نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
كذبة أبريل ! - تكنو بلس, اليوم الخميس 17 أبريل 2025 11:13 مساءً
غير أنه يبدو لي أن هذه الطرافة الأبريلية لا تنتشر في شهر أبريل فحسب، بل تشيع في كافة شهور السنة! وفي الحقيقة خلال متابعتي لبعض الأحداث العربية والعالمية اكتشفت أن هناك العديد من الأحداث التي يمكن تصنيفها على أنها كذبة أبريل، فتصريحات بعض السياسيين حول الأوضاع الإقليمية والعالمية يرقى الكثير منها لأن يكون كذبة أبريل بامتياز، فالتصريحات المعلنة لا تتسق مع الأوضاع الراهنة وكأنها مجرد تخدير للرأي العالم الإقليمي والعالمي؛ فالتصريحات تموج بالتناقضات من كل جانب وبما لا يتسق مع طبيعة الأحداث وتطوراتها من الأساس.
ولنبدأ بالسودان، الذي مزقته الحرب الأهلية لأكثر من عامين، لنجد أن قائد قوات الدعم السريع (حميدتي) خرج قبل أيام بتصريح يعلن فيه قدرته على استعادة ما فقده من أراضٍ استطاع الجيش السوداني (بقيادة البرهان) السيطرة عليها، ويشدد حميدتي على أن قواته قادرة على حسم المعارك، ولا أعلم من أين أتى حميدتي بمثل هذه الثقة وهو ليس عسكرياً من الأساس، وجميع قواته ليست نظامية، ذلك أن أغلبها من المرتزقة، والمرتزقة لا يدينون إلا للمال وليس لهم هدف سامٍ من خوض المعارك العسكرية، ولعله من الغريب أن تصب تصريحات حميدتي حول النصر لمدة عامين كاملين، على الرغم من أن الكثير من جولاته العسكرية كانت أشبه بحروب الكر والفر، وما يكسبه حميدتي اليوم يعرف جيداً أنه قابل للخسارة غداً، وسيظل السودان وشعبه وقوداً لهذه المعارك إلى فترة ربما ليست بالقصيرة.
ولو عدنا لما يدور في غزة سنجد أن تصريحات قادة حماس -منذ اندلاع أحداث السابع من أكتوبر- لا تتوقف عن توجيه التهديدات تجاه إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة، وتدور جميعها عن أنها لن تخضع حتى يتحقق النصر لها، والسؤال الآن وبعد مرور أكثر من سنة ونصف على بدء الحرب: هل حققت حماس شيئاً من أهدافها؟ وإن حققت بعض الأهداف فهل يعتبر الثمن الذي دفعه الشعب الفلسطيني الذي تجاوز عدد قتلاه وجرحاه ما يقارب المئتي ألف قتيل وجريح ثمناً مكافئاً لتلك الأهداف التي وضعتها حماس؟ تعلم حماس أنها لا تحارب إسرائيل فقط وأنها تحارب أيضاً حليفتها الولايات المتحدة، فهل لديها من المال والعتاد ما يمكنها لأن تصمد لفترة أطول؟!
نعود أيضاً للتوغل الحوثي في اليمن ومقارعته للحكومة الشرعية وتحديه للمجتمع الدولي، وخاصة الدول العظمى كالولايات المتحدة وبريطانيا، وادعاؤه بأن لديه القدرة على تحطيم أساطيلهم في البحر، وأنه يمتلك من الأسلحة ما يجعله قادراً على تحدي -بل والتفوق على- ما لدى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وغيرها، فهل يفهم الحوثيون مغزى تلك التصريحات جيداً أم أنها مجرد دعاية كاذبة لذر الرماد في العيون نتيجة الضربات المتتالية التي تصيب كل يوم المدن والقرى اليمنية في مقتل؟!
ولعل أكبر كذبة (ليس في أبريل فقط بل على مدار العام كله) هي تصريحات ساسة إسرائيل برغبتهم في السلام مع دول المنطقة، والسلام الحقيقي لا يرتبط بالأقوال بل بالأفعال، فما هي يا ترى بوادر السلام التي أظهرتها إسرائيل؟ لقد صرح نتنياهو في عدة مناسبات أن قواته تخوض حرباً على عدة جبهات، وهذه حقيقة بالفعل، غير أن بعض هذه الجبهات (مثل سوريا الجريحة) لم تعلن الحرب على إسرائيل فلِمَ يحاربونها؟ من الواضح أن الحكومة السورية الحالية تحاول جمع شتات الأراضي التي مزقتها الحرب الأهلية وتضميد الجراح التي تسبب فيها نظام الأسد، فلماذا تقوم إسرائيل يومياً بقصف وقتل السوريين لمجرد أنهم حاولوا منع التوغل الإسرائيلي في أراضيهم؟!
ظاهرة الكذب السياسي ليست بجديدة بل هي منهج متبع حتى في العالم الغربي، وهذا النوع من الكذب أو النفاق السياسي هو ما يجعل مواطن أي دولة في حيرة من أمره، فالتصريحات لا تتسق مع الواقع، والأحداث التي تشهدها دول المنطقة اليوم هي نتاج كذبة غربية بدأت منذ عقود، عندما احتلت الولايات المتحدة العراق عام 2003 بحجة إسقاط نظام صدام حسين واستبداله بآخر ديمقراطي، ولا يزال العراق حتى اليوم يعاني من تبعات هذه الديمقراطية التي جلبتها الولايات المتحدة للمنطقة، كما أن الدعم الغربي لأحداث ما يسمى بالربيع العربي والنفخ في نيرانه هو ما تسبب في الفوضى العارمة التي حلت بالمنطقة حتى يومنا هذا، غير أنه على ما يبدو سيتعين على أي مواطن عربي تحمل ترهات الكذب طيلة العام، وليس خلال شهر أبريل فحسب.
أخبار ذات صلة
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : كذبة أبريل ! - تكنو بلس, اليوم الخميس 17 أبريل 2025 11:13 مساءً
0 تعليق