القاهرة (خاص عن مصر)- مع استمرار احتدام الصراع الروسي الأوكراني، يبدو أن نهج الرئيس دونالد ترامب في التوسط لإحلال السلام يتداعى، فرغم خطابه الجريء خلال الانتخابات، ووعده بإنهاء الحرب في غضون 24 ساعة، إلا أن واقع المفاوضات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثبت أنه أكثر تعقيدًا بكثير.

وفقا لتحليل صنداي تايمز، في سعيه لإيجاد حل سريع، سلّم ترامب زمام المبادرة في المفاوضات إلى ستيف ويتكوف، صديقه السابق في رياضة الغولف ومبعوثه إلى الشرق الأوسط، ومع ذلك، ومع انقضاء الموعد النهائي لمحادثات السلام، يبدو أن صبر ترامب بدأ ينفد، حيث أشار البعض إلى أنه قد ينسحب من العملية تمامًا.

 ترامب يتخلى عن أوكرانيا: إحباط ونفاد صبر

أثارت التصريحات الأخيرة لماركو روبيو، وزير الخارجية الأمريكي، مخاوف من أن الرئيس ترامب يتخلى عن أوكرانيا قريبًا عن عملية السلام إذا لم يُحرز أي تقدم يُذكر. كان نفاد صبر ترامب واضحًا طوال تعاملاته مع كل من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وبوتين.

ففي اجتماعٍ اتسم بالتوتر الشديد في المكتب البيضاوي، اتهم ترامب زيلينسكي بعدم الامتنان للدعم الأمريكي، مما زاد من تأجيج التوترات، وتُوج هذا بإعلان زيلينسكي علنًا استعداده للمشاركة في محادثات غير مشروطة لوقف إطلاق النار في مارس، على الرغم من عدم تلقي أي رد من بوتين.

وقد زاد تعثر المفاوضات مع بوتين من إحباط ترامب. فعلى الرغم من جهود المبعوث الأمريكي، بما في ذلك زيارة ستيف ويتكوف إلى موسكو الأسبوع الماضي، أبدى بوتين اهتمامًا ضئيلًا بدفع المحادثات قدمًا، بل وتراجع عن بعض تنازلاته البسيطة، مثل وقف الهجمات على البنية التحتية للطاقة لمدة 30 يومًا.

الجمود المستمر بين الجانبين يدفع أن ترامب يتخلى عن أوكرانيا، تاركًا أوكرانيا في موقف حرج.

الضغط على زيلينسكي والدبلوماسية الأمريكية

بالإضافة إلى إحباطه من بوتين، حوّل ترامب اهتمامه بشكل متزايد إلى أوكرانيا. على وسائل التواصل الاجتماعي، ألقى ترامب باللوم على زيلينسكي، متهمًا أوكرانيا بالتحريض على الحرب. ورغم تراجعه لاحقًا، إلا أن هذا يُعد تحولًا في خطابه.

يتناقض استياء ترامب من زيلينسكي مع تعهده الأولي بتحقيق وقف إطلاق النار في غزة، والذي انهار بدوره عندما شنت إسرائيل هجومًا جديدًا، تُفاقم هذه الإخفاقات الدبلوماسية إحجام ترامب المتزايد عن مواصلة السعي لتحقيق السلام، لا سيما مع ما يبدو أنه تقدم ضئيل.

تُذكرنا خيبة الأمل هذه من محادثات السلام بتخلي ترامب سابقًا عن المفاوضات مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال ولايته الأولى. في تلك الحالة، أدى انهيار المحادثات إلى تراجع مفاجئ من الرئيس الأمريكي. والآن، يواجه ترامب مرة أخرى احتمال الانسحاب من الدبلوماسية، في ظل مستقبل الصراع في أوكرانيا غير المؤكد.

اقرأ أيضا.. ثغرات العمود الفقري المالي الأمريكي.. كيف ستتطور أزمة الدولار؟ 

 ترامب يتخلى عن أوكرانيا: تداعيات تراجع دور أمريكا

إذا قرر ترامب الانسحاب من المفاوضات، فقد تكون العواقب وخيمة على أوكرانيا. أدى تعليقٌ وجيزٌ لتبادل المعلومات الاستخباراتية مع الولايات المتحدة في مارس إلى تعريض أوكرانيا لهجمات صاروخية روسية، مما أضعف قدراتها الدفاعية بشكل كبير.

إضافةً إلى ذلك، تستنفد أوكرانيا مخزونها من أنظمة الدفاع الصاروخي باتريوت بسرعة، دون أي ضماناتٍ باستمرار الولايات المتحدة في تقديم الدعم، في غضون ذلك، يواصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المضي قدمًا في أهدافه العسكرية، عازمًا على ترسيخ سيطرته على المناطق الأوكرانية الأربع التي ضمها.

يبدو أن استراتيجية بوتين تُركز على استنزاف موارد أوكرانيا وإضعاف قدرتها على مقاومة التقدم الروسي، يعتقد الزعيم الروسي أن عام 2025 قد يكون العام الذي سيحقق فيه نصرًا، على الأقل من حيث ترسيخ سيطرته على المناطق المتنازع عليها. مع أخذ ذلك في الاعتبار، من غير الواضح ما الذي يمكن أن يقدمه ترامب لإغراء بوتين بوقف حملته قبل الأوان.

لحظة حقيقة لترامب

وصل الوضع الآن إلى منعطفٍ حاسمٍ بالنسبة للرئيس ترامب. عليه أن يقرر ما إذا كان سيُمارس المزيد من الضغط المباشر على بوتين أم سيتخلى عن جهوده السلمية تمامًا.

مع ذلك، بإلقاء اللوم على زيلينسكي في فشل المحادثات، يكون ترامب قد هيأ بالفعل الطريق لسردية تصبح فيها أوكرانيا كبش فداء في حال انهيار المفاوضات. وهذا يضع زيلينسكي وأوكرانيا في موقف حرج، حيث مصير عملية السلام معلق في الميزان.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط