حاسبتم الإخوان فمن يحاسب الحكومة ؟! - تكنو بلس

منوعات 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حاسبتم الإخوان فمن يحاسب الحكومة ؟! - تكنو بلس, اليوم الجمعة 25 أبريل 2025 10:26 مساءً

جو 24 :

في 24 أبريل 2024 حسمت "الدولة" أمرها. حظرت "المحظور" وأعلنت طلقتها البائنة بحق "الحليف العدو"، وذهبت في سبيل ذلك لاستدعاء حكم قضائي عتيق ونفض الغبار عنه وإعطائه صفة التنفيذ، وسط "ترحيب" شعبي ونخبوي لا يمكن تجاهله أو التقليل منه ضد "أعداء الوطن" بعد أن أوغلت القلوب وضاقت الأنفس ذرعاً بخطيئة لا يمكن غفرانها أو التسامح معها أو المساومة عليها.

الموضوع أخذ حقّه إعلامياً بالصاع والذراع، والرواية الحكومية تبحبحت في عرض سرديتها بأريحية تامة على الأقل داخلياً، وسط غياب شبه تام لصوت الطرف الآخر، و"شماتة" من خصوم "أول أمس وأمس واليوم" وحتى من أصحاب اقتناص الفرص الذين ظنّوا أن ضربة "الجماعة" بيئة مثالية لمحاولة التسلق وتسجيل المواقف، ولكن الأشد بأساً كان من بعض "أخوة الأمس" ممن تربّوا وترعرعوا في اكنافها وعاشوا في جلباب أمرائها قبل أن يستبدلوه بجلباب السلطة وتخطفهم أضوائها!!  

الدولة استندت في قرار حظر أنشطة الإخوان – إلى جانب تورّطها بالخلية الإرهابية الأخيرة – إلى قرار محكمة التمييز القطعي والنهائي باعتبار جمعية الجماعة منحلّة والصادر في عام 2020، والذي يعود في أساسه إلى عدم التزام الجماعة بتصويب أوضاعها وفقاً لقانون الجمعيات الخيرية في عام 1953م، وتمسّكها بعدم تصويب أوضاعها في عام 2015م على ضوء حادثة التقدّم بطلب ترخيص لجمعية جماعة الإخوان المسلمون من قبل مجموعة منشقة أو خارجة عن الجماعة الأصلية، إلا أن رد ممثل الجماعة في حينه كان "نحن لا نأخذ شرعيتنا من الحكومة". ينقل أحد الوزراء السابقين والأعيان حالياً والذي كان شاهداً على الحادثة الرواية كما هي. لكن الخطير في حديث "معاليه" أن الرجل ألقى بكلمته في وجه رئيس حكومة المملكة الأردنية الهاشمية و 4 من وزرائه ثم مضى إلى حال سبيله بسلام وأمان، ليعود إلى مقرّه "فاقد الترخيص" غير آبه!!

معنى هذا؛ أن هذه الجماعة والتي استحوذت سياسياً على حصة الأسد من حركة الشارع، ظلّت لأكثر من 7 عقود تسرح وتمرح على هواها وتحت عين بل ورعاية "الدولة". وحتى عندما أنتجت الجماعة ذراعاً سياسياً تحت مسمّى "جبهة العمل الإسلامي" فقد بقيت في واقع الأمر هي الآمر الناهي والأب الروحي للحزب الذي حكماً لم يخرج عن طوعها انصياعاً لقسم الولاء والانتماء الذي يحكم عضويتها.

الأهم من ذلك؛ أن "الدولة العتيدة" تجاهلت إرادة وسلطة وهيبة القضاء الأردني الذي لا سلطة عليه، بتراخيها في تطبيق قراره الحاسم لمدة خمس سنوات، تحت مبررات من نوع "المرونة وعدم الرغبة بالتضييق على الجو السياسي العام في البلد!!" – كما يردف معالي العين-، فيما يرى عين آخر وخبير قانوني ضليع "أن للدولة أسبابها وتتخذ ما تراه مناسباً لمصالح الدولة العليا"!! ولا أعرف أي مصالح عليا هذه تستوجب تجميد أحكام القضاء!

سبعون عاماً والجماعة تصرّح وتعلن، وتخرج إلى الشارع، وتحرّك المظاهرات والفعاليات، وتصدّر قوائم المرشحين لانتخابات النقابات ومجالس الجامعات والمجالس النيابية والبلدية باسمها وتردد شعاراتها على عينك يا تاجر، وهي تفتقد من الناحية القانونية للشخصية الاعتبارية المرخّصة التي تؤهلها لذلك، لتستيقظ الدولة من غيبوبتها فجأة وتتخذ إجراءاتها التنفيذية لقرار لم يتأخر سوى 72 عاماً!! في الوقت الذي يُطارد فيه بائع بسطة في وسط البلد لعدم امتلاك الترخيص اللازم لكسب عيشه!!

لا يمكن بحال القفز على عدم احترام الدولة لقرار القضاء وتماطلها في اتخاذ الإجراءات التنفيذية بصفتها صاحبة المسؤولية كل تلك السنوات وتحت أي ذرائع من قبيل "سعة الصدر والدولة الرحيمة .. الخ"، ولا يمكن أيضاً أن تلهينا أصداء الخلية الإرهابية وتداعياتها التي بلا شك تمثّل تهديداً خطيراً يمس كل أردني، عن طرح الأسئلة الصعبة وإعادة فتح الدفاتر من جديد، كما ولا يمكن أيضاً الخضوع لمزاجية "الدولة" في طريقة تعاطيها مع الشارع والأردنيين بهذا الاستخفاف، والاستسلام التام للعبتها في إدارة موجات الجو العام على إيقاع هواها، وما على الجمهور المسكون بحميّته تجاه بلده، إلا الاستماع والتصفيق وهزّ الرأس دون أن نعرف لماذا وكيف، فيما القبة البرلمانية صاحبة ولاية المساءلة الدستورية غارقة في هرجها ومرجها!

فدولة القانون والمؤسسات التي تصرّ الدولة التأكيد عليها ليلاً ونهاراً ركيزتها الأساسية هي احترام القضاء وتمكين سيادته. ودولة القانون والمؤسسات والديمقراطية هي التي تحافظ على مبدأ المسافة الواحدة مع كل التيارات السياسية، دون أن يحتكر أحد تلك التيارات الرعاية والطبطبة ليصبح الطفل المدلل. فيما يُعاني بقية الإخوة من تيارات سياسية وحتى النخب الأفراد من التضييق والتنمّر والتهميش ليكفروا بالسياسة ويمتلأ فضاءنا بهذا الخواء الفكري والسياسي، وتخلوا الساحة للأخ الأكبر فيصيبه الغرور وتتضخم أناه حتى يظن نفسه أنه ندٌّ للدولة بل هو "الدولة" وفوق المحاسبة والقانون فتكون النتيجة ما آلت إليه الأمور، ليس فيما يتعلق بحادثة الخلية فحسب، بل وعلى نطاق أوسع في حالة الميوعة التي باتت البيئة السياسية الأردنية تعاني منها، وأصيبت بعقم إنجاب رجالاً أصحّاء سياسياً قادرين على ملأ الساحة وتنويع ألوانها فكراً وجدلاً وأثراً، وحمل التجربة السياسية الأردنية إلى آفاق رحبة، عوضاً أن تبقى تلك السياسة أسيرة لون واحد يضفي بعض النكهة على ديمقراطيتنا العرجاء، بعد عقود وعقود من سياسة الإقصاء والتضييق التي عانى منها الوطنيين الحقيقيين من شتى النخب المؤمنين بمبدأ الدولة والمجبولين بهويتها وترابها وهوائها والغيورين على مَنعتها، ولصالح من؟!

فعلى وقع "جاك الموت يا تارك الصلا" وجدت "الجماعة" نفسها على موعد مع يوم الحساب، وقد عُرضت عليهم صحيفة أعمالهم منذ نشأتهم وحتى حادثة "الخلية"، فشُرعت السيوف في وجوههم لعقابهم على عقوقهم وتمرّدهم وبأثر رجعي. لكن في خضم هذا كله تناسينا أن هؤلاء كانوا على مدى 80 عاماً بيننا، يذهبون ويأتون، تُفتح لهم الأبواب والساحات على مصراعيها، وتُهيأ لهم كل أسباب التمدد والنفوذ والتغلغل في كل مؤسسات الدولة، وعقدت الصفقات مع شبكة واسعة من رؤوس البلد وكراسيها ليعلوا في الأرض وفوق القانون مرات ومرات، قبل أن تحلّ لعنة الدولة عليهم أخيراً وتخرجهم من رحمتها، ويتنكّر الكل لهم ويفرّوا منهم فيما لسانهم يتبدّل: "كم مرة حذرنا منهم"!

فإذا كان حساب "الإخوان" قد آن أوانه واستحق زمانه، أفليس من الواجب بموازاة ذلك أن يحاسب من رعاهم وفسح الطريق أمامهم على مدى كل العقود؟ وأن يحاسب من عقد التحالفات معهم واتخّذ منهم سبيلاً لتحقيق مآربه؟

لقد خُدِعنا جميعاً، خُدِع الأردنيون من دولتهم وكانوا ضحية لعبة الضرورات التي تبيح المحظورات، وهم اليوم يحاسبون على مشاريب غيرهم، فيما الدولة عبر حكوماتها المتعاقبة تخلّت عن جوهر مهماتها في أن تكفل الطمأنينة لمواطنيها، وأي طمأنينة هذه تستقيم مع الجو السام الذي يتجرّع الأردنيون اليوم كؤوسه. وإذا كان معاقبة "الإخوان" فرض واجب، فإن الواجب المقدّم عليه وعلى أقل تقدير ان تتقدم الدولة باعتذارها إلى الاردنيين وقضائهم على سنوات الخداع والتهاون التي وحدهم دون غيرهم من يدفع ثمنها اليوم.

قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : حاسبتم الإخوان فمن يحاسب الحكومة ؟! - تكنو بلس, اليوم الجمعة 25 أبريل 2025 10:26 مساءً

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق