نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"لا بوليتا"... إقبال متزايد على اليانصيب السري في كوبا المأزومة اقتصادياً - تكنو بلس, اليوم الأحد 20 أبريل 2025 11:52 صباحاً
يجول كارلوس كما يفعل كل يوم منذ أكثر من عشرين عاما في أحد أحياء هافانا لجمع الرهانات والمشاركات في اليانصيب الكوبي السري "بوليتا" الذي لا يزال يكتسب المزيد من المتابعين في خضمّ الأزمة التي تعانيها الدولة الأميركية اللاتينية.
وفي تصريح لوكالة "فرانس برس"، يلاحظ كارلوس الذي يستخدم اسما مستعارا كجميع الذين أدلوا بأحاديث في هذا التحقيق عن هذه الظاهرة غير القانونية التي بقيت قائمة رغم المنع المستمر منذ 66 عاما، أن "الناس يقامرون أكثر من أي وقت مضى".
وكارلوس هو "مدوّن ملاحظات"، وهو الشخصية الوحيدة الظاهرة علنا للكوبيين داخل هذا الهيكل شبه المحكم الأقفال المبني على الثقة. وفيه أيضا "جامعون" و"مسؤولون ماليون" يتعاملون يوميا مع رهانات تبلغ قيمتها ملايين عدة من البيزو الكوبي.
ويرى الرجل الأربعيني أن تزايد عدد اللاعبين في السنوات الأخيرة يعود إلى "يأس" الكوبيين الذين يعانون أزمة اقتصادية حادة، هي الأسوأ منذ أكثر من 30 عاما، من أبرز تجلياتها نقص الغذاء والدواء، والتضخم المتسارع والانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي.
ويقول "مدوّن الملاحظات": "عندما يعلم أن راتبه لن يكفيه حتى نهاية الشهر، فلا خيار لديه إلا الاعتماد على الحظ". ويقرّ في الوقت نفسه بأن "الكثير من الكوبيين مدمنون" على القمار" ويغرقون في الديون.
ويبلغ متوسط الراتب في كوبا خمسة آلاف بيزو (42 دولارا).
وفي غياب يانصيب وطني قانوني في الجزيرة الشيوعية، يُنظّم "بوليتا" الكوبي حول سحوبات يانصيب فلوريدا أو جورجيا أو نيويورك في الولايات المتحدة.
وما إن يُجرى سحب اليانصيب الأميركي، تُنشر النتائج في كوبا على موقع وتطبيق مخصصين، أو على مجموعات المراسلة المختلفة وصفحات الفايسبوك.
رجل يكتب على وصفة طبية المال الذي سيلعب به في يانصيب
حلم المافيا
أعطى توافُر خدمة الإنترنت على الهواتف المحمولة عام 2018 حياة جديدة لليانصيب الكوبي الذي ظهر في الجزيرة في القرن التاسع عشر وتم تكييفه من ألعاب القمار التي أدخلها المهاجرون الصينيون والإيطاليون.
ويقول روبن (32 عاما) "الناس لم يعودوا حتى يقولون لك مرحبا، بل يسألونك عن الرقم الذي ظهر!"، مشيرا إلى أنه يمر راهنا "بمرحلة سيئة" لا يحقق فيها أي ربح.
أما روخيليو (47 عاما) فيروي أنه حصل على 270 ألف بيزو (2250 دولارا) في أسبوعين، اي أكثر من 60 ضعف الراتب الذي يحصل عليه كموظف في شركة مملوكة للدولة.
ويشدد على أن "رقما جيدا يمكن أن يغير حياة" شخص، مؤكدا أن ضربة حظه الأخيرة أكسبته 80 ألف بيزو (667 دولارا).
ودرَجَ الكوبيون على اختيار مجموعات الأرقام المبنية على نظام تفسير العلامات والأحلام والمواقف المتنوعة.
في عهد الزعيم السابق فيدل كاسترو (1926-2016)، كان هواة "بوليتا" يراهنون فورا على الرقم واحد، وهو رقم ترتيب كاسترو في هرمية الحكم في كوبا، إذا ظهر الرئيس في مكان ما بشكل غير متوقع.
بعد أن يتلقى في الشارع أو مباشرة على هاتفه الرهانات المتعلقة بسحبَي اليانصيب اليوميين الأميركيين، يرسلها كارلوس إلى المسؤول عن تجميع مجموعات الأرقام ومبالغ الرهانات.
و"الجامعون" و"المسؤولون الماليون" هم الشخصيات غير المرئية في هذا اليانصيب الذي فقد صفته القانونية عام 1959، مع ظهور ثورة كاسترو التي حظرت على الفور ألعاب الحظ وأغلقت كل الكازينوهات.

امرأة تتحقّق على تطبيق الهاتف المحمول من الأرقام الفائزة في يانصيب
وكانت هافانا آنذاك مركزا أساسيا لصالات القمار التي تديرها المافيا الأميركية، والتي كان يقصدها ملايين الأميركيين.
ومع الثورة، تحطمت أحلام زعيمي المافيا ماير لانسكي ولاكي لوتشيانو، المرتبطين بشكل وثيق بالديكتاتور فولخنسيو باتيستا (1952-1959)، ببناء سلسلة من الفنادق والكازينوهات على الممشى الشهير في ماليكون بالعاصمة الكوبية.
وكانت النتيجة المباشرة لذلك هي التطور المتسارع لمدينة لاس فيغاس في الولايات المتحدة، والتي أصبحت مدينة القمار بلا منازع في المنطقة.
وفي كوبا، ينص قانون العقوبات على عقوبات تصل إلى ثلاث سنوات سجناً وغرامة قدرها 300 ألف بيزو (2500 دولار) لأي شخص يعمل في مجال المقامرة غير المشروعة، سواء أكان مدّون ملاحظات أو جامعا أو مسؤولا ماليا.
لكنّ كارلوس رأى أن الـ"بوليتا" هي "جزء من جوهر الكوبيين" و"حظرها لم يؤدِّ سوى إلى تشجيعها".
0 تعليق