نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حمل صليبه ومشى به حتى أقاصي الأرض - تكنو بلس, اليوم الاثنين 21 أبريل 2025 09:08 مساءً
منذ انتخابه حبراً أعظم عام 2013، ومع إطلاقه رسالته الأولى، وضع البابا فرنسيس نفسه في قلب الكنيسة، لا رأساً لها. ومن كلماته الأولى، بدت واضحة خطواته التي رافقته حتى الأمس، راعياً متواضعاً لكنيسة العالم. وفي رسالته الأخيرة بمناسبة عيد الفصح، وجّه البابا نداءً مؤثراً إلى البشريّة جمعاء، دعا فيه إلى إنهاء جميع الحروب والنزاعات. لم يكن هذا النداء سوى صدى لمسيرة استثنائية من الحبريّة، عاشها على طرقات الشعوب، حيث الألم والجراح والتهميش.
جعل من الحبريّة درباً سار فيه باتجاه إنسانية متعبة، يبحث فيها عن وجه الله في المهمّشين والمنسيين. ستون دولة زارها، كانت محطات صلاة، ولقاء، واعتراف، ومصالحة. بدأ من البرازيل، حيث شارك في اليوم العالمي للشباب في ريو دي جانيرو، واضعاً الشباب الباحثين عن معاني الحياة في قلب رسالة الكنيسة. ثم زار الأرض المقدسة، حيث صلّى عند "جدار الفصل"، من أجل السلام.
لم يتردّد في الذهاب إلى كوريا الجنوبية وسريلانكا والفيليبين، حيث احتضن ثقافات تعاني من الكوارث والفقر، وزرع فيها بذور الرجاء. زار ألبانيا والبوسنة وجورجيا وأرمينيا، حاملاً ذاكرة الحروب والجروح القديمة ليصالحها بالحقيقة والرجاء. وفي كوبا والولايات المتحدة، اجتاز الحدود بين عالمين في خصومة تاريخيّة، ودخل الكونغرس الأميركي ليقول إن "الرحمة أقوى من القوّة".
في أفريقيا، مشى في أحياء نيروبي الفقيرة، وحلّ في أفريقيا الوسطى رغم الخطر، وصلّى من أجل الكونغو وجنوب السودان حيث الحرب والدموع. أما الشرق، فكانت له فيه خطوات جبّارة: ففي الإمارات وقّع "وثيقة الأخوّة الإنسانية" مع شيخ الأزهر، وفي المغرب شدّد مع الملك محمد السادس على الدور الأساسي للديانات في نشر الكرامة البشريّة، وتعزيز السلام والعدالة والعناية بالخليقة، وفي العراق التقى المرجع الشيعي علي السيستاني، ووقف في أور حيث قال: "هذا المَكانُ المُبارَكُ هُوَ مَكانُ الأُصُولِ واليَنابِيع، هُنا بَدأَ عَمَلُ الله وَوُلِدَت دِياناتُنا. وَهُنا، حَيْثُ عاشَ أبونا إبراهيم حيث دَعْوَةَ الله، وَمِن هُنا انْطَلَقَ في رِحْلَةٍ غَيَّرَتْ التاريخ".
المرجع الشيعي علي السيستاني مستقبلاً البابا فرنسيس. (ا ب)
لم يكتفِ بالكلام، بل واجه التاريخ. ففي كندا، وقف أمام أبناء الشعوب الأصلية و"اعتذر عن الماضي وطلب المغفرة". في اليابان، رفع الصوت في هيروشيما وناكازاكي ضد "النووي"، إذ دعا لعالمٍ بدون أسلحة نووية، فكانت هذه الرسالة المحور الأساسي لزيارته. وفي مرسيليا، دعا إلى صحوة تجاه المهاجرين بعدما قال إن "المشكلة التي تشغلني هي مشكلة البحر المتوسط"، في إشارة إلى مسألة الهجرة. في مالطا وسلوفاكيا والبرتغال، ذكّر بأن الكنيسة هي رسالة عميقة، فشدّد على معاني الإيمان الفعلي.
في عامه الأخير، زار جنوب شرقي آسيا: إندونيسيا، سنغافورة، تيمور الشرقية، بابوا غينيا الجديدة، تأكيداً على أن الأطراف هي قلب الكنيسة، وأنه لمس في زيارته وجود "كنيسة حيّة" هناك، فهو اختبر ذلك خلال لقائه الجماعات الكنسيّة وإصغائه إلى شهادات كهنة وراهبات وعلمانيين.
رحل معانقاً "قيامة يسوع"، تاركاً خلفه خريطة روحيّة مرسومة بمعاني درب المسيح.
رحل البابا الذي زار "العالم"، وعلّمَه أن من أراد أن يكون عظيماً، فعليه أن يكون إنساناً متواضعاً قبل كل شيء...
هذا البابا الذي حمل صليباً، ومشى به حتى أقاصي الأرض.
0 تعليق