في شهر أبريل من كل عام، يحل علينا اليوم العالمي لداء شاغاس ليجدد التذكير بخطورة هذا المرض الذي غالبا ما يتسلل بصمت، دون أن يلتفت إليه الكثيرون، رغم أنه يشكل تهديدا صحيا عالميا كبيرا.

يوافق هذا الشهر ذكرى عام 1909 الذي شهد اكتشاف وتشخيص أول حالة إصابة بداء شاغاس على يد الطبيب البرازيلي كارلوس شاغاس. إنه بمثابة وقفة سنوية لاستحضار الجهود المبذولة في مكافحة هذا الداء، والتأكيد على الأهمية القصوى للكشف المبكر عن الإصابة وتوفير العلاج اللازم في الوقت المناسب.

وفي التقرير التالي، نستعرض معكم أهم المعلومات والحقائق عن داء شاغاس، أسبابه وأعراضه وطرق تشخيصه وكيف يمكن التعامل معه، أو علاجه.

داء شاغاس هو مرض طفيلي مزمن يتسبب فيه طفيلي يحمل اسم تريبانوسوما كروزي أو (Trypanosoma cruzi). ينتقل هذا الطفيلي إلى الإنسان عن طريق حشرات تعرف باسم الترياتومين أو حشرات التقبيل. تتغذى هذه الحشرات على دم الإنسان، وللأسف تعيش غالبا في المنازل ذات البناء الرديء، خاصة في المناطق الريفية. ​

يهدف الاحتفاء باليوم العالمي لداء شاغاس إلى تعزيز الوعي بهذا المرض الذي يوصف بـ "المرض الصامت"، وحشد الجهود للتعرف على أسبابه والعوامل التي تعزز الإصابة به. وفي السطور التالية، نستعرض معكم ما هي أسباب داء شاغاس؟

الاتصال المباشر بالحشرة

يعد الاتصال بفضلات الحشرة التي تحمل اسم الترياتومين المصابة، هو الطريقة الرئيسية التي ينتقل بها الطفيلي إلى الإنسان، حيث تقوم الحشرة بلدغ الجلد، ثم تتبرز بالقرب من موقع اللدغة، وعند حك الجلد يدخل الطفيلي إلى الجسم.

طرق أخرى لانتقال العدوى

يمكن أن تنتقل العدوى أيضا عن طريق نقل الدم أو زرع الأعضاء من متبرعين مصابين. وكذلك يمكن أن تنقل الأم المصابة العدوى إلى الجنين أثناء الحمل. وقد يتسبب تناول أطعمة أو مشروبات ملوثة ببراز الحشرة المصابة في نقل العدوى.

يسعى الباحثون والمتخصصون إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية للوقاية من هذا الداء وعلاج المصابين به. لذلك، لا بد من زيادة مستوى الإدراك حول هذا المرض وتعبئة الموارد اللازمة لمواجهته بفاعلية وكفاءة. وفي السطور التالية، نستعرض معكم ما هي أعراض داء شاغاس؟

المرحلة الحادة

تحدث خلال الأسابيع أو الأشهر الأولى من الإصابة، وغالبا ما تكون الأعراض خفيفة أو غير ملحوظة، وتشمل: الحمى والتعب، وتورم في موقع اللدغة، فيما يعرف باسم شاغوما، أو ظهور طفح جلدي مع تضخم الغدد الليمفاوية وتورم الجفن.

المرحلة المزمنة

إذا لم يتم تدارك المرض وعلاجه في المراحل الأولى، يمكن أن يدخل في مرحلة مزمنة قد تستمر لسنوات أو عقود، حيث يصاب حوالي 20 إلى 30% من المرضى بمضاعفات خطيرة، مثل: مشاكل قلبية من بينها اضطرابات نظم القلب، اعتلال عضلة القلب وفشل القلب).

كما يمكن أن يعاني الشخص بسببها من مشاكل هضمية، من بينها تضخم المريء أو القولون. بالإضافة إلى حدوث اضطرابات في الجهاز العصبي.

من خلال التركيز على أهمية التشخيص الدقيق والعلاج الفعال لداء شاغاس، والدعوة المستمرة لإيجاد حلول جذرية تساهم في وقف انتشاره، يمكن أن نساهم في مواجهة هذا الداء. وفي السطور التالية، نستعرض معكم طرق تشخيص داء شاغاس.

. فحص الدم للكشف عن الطفيلي أو أضداده.

. اختبارات مصلية مثل ELISA أو تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR).

. اختبارات تقييم وظائف القلب أو الجهاز الهضمي في الحالات المزمنة.

يتساءل كثيرون: هل يمكن علاج اء شاغاس؟ وكذلك كيف يمكن علاج داء شاغاس؟ وفي الواقع، يسعى اليوم العالمي لداء شاغاس إلى التركيز على المعركة العالمية ضد مرض لإنقاذ حياة الملايين من الأشخاص. وفي السطور التالية، نستعرض معكم ما أسفرت عنه مساعي الباحثين، لنتعرف على ما هو علاج داء شاغاس؟

الأدوية المضادة للطفيليات

يمكن أن يصف الأطباء للمريض مجموعة من الأدوية المضادة للطفيليات، مثل بنزنيدازول ونيفورتيموكس، والتي تكون أكثر فعالية في المرحلة الحادة.

علاج الأعراض والمضاعفات

في المرحلة المزمنة، يركز الأطباء في العلاج على إدارة الأعراض، مثل استخدام أدوية لاضطرابات نظم القلب، أو إجراء جراحات لتصحيح المشاكل الهضمية..

يذكر أن بعض هذه الأدوية يمكن أن تسبب آثارا جانبية، مثل الطفح الجلدي أو مشاكل في الجهاز الهضمي. وفي بعض الأحيان، ربما لا تكون متاحة دائما في المناطق المتضررة أو الموبوءة.

يهدف اليوم العالمي لداء شاغاس أيضا إلى المطالبة بتعزيز الوعي للوقاية من هذا المرض، وتقديم الدعم اللازم للأفراد الذين يعانون منه. وفي السطور التالية، نستعرض معكم كيف يمكن الوقاية من داء شاغاس؟ أو طرق الوقاية من داء شاغاس.

النظافة

إذا كان في مقدور الشخص أن يسعى لتحسين ظروف السكن بعيدا عن المناطق المتضررة أو الموبوءة، بالتأكيد سيساهم ذلك في منع دخول حشرات الترياتومين.

مبيدات

يمكن استخدام المبيدات الحشرية للقضاء على الحشرات الناقلة، مع مراعاة ألا تكون هذه المبيدات ضارة بالصحة، أو تتسبب في أي أذى للأطفال أو كبار السن الموجودين بالمكان.

الناموسيات

في بعض الأماكن، تباع الناموسيات المعالجة بالمبيدات، والتي يمكن استخدامها أثناء النوم لمنع وصول الحشرات الضارة إلى الفراش، أو المكان الذي تعيش فيه

الفحص

قبل التبرع بالدم، أو الحصول على دم من متبرعين، من المهم للغاية فحص الدم والأعضاء قبل التبرع بها، حتى لا تنتقل العدوى من شخص إلى آخر.

التوعية

يجب وضع برامج توعية المجتمعات بالمخاطر التي يمكن أن يتسبب فيها داء شاغاس، وطرق انتقال العدوى، والأعراض التي يمكن أن يكتشف من خلالها المريض إصابته مبكرا. بالإضافة إلى طرق الوقاية.

في النهاية، يمكننا التأكيد على إن اليوم العالمي لداء شاغاس في جوهره، يمثل تذكيرا مستمرا بالصراع الدائر ضد مرض يؤثر بشكل خاص على الفئات الأكثر حرمانا وتهميشا في المجتمعات.

إنه بمثابة نداء عاجل إلى المجتمع الدولي بأسره للتوحد وتلبية احتياجات الأشخاص المتعايشين مع داء شاغاس، وضمان حصولهم على الدعم والرعاية الشاملة التي يستحقونها.