كشفت تقارير  صحفية عن خلافات حادة بين واشنطن وتل أبيب حول مستقبل التواجد العسكري الأمريكي في شمال شرقي سوريا، في ظل توجه واشنطن لتقليص القوات وتحول تدريجي نحو الدور السياسي، مقابل إصرار إسرائيلي على الإبقاء على هذا الوجود العسكري كوسيلة لمواجهة النفوذ التركي المتزايد.

أمريكا تصر على الانسحاب من سوريا

وبحسب موقع “ميدل إيست آي” البريطاني فإن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رفضت مراراً الضغوط الإسرائيلية الهادفة لإبقاء القوات الأمريكية في شمال سوريا، وفضلت تبني خطة تهدف إلى تقليص الوجود العسكري تدريجياً.

وأبلغ مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأمريكي، إريك تريجر، مسؤولين إسرائيليين وأكراداً سوريين، بأن الانسحاب الأمريكي سيستمر، وأن بلاده “تنتقل من دور عسكري إلى دور سياسي”.

ويشير مسؤول أمريكي سابق إلى أن إسرائيل “تعارض الانسحاب الأمريكي”، وتسعى لربط أي انسحاب بتنازلات تركية بشأن نزع السلاح في مناطق النفوذ التركي شمال سوريا.

مخاوف إسرائيلية من تنامي الدور التركي في سوريا

بحسب التقرير فإن الخلاف لا يقتصر على مسألة الوجود العسكري، بل يتجاوز ذلك إلى خلافات حول النفوذ الإقليمي في سوريا، حيث ترى إسرائيل أن تقليص القوات الأمريكية يعزز نفوذ أنقرة، في حين بدا الرئيس ترامب أكثر استعداداً لقبول النفوذ التركي في بعض المناطق السورية.

وأكد مسؤولون أمريكيون أن واشنطن، رغم الضغوط الإسرائيلية، تشجع قنوات الحوار بين أنقرة وتل أبيب، وترى في تركيا شريكاً محورياً في ترتيبات ما بعد الانسحاب.

رسائل ضغط أمريكية لـ “قسد”

من جهة أخرى، تستخدم الإدارة الأمريكية ملف الانسحاب كأداة ضغط على “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، حيث أكد مسؤولون إقليميون أن واشنطن غير راضية عن بطء قسد في التفاوض مع الحكومة السورية.

كما اعتبرت القيادة المركزية الأمريكية أن عملية دمج “قسد” في الدولة السورية “أولوية قصوى” يجب أن تبدأ من المناطق الشرقية.

وأشار الباحث تشارلز ليستر إلى أن الخطة الأمريكية تشمل سحب القوات من دير الزور بعد خروج قسد من شرقي حلب، ما يعكس ترتيباً أمريكياً محسوباً يهدف إلى تحقيق اندماج سياسي تدريجي.

تقارب كردي–إسرائيلي لا يغيّر في المعادلة

وفق مصادر فإنه على الرغم من لقاءات جمعت قادة من “قسد” بمسؤولين إسرائيليين، أكدت المصادر أن إسرائيل لم تُبد حماسة حقيقية لتقديم دعم ميداني للأكراد، وامتنعت عن ملء الفراغ الذي قد يخلّفه الانسحاب الأمريكي.

ورغم التصريحات الداعمة من وزارة الخارجية الإسرائيلية، فإن غياب التزام عملي من تل أبيب يعكس توجهاً حذراً، وسط قناعة متزايدة لدى قسد بأن الغطاء الأمريكي بات هشاً.

 تحوّل استراتيجي أمريكي وتوتر مع الحلفاء

وبحسب مراقبون فإن الخلاف الأمريكي–الإسرائيلي حول سوريا يسلط الضوء على تحول استراتيجي أمريكي نحو الانسحاب المنضبط وإعادة التموضع السياسي، في وقت تعجز فيه إسرائيل عن فرض رؤيتها الأمنية في شمال سوريا.

وبينما تبدو تركيا المستفيد الأكبر من هذا الانسحاب، تجد “قسد” نفسها أمام خيارات محدودة: إما الاندماج مع دمشق أو المجازفة بفقدان الحماية الدولية.

اقرأ أيضا

وصفهم بـ«أولاد الكلاب».. سر خطاب محمود عباس ضد حماس

نسخ الرابط تم نسخ الرابط