كتبت.. آلاء محمدي "خاص بالسعودية"

رحل عن عالمنا صباح اليوم الأربعاء 16 أبريل 2025 محمد الفايز وزير الخدمة المدنية بالسعودية عن عمر يناهز السابعة والثمانين عاماً، وخيم الحزن على جميع أرجاء المملكة، وذلك بعد مسيرة حافلة بالعطاء والإنجازات قضاها في خدمة الوطن الغالي وتقلد خلالها مناصب قيادية رفيعة في قطاعات العمل والخدمة المدنية، تاركاً إرثاً إدارياً ثرياً وذكرى طيبة في قلوب كل من عرفه وعمل معه.

من هو محمد الفايز وزير الخدمة المدنية بالسعودية؟

ولد الفقيد محمد العلي الفايز في عام 1937 ميلادياً في منطقة حائل، ونشأ وترعرع في المدينة المنورة، حيث تلقى تعليمه الأساسي، وحرص على الاستزادة من العلم والمعرفة، فحصل على درجة الليسانس في الحقوق من جامعة القاهرة، ثم واصل تحصيله العلمي العالي بحصوله على درجة الماجستير في الإدارة العامة من إحدى الجامعات المرموقة في الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا التأهيل العلمي الرفيع مكنه من امتلاك رؤية شاملة وفهم عميق لأصول الإدارة الحديثة، مما جعله رائداً ومؤثراً في تطوير العمل الإداري في المملكة.

وكان محمد الفايز وزير الخدمة المدنية بالسعودية قامة شامخة في سماء الإدارة السعودية، وشخصية محورية أسهمت بشكل فعال في رسم ملامح التطور الإداري والتنظيمي للمملكة على مدى عقود طويلة، وبدأت رحلته المهنية في معترك العمل الحكومي، حيث خطا خطوات واثقة وثابتة في سلم الترقي، مظهراً كفاءة واقتداراً نادرين، وسرعان ما برز اسمه كأحد الشخصيات المؤثرة وصاحبة الرؤى الثاقبة في مجال التنظيم الإداري، ليتبوأ مناصب قيادية عليا كان لها بالغ الأثر في مسيرة التنمية الشاملة التي شهدتها المملكة.

مسيرة محمد الفايز المهنية

مرت مسيرة محمد الفايز وزير الخدمة المدنية بالسعودية المهنية بالعديد من المحطات البارزة التي تركت بصمات واضحة المعالم على مختلف القطاعات التي عمل بها، وشهدت على تفانيه وإخلاصه في خدمة وطنه ومواطنيه، ومنذ بداياته في السلك الحكومي، أظهر الفايز نبوغاً إدارياً وقدرة فائقة على تحمل المسؤولية وإدارة الملفات المعقدة بكفاءة واقتدار، وتولي العديد من المناصب منها.

تولى الفقيد منصب محافظ المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وهي مرحلة مفصلية في مسيرته المهنية، حيث قاد دفة المؤسسة بحكمة وتبصر، ونجح في إحداث نقلة نوعية في تطوير النظام التأميني، وتعزيز دوره في توفير الحماية الاجتماعية للمواطنين والمقيمين في المملكة، لقد تركت بصماته الواضحة في تحديث آليات العمل وتوسيع مظلة التغطية التأمينية، مما ساهم في تحقيق الأمن والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للعديد من الأسر.

قبل أن يتبوأ منصب الوزارة، شغل الفقيد منصب وكيل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، حيث كان له دور فعال ومؤثر في دعم قضايا العمل والعمال، وتنظيم سوق الوظائف بما يخدم مصلحة أصحاب العمل والعاملين على حد سواء، لقد عمل بجد واجتهاد على تطوير الأنظمة واللوائح المتعلقة بسوق العمل، والسعي نحو توفير بيئة عمل جاذبة ومنتجة، كما أولى اهتمامًا خاصًا بقضايا الشؤون الاجتماعية وتقديم الدعم والرعاية للفئات المحتاجة في المجتمع.

بلغت مسيرته المهنية أوجها بتوليه حقيبة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لمدة تقارب ثلاثة عشر عاماً، وهي فترة حافلة بالإنجازات والمبادرات الهامة التي ساهمت في تطوير قطاعي العمل والشؤون الاجتماعية بشكل ملحوظ، وخلال هذه الفترة قاد الفايز جهوداً كبيرة في تعزيز حقوق العمال، وتطوير برامج التدريب والتأهيل، وتنظيم سوق العمل بما يواكب التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة، كما عمل على تطوير آليات تقديم الرعاية الاجتماعية وتوسيع نطاقها لتشمل أكبر شريحة ممكنة من المستحقين.

شهد القطاع الحكومي في عام 1420 تحولاً هاماً بتحويل ديوان الخدمة المدنية بالسعودية إلى وزارة رسمية، ليكتب للفقيد محمد العلي الفايز أن يكون أول من يتولى مسؤولية هذه الوزارة الوليدة، وخلال فترة توليه هذا المنصب الرفيع التي استمرت لثلاثة عشر عامًا أخرى، قاد الفايز جهوداً مضنية في بناء وتأسيس هياكل الوزارة وتنظيم عملها، ووضع الأسس المتينة لتطوير منظومة الخدمة المدنية في المملكة، لقد كان له دور ريادي في رسم السياسات المتعلقة بتنظيم شؤون الموظفين، وتطوير الأنظمة واللوائح الإدارية، والسعي نحو تحقيق الكفاءة والفاعلية في الأداء الحكومي.

سبب وفاة محمد الفايز

أعلنت مصادر مقربة من عائلة الوزير أن وفاته جاءت إثر صراع طويل ومرير مع أمراض الشيخوخة ومضاعفات صحية مزمنة ألمت به على مدى عدة سنوات، وشهدت حالته الصحية تدهوراً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، الأمر الذي استدعى نقله إلى أحد المستشفيات لتلقي الرعاية الطبية اللازمة، وعلى الرغم من الجهود المضنية التي بذلها الفريق الطبي إلا أن القدر كان له الكلمة الفصل.