كشفت وثائق مسربة خلال محاكمة مكافحة الاحتكار الجارية ضد شركة ميتا، عن حجم التحديات الداخلية التي تواجهها الشركة في محاولاتها لإنقاذ مكانة "فيسبوك" المتراجعة على الساحة الثقافية.

الوثائق، التي قُدمت من قبل لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية (FTC)، تضمنت سلسلة من رسائل البريد الإلكتروني بين مسؤولي "ميتا"، وعلى رأسهم المؤسس والرئيس التنفيذي مارك زوكربيرغ، تُظهر حجم القلق المتنامي بشأن تراجع تأثير "فيسبوك" الثقافي رغم استمرارية استخدامه الواسع، بحسب تقرير نشره موقع "تك كرانش" واطلعت عليه "العربية Business".

في رسائل مؤرخة لعام 2022، ناقش زوكربيرغ مع فريقه إمكانية اتخاذ خطوات جذرية لإعادة إحياء المنصة.

وقال في إحدى هذه الرسائل: "رغم ثبات أرقام الاستخدام، فإن أهمية فيسبوك الثقافية تتآكل بسرعة. وإذا استمر الوضع، فقد يُهدد ذلك مستقبل ميتا بالكامل".

وأضاف: "حتى لو استمر إنستغرام وواتساب في تحقيق أداء جيد، فإن تعثر فيسبوك قد يُعرقل مستقبلنا كشركة".

الصداقة أصبحت عبئاً؟

زوكربيرغ لم يخفِ قلقه من أن النموذج القائم على "الصداقة" في "فيسبوك" لم يعد مناسباً للعصر الحالي، في ظل اعتماد منصات مثل "إنستغرام"، و"تويتر"، و"تيك توك" على نموذج "المتابعة".

وأشار إلى أن طلب الصداقة بات أمرًا ثقيلًا وغير عملي، مقترحًا إعادة التفكير كليًا في بنية الرسم البياني الاجتماعي على المنصة، وحتى مسح جميع علاقات الصداقة وإعادة بناء الشبكة من الصفر – وهي فكرة وصفها بأنها جذرية وتنطوي على مخاطرة كبيرة.

نحو "فيسبوك" جديد؟

ضمن محاولات التصحيح، أعلنت "ميتا" في 2025 عن نيتها العودة إلى "فيسبوك" الأصلي، مع تحديث ميزة "الأصدقاء" وإطلاق تبويب جديد يركّز على الروابط الاجتماعية الحقيقية.

وأكد زوكربيرغ في مكالمة أرباح الشركة للربع الرابع: "نسعى هذا العام لاستعادة أهمية فيسبوك الثقافية.. علينا أن نُعيد تعريف ما يعنيه أن تكون لديك شبكة اجتماعية اليوم".

الميزة التي كانت أيقونة باتت عائقًا

من وجهة نظر زوكربيرغ، فإن تمسك "فيسبوك" بمفهوم "الأصدقاء" في ظل تغيّر تفضيلات المستخدمين، جعل منه منصة أقل جاذبية، مقارنةً بخوارزميات "تيك توك" أو أسلوب المتابعة المفتوحة على "تويتر" و"إنستغرام".

وأشار إلى أن "شبكات اليوم بُنيت على نموذج المتابعة، وليس على صداقات افتراضية قديمة لا تعني شيئًا في الواقع".

خطط مستقبلية واختبارات محدودة

ورغم المخاطر، تحدث الرئيس التنفيذي لـ "ميتا" عن احتمالية تجربة إعادة ضبط الرسوم البيانية للمستخدمين في بلدان صغيرة أولاً، قبل تعميم الفكرة، لتجنب أي نتائج سلبية واسعة.

وأوضح: "لن تُجدي إجراءات تجميلية.. نحتاج إلى خطوة ثورية تعيد لفيسبوك روحه، وتجعله أكثر ارتباطاً بالثقافة الرقمية الحديثة".