامة المنشودة للأجيال القادمة”.

ومن جهته، أكد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الفخر بالإنجازات التي حققها المواطنون في العام التاسع من عمر الرؤية. وصرح سموه: “ونحن في عامنا التاسع من رؤية المملكة 2030، نفخر بما حققه أبناء وبنات الوطن من إنجازات، لقد أثبتوا أن التحدّيات لا تقف أمام طموحاتهم، فحققنا المستهدفات، وتجاوزنا بعضها، وسنواصل المسير بثبات نحو أهدافنا لعام 2030، ونُجدّد العزم لمضاعفة الجهود، وتسريع وتيرة التنفيذ، لنستثمر كل الفرص ونعزّز مكانة المملكة كدولة رائدة على المستوى العالمي”.

إنجازات تفوق المستهدفات.. قفزات نوعية في عام 2024:

تستعد المملكة العربية السعودية، عبر رؤيتها الطموحة 2030، لدخول مرحلتها الثالثة والأخيرة بحلول نهاية العام الجاري، ومن المنتظر أن تُسهم المرحلة الثالثة في تعزيز استدامة التحول واستثمار فرص النمو الجديدة.

وتأتي هذه المرحلة وسط سياق عالمي وإقليمي يشهد تطورات غير مسبوقة، أبرزها حرب تجارية تلقي بظلالها الثقيلة على مسار الاقتصاد العالمي، ويمنح هذا الواقع الجديد تقرير أداء مؤشرات الرؤية لعام 2024، بُعدًا إضافيًا في تحليل الأداء، إذ يأخذ في الحسبان هذا العامل الخارجي المستجد، بعد أن نجحت المملكة في تجاوز تداعيات جائحة كورونا وتقلبات أسعار النفط بتأثيرات أقل من المتوقع.

وقد شهد التقرير السنوي لرؤية السعودية 2030، تطورًا لافتًا هذا العام، تمثل في الإدراج الرسمي لما وصل إلى 14 إستراتيجية وطنية رئيسية أُعلنت خلال السنوات القليلة الماضية ضمن إطار متابعة الأداء.

ويُقاس تقدم رؤية السعودية 2030 الطموحة من خلال تقييم أداء برامج تحقيق الرؤية والإستراتيجيات الوطنية، التي تُعدّ الأدوات التنفيذية الرئيسية، ويعتمد التقييم على معيارين أساسيين، وهما: مدى تقدم المبادرات، وأداء المؤشرات القابلة للقياس.

وبناءً على إحصائيات التقرير السنوي، حققت رؤية السعودية 2030 تقدمًا لافتًا في عامها التاسع يشمل:

• معدلات إنجاز المبادرات: بلغت نسبة المبادرات النشطة المكتملة أو التي تسير على المسار الصحيح 85%، بواقع 674 مبادرة مكتملة و 596 مبادرة في المسار الصحيح، من إجمالي 1502 مبادرة نشطة.
• أداء المؤشرات: حققت نسبة بلغت 93% من مؤشرات الأداء لبرامج الرؤية والإستراتيجيات الوطنية مستهدفاتها المرحلية أو تجاوزتها أو قاربت على تحقيقها في عام 2024، وتخطّى 257 مؤشرًا مستهدفه السنوي، وحقق 18 مؤشرًا مستهدفه السنوي.
• تحقيق أهداف مبكرة: تحققت 8 مستهدفات للرؤية قبل موعدها بـ 6 سنوات.

وتُظهر هذه الأرقام التزام المملكة بالتخطيط الإستراتيجي الطويل الأمد، الذي أدى إلى تحولات جذرية في مختلف القطاعات، ابتداءً من الرعاية الصحية ووصولًا إلى السياحة والخدمات الرقمية.

وتشمل النتائج الملموسة زيادة السعة الاستيعابية للمستشفيات، وتوسيع نطاق الخدمات الرقمية المقدمة، وتسهيل إجراءات الاستثمار من خلال إصدار تراخيص السياحة، ولضمان استمرارية هذا النجاح والبناء عليه، يجري باستمرار اتخاذ إجراءات تصحيحية تهدف إلى تحسين أداء المبادرات ومقاييس الأداء، مع التركيز في تسريع وتيرة التنفيذ لضمان بقاء أهداف الرؤية في المتناول وقابلة للتحقيق.

أبرز المستهدفات التي تحققت مبكرًا أو شهدت تقدمًا استثنائيًا:

• السياحة: تجاوز عدد السياح حاجز 100 مليون زائر، متخطيًا المستهدف.
• التراث العالمي: تسجيل 8 مواقع سعودية في قائمة التراث العالمي لليونسكو.
• التطوع: ارتفاع عدد المتطوعين إلى 1.2 مليون متطوع، متخطيًا مستهدف عام 2030 البالغ مليون متطوع.
• مشاركة المرأة في سوق العمل: بلغت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل 33.5%، متجاوزة مستهدف عام 2030 البالغ 30%.
• معدل البطالة: سجلت المملكة انخفاضًا تاريخيًا محققة مستهدف الرؤية البالغ 7%.
• المشاركة الإلكترونية: قفزت المملكة 32 مرتبة في مؤشر المشاركة الإلكترونية منذ عام 2016 لتصل للمرتبة السابعة عالميًا، متخطية مستهدفها لعام 2030 بالوصول إلى المراتب العشرة الأولى.
• تطوير الحكومة الإلكترونية: قفزت المملكة 30 مرتبة في مؤشر الأمم المتحدة لتطوير الحكومة الإلكترونية مقارنة بخط الأساس، لتصل إلى المرتبة السادسة عالميًا، مقتربة من مستهدف عام 2030 المتمثل في الوصول إلى المراتب الخمسة الأولى.
• المقار الإقليمية للشركات العالمية: تجاوز عدد المقار الإقليمية للشركات العالمية في المملكة مستهدف 2030 بوصوله إلى أكثر من 571 شركة.

اقتصاد مزدهر:

كشفت مؤشرات التقرير السنوي المتقدمة الخاصة بمحور (اقتصاد مزدهر) في رؤية السعودية 2030 عن تحقيق قفزات نوعية وتجاوز العديد من المستهدفات المحددة. وأبرز التقرير التفاصيل التالية:

1- تجاوز صندوق الاستثمارات العامة المستهدف المحدد لهذا العام: 

تضاعف إجمالي الأصول المدارة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي بأكثر من ثلاث مرات منذ انطلاقة الرؤية، ليصل إلى 3.53 تريليونات ريال سعودي، ويؤكد هذا الرقم تجاوز الصندوق للمستهدف المحدد لعام 2024.

2- مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي:

 بلغت نسبة مساهمة القطاع الخاص 47% من إجمالي الناتج المحلي للمملكة، متجاوزة بذلك المستهدف الذي كان محددًا لعام 2024.

3- توطين الصناعات العسكرية: 

تجاوزت نسبة توطين الصناعات العسكرية مستهدفها المرحلي بنحو ملحوظ، إذ وصلت إلى 19.35%. ويشكل هذا تقدمًا كبيرًا مقارنة بنسبة 7.7% التي كانت مسجلة في عام 2021.

4- ارتفاع عدد العاملين في المنشآت الصغيرة والمتوسطة: 

ارتفع عدد الموظفين العاملين في قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة ليصل إلى 7.86 ملايين موظف، متجاوزًا بذلك المستهدف الذي كان مقررًا لعام 2024 ضمن رؤية المملكة.

5- تصنيف الجامعات العالمية: 

صُنفت 4 جامعات سعودية ضمن قائمة أفضل 500 جامعة على مستوى العالم، ومن أبرز الإنجازات في هذا السياق، دخول جامعة الملك سعود ضمن قائمة أفضل 100 جامعة عالمية أول مرة، إذ احتلت المرتبة 90 عالميًا.

وكشف التقرير أيضًا عن تحقيق إنجازات استثنائية ضمن تصنيف (اقتصاد متسارع النمو) وتحقيق مستهدفات تنافسية مهمة، شملت: 

• التقدم في مؤشر التنافسية العالمي:

 سجلت المملكة تقدمًا ملحوظًا في ترتيبها ضمن مؤشر التنافسية العالمي، إذ تقدّمت المملكة إلى المركز السادس عشر على مستوى العالم، ويعكس هذا الارتقاء تحسنًا في مجموعة واسعة من العوامل التي تقيس القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني وبيئة الأعمال.

•  تصدر الاستثمار الجريء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا:

حافظت المملكة على مكانتها الريادية على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجال الاستثمار الجريء، إذ أظهر التقرير أن المملكة تستحوذ على حصة بارزة تبلغ 40% من إجمالي حجم الاستثمار الجريء في المنطقة، مما يدل على جاذبيتها المتزايدة للشركات الناشئة والمبتكرة ونجاح البيئة الحاضنة لهذا النوع من الاستثمار.

• تجاوز مستهدف توليد الفرص الاستثمارية لعام 2024: 

حقق مؤشر توليد الفرص الاستثمارية أداءً يفوق المستهدف المحدد له لعام 2024، فقد تمكنت الجهود المبذولة ضمن إطار الرؤية من توليد ما يزيد على 1800 فرصة استثمارية جديدة، مما يشير إلى فعالية البرامج والمبادرات الهادفة إلى استكشاف وتقديم مجالات استثمارية واعدة للمستثمرين.

كما كشف التقرير عن تحقيق مجموعة من الإنجازات الاستثنائية، التي تعكس التطور الكبير في البنى التحتية والخدمات الأساسية ضمن تصنيف (بيئة ممكنة)، ومن أبرز هذه الإنجازات:

في القطاع الصحي:

1- إدراج مستشفى صحة الافتراضي في موسوعة غينيس: 

شهد عام 2024 دخول مستشفى صحة الافتراضي موسوعة غينيس للأرقام القياسية العالمية، كأكبر مستشفى افتراضي على مستوى العالم، ويعكس هذا الإنجاز التقدم النوعي الذي حققته المملكة في مجال الرعاية الصحية الرقمية وتقديم الخدمات الطبية من بُعد.

2- إدراج 7 مستشفيات سعودية ضمن الأفضل عالميًا: 

تمكنت سبعة مستشفيات سعودية من تحقيق معايير عالمية متقدمة، مما أدى إلى إدراجها ضمن قائمة أفضل 250 مستشفى على مستوى العالم، ويؤكد هذا الإنجاز جودة الرعاية الصحية المتخصصة والبنية التحتية الطبية المتميزة، التي تقدمها هذه المستشفيات.

3- مستشفى الملك فيصل التخصصي يتصدر عالميًا في التقنية الطبية: 

حقق مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث إنجازًا دوليًا مهمًا بالحصول على المركز الأول عالميًا في مجال استخدام التقنية الطبية وتطبيقها، يبرز هذا التصنيف الريادي للمستشفى في توظيف أحدث التقنيات الطبية لتحسين جودة الرعاية والبحث العلمي.

إنجازات في مجال الريادة الرقمية:

حققت المملكة العربية السعودية مراكز عالمية متقدمة في العديد من مؤشرات الريادة الرقمية الدولية، مما يعكس التطور السريع في البنية التحتية الرقمية وتبني التقنيات الحديثة، وشمل ذلك:

1- تحقيق المركز الأول عالميًا في عدد مستخدمي الإنترنت:

تفوقت المملكة العربية السعودية رقميًا بتحقيقها مراتب متقدمة في أبرز المؤشرات التقنية، وذلك حسب تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية، الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD).

إذ احتلت المملكة المرتبة الأولى عالميًا في مؤشر عدد مستخدمي الإنترنت، ويشير هذا إلى الانتشار الواسع إلى البنية التحتية الرقمية وسهولة وصول شريحة كبيرة من السكان إلى الإنترنت واستخدامه.

2- تحقيق المركز الثاني عالميًا في مؤشر التحول الرقمي في الشركات: 

احتلت المملكة المركز الثاني عالميًا في مؤشر التحول الرقمي على مستوى الشركات، ويبرز هذا التصنيف تبني الشركات السعودية للتقنيات الرقمية بنحو متسارع وتكاملها في نماذج أعمالها وعملياتها التشغيلية.

3- تحقيق المركز الثاني عالميًا في مؤشر تطوير التقنية وتطبيقها: 

حققت المملكة أيضًا المركز الثاني عالميًا في مؤشر تطوير التقنية وتطبيقها، ويؤكد هذا الإنجاز البيئة المحفزة للابتكار التقني والقدرة على استيعاب التقنيات الحديثة في مختلف القطاعات الاقتصادية والحكومية وتطبيقها.

وتُظهر هذه الإنجازات النوعية والكبيرة مدى التقدم الاستثنائي الذي حققته رؤية السعودية 2030 في عامها التاسع، متجاوزةً بذلك العديد من التوقعات ومحققةً نتائج ملموسة بفضل كفاءة التخطيط، وشغف العمل، والطموح الذي يميز أبناء وبنات الوطن.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط