نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
شكاوى من بعض أسئلة امتحان القيادة في لبنان... "دلني وخبرني" نموذجاً - تكنو بلس, اليوم الأحد 20 أبريل 2025 09:29 صباحاً
على عكس الشكل الذي اتخذته زيارة رئيس الجمهورية جوزف عون إلى مبنى مصلحة السيارات والآليات (النافعة)، في الدكوانة، لتفقّد سير العمل فيها، يرافقه وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار، من دون الإعلان عنها مسبقاً، لم يكن توجه عون إلى هذا المرفق الحيوي الذي يعتبر على تماس يومي مع المواطن مفاجئاً سيّما بعد الشكاوى والإخبارات المتكررة والمتواصلة حول ملفات رشاوى وشبهات فساد.
وصلت الأخيرة إلى التفتيش المركزي والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ومجلس شورى الدولة، بعضها جرى البتّ فيه وبعضها الآخر ما يزال ينام في الأدراج بحسب مصادر قانونية لـ"النهار".
عون الذي أكّد أن "مَن يُغطّي الفساد مشارك فيه"، توجّه إلى الموظفين في "النافعة" بالقول "المطلوب منكم أن تكونوا عيوننا، وعليكم إبلاغنا بالأخطاء".

جولة عون في النافعة (تصوير نبيل اسماعيل)
وكان عون قد أكّد في وقت سابق خلال لقائه مع جمعية ممثلي المصنعين العالميين للمركبات في لبنان، أنّ الوضع الحالي في مصلحة تسجيل السيارات والآليات "النافعة" لن يستمر على ما هو عليه، مشدداً على أنه سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعاقبة المرتكبين أيّاً كانوا.
فوضى "النافعة" في لبنان: رشاوى وفرض خوّات ومعاملات VIP
ما جرى في هذه الهيئة على مدى السنوات الماضية كان أحد الشواهد على فساد نخر جسم الدولة اللبنانية، بعد أن استخدم البعض نفوذه لاستغلال المواطنين في إنجاز معاملاتهم داخل النافعة.
وأشار الرئيس إلى أنّ الحل الشامل لمشاكل سوء الإدارة والفساد في لبنان يكمن في تحقيق الحكومة الإلكترونية، مؤكداً عزمه على العمل بجدية، بالتعاون مع الحكومة، لجعلها واقعاً ملموساً يساهم في تحسين الأداء الإداري وتعزيز الشفافية في البلاد.
يُدرك عون أن حال "النافعة" كحال معظم المؤسسات التي نهشتها الفوضى والمحسوبيات لا تكفيها زيارة مفاجئة من هنا ولا دعوة للموظفين من هناك. هو الذي قطع في خطاب قسمه وعداً للبنانيين بمحاربة الفساد وتحسين معيشتهم، لا بدّ أنه اطلع على أخبار الفوضى الناجمة عن "السمسرات" في داخلها وتأخّر إنجاز معاملات المواطنين والبدع التي ظهرت فجأة لإفراغ جيوبهم، كما التلاعب في جهاز المكننة وإلغاء حجوزات وتحويل رخص سوق دون أي مسوّغ قانوني أو قضائي وغيرها.
مع بداية العام الحالي، جرى استحداث أو إضافة فحص جديد إلى امتحان القيادة للطلاب يعرف بـ"دلني وخبرني". أثار هذا الفحص الاستياء في أوساط متقدمين للحصول على رخص السير لأول مرة كما لدى ذويهم، فيما اعتبر البعض الآخر أن التعديلات هذه ترفع من مستوى القيادة، على ألّا تستمرّ "عقليّة الواسطة في هذا المرفق وتحقيق المصالح الخاصة بذريعة القانون".
"دلني وخبرني"، يختبر معرفة الطالب بالسيارة، وبمصادر الخطر على السلامة المرورية، قبل أن ينطلق بقيادة السيارة في حلبة حُصرت ببضعة أمتار تتضمن مناورات الركن والالتفاف والخروج من المفرق والسير إلى الخلف.
وعلماً أن بعض المتقدمين للحصول على رخص السير لأول مرة، تمكّن من اجتياز الامتحان بنجاح، والبعض الآخر رسب، إلا أن معظمهم أجمع على أن عدم وجود كتيّب يطلع عليه الطالب قبل خضوعه للامتحان، يرفع من احتمال الرسوب.

بالفيديو والصور - جولة مفاجئة لعون في
تحدث عدد من المتقدمين لـ"النهار" عن نماذج الأسئلة التي تطرح على الطالب كـ"ما وظيفة دينامو السيارة؟" و"أسئلة عن محرّك السيارة الميكانيكي نفسه قد يجد صعوبة في الإجابة عليها"، مشيرين إلى أنه "من الأجدى أن يجرى تدريب السائق الجديد على تفادي حفر الطرقات وكيفية التصرف عند القيادة في أماكن تعطلت فيها إشارات المنعطفات والتوقف والمنزلقات"، أو "تدريب بعض اللّجان على طريقة التعاطي مع الطالب وكيفية طرح الأسئلة".
وتساءلوا "من يراقب آداء اللجان خلال الفحص؟ ومن يحكم بين التلميذ واللجنة؟ ومن لا يتمكّن من اجتياز الامتحان، ما هي آلية تقديم شكوى حتى يسترجع التلميذ حقه؟"، معتبرين أن هذا الامتحان لا يرفع من مستوى القيادة بل يشجع على الرشاوى "هل ما زالت عقلية "لي بيدفع بينجح" سارية؟".
مؤخراً، ارتفع عدد شكاوى الطلاب من طريقة تعاطي بعض اللجان خلال إجراء الفحص. ووصف مصدر ما يجري بأنه نوع من "التجنّي لأن المادتين 213 و214 من قانون السير اللبناني ذكرت أن الطالب يجري الامتحان عبر الكومبيوتر. وبعد أسبوع كحد أقصى أو في اليوم نفسه يجري الامتحان العملي. إلا أن اللجان تخالف هاتين المادتين".
وأكد المصدر لـ"النهار" أن بعض الأسئلة التي تطرح في "دلني وخبرني" على الطالب لا طائل منها، فالأسئلة المهمة (300 سؤال يجري اختيار 30 سؤالاً وعلى الطالب أن يصيب في 24 منها) تطرح عبر الكومبيوتر، وقد وضعت هذه الآلية لقطع العلاقة بين الطلاب واللجان ووقف الابتزاز.
يضيف المصدر: "عدا عن الأسئلة التي لا طائل منها، اللجنة الوطنية للسلامة المرورية لم تجتمع منذ 6 سنوات مع أنها المعنية بتحديد كل مناهج التدريب، وأيضاً معايير ومؤهلات فاحصي السوق، وامتحانات تأهيلهم".
مصدر في نقابة مدارس تعليم قيادة السيارات، أوضح لـ"النهار" أن "دلني وخبرني"، هو محاولة "شدشدة" للامتحان النظري الذي يجريه الطالب على الحاسوب. والهدف منه هو التحقق من مدى معرفة السائق بتفاصيل السيارة، معتبراً أن هذا الامتحان أعطى القليل من العمق للأسئلة النظرية.
وقال إن أسئلة "دلني وخبرني" موجودة في نموذج أجنبي شبيه له يعرف بـshow me tell me، وهذا النموذج ساعد في الحد من حوادث السير المأسوية.
لا ينفي المصدر إمكانية حصول بعض الأخطاء من قبل المدربين في طريقة طرح الأسئلة، إلا أنه يلمح إلى أن من يشتكي من تلك الأسئلة متضرر بطريقة ما!
يلخص هذا الجدل الحاصل أهمية العمل الرقابي في النافعة وعودة الموظّفين الأكفّاء، ووقف الرّشاوى، ومن ثمّ اعتماد المكننة الإلكترونيّة الكاملة، التي قد تضع الإصبع على الجرح ولا تكلّف لا عون ولا الوزراء في الحكومة الجديدة عناء إجراء "كبسة" جديدة.
0 تعليق