نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"انتحار"... الصين تجد في ترامب حليفاً غير متوقع - تكنو بلس, اليوم الأربعاء 16 أبريل 2025 05:35 صباحاً
"قبل أسبوع، رأيتُ شيئاً لم يكن بإمكاني تخيله: وزراء التجارة من كوريا الجنوبية واليابان والصين يقفون جنباً إلى جنب ويشيرون إلى إمكانية أن ينسقوا ردودهم على تعريفات ترامب".
ربما لم يكن القائد الأسبق الأعلى لقوات الناتو جيمس ستافريديس المراقب الوحيد الذي فوجئ بالاجتماع الشهير بين وزراء خارجية الدول الثلاث أواخر آذار/مارس للتوافق على اتفاقية للتجارة الحرة، وعلى طول الطريق، إمكانية التنسيق للرد على رسوم ترامب. مع ذلك، يجب ألا تكون المفاجأة كاملة. في نهاية المطاف، عندما تفرض واشنطن على حليفتيها التاريخيتين كوريا الجنوبية واليابان رسوماً بقيمة معدلها 27 في المئة تقريباً، بينما تعفي روسيا من أي رسوم، يصبح التقرب من الصين خياراً معقولاً.
من الآثار السلبية للحرب التجارية الباردة ثم الساخنة فالباردة التي يشنها الرئيس الأميركي على العالم عدم تمكينها الإدارة من نقل جهودها ومواردها إلى شرق آسيا للتعامل مع صعود الصين. هذا على افتراض أنها تريد هكذا استدارة.
قد تسبقها إليها
من جهة، يعني هدف كهذا أن على الولايات المتحدة الاتفاق مع الدول الواقعة في غرب أوراسيا قبل الانتقال إلى شرقها. ما يظهر من سياسة ترامب أن الاتفاق صعب مع جميع دول العالم، داخل وخارج أوراسيا. من جهة ثانية، قد يقرر الأوروبيون تعزيز علاقاتهم مع الصين قبل الاستدارة الأميركية. ثمة قوى أوروبية تقود هذه المساعي، وفي مقدمتها إسبانيا التي زار رئيس وزرائها بيدرو سانشيز بكين الأسبوع الماضي، للمرة الثالثة في ثلاثة أعوام.
ويصعب نسيان محاولات فرنسية سابقة لتغيير النظرة الأوروبية إلى بكين. لا يزال تحذير الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من انجرار القارة إلى صراع في مضيق تايوان ماثلاً في الأذهان. لقد أطلق ماكرون التصريح سنة 2023 أي في ولاية بايدن المؤيد للعلاقات العابرة للأطلسي.
(الرئيس الصيني شي جينبينغ يستضيف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، 2023 - أب)
وخلال الأسبوع الماضي أيضاً، أجرى مسؤولون من اسكتلندا وفنلندا زيارات إلى الصين في إشارة إلى تغيرات محتملة في المشهد الثنائي. وقبل أيام، أعلن متحدث باسم المفوضية الأوروبية أن بروكسل والصين توصلتا إلى اتفاق لدراسة إمكانية تحديد أسعار دنيا للسيارات الكهربائية الصينية، كبديل عن الرسوم الجمركية الأوروبية.
بالتأكيد، ثمة مسافات كبيرة تفصل الأوروبيين والصينيين عن التعاون الوثيق، خصوصاً مع عدم ضغط الصين على روسيا لوقف حربها على أوكرانيا، إضافة إلى خلافات تجارية أخرى. لكن ما تفعله الإدارة الأميركية هو أنها، وبالحد الأدنى، تقلص تلك المسافات.
"انتحار استراتيجي"
مع وضع أوروبا جانباً، تعني التداعيات السلبية للحرب التجارية على الاقتصاد الأميركي وجود أموال أقل في الخزانة الأميركية وبالتالي موارد عسكرية أقل لنقلها إلى شرق آسيا، وهو أمر بديهي ذكّر به ستافريديس في مقال نشرته "بلومبرغ" الأسبوع الماضي.
وأشار الكاتب المتخصص في الأمن الدولي إيغور دسياتنيكوف إلى أن رسوم ترامب تدفع دول شرق آسيا إلى خفض علاقاتها التجارية مع أميركا مع زيادتها بين بعضها البعض. بحسب تعبيره، لا تخسر الولايات المتحدة شركاء في المنطقة وحسب بل أيضاً مجموعة من سلاسل التوريد المرتبطة بتطوير قطاعات الجيل التالي من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات وغيرها. وأضاف في موقع "جيوبوليتيكال مونيتور" أنّ "رسوم ترامب ليست مكلفة اقتصادياً وحسب – إنها انتحارية على المستوى الاستراتيجي".
حتى أسس الحرب التجارية الأميركية غير واضحة المعالم. إن اللغط الأخير حول رفع الرسوم عن الهواتف الذكية والسلع الإلكترونية الأخرى والتي أوضح وزير التجارة هوارد لوتنيك لاحقاً أنها ستكون مشمولة برسوم مستقبلية مغايرة هو أحد الأمثلة على ذلك. يصعّب هذا الأمر الحفاظ على الثقة، أو ما تبقى منها، بسياسات الولايات المتحدة.
ما لم تكن الصين مستعدة له
يشهد الأسبوع الحالي زيارات يقوم بها الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى فيتنام وماليزيا وكمبوديا وقد وصفتها وكالات بأنها "هجوم ساحر". مكّنت رسوم ترامب على الدول الثلاث والتي تراوحت بين 24 و49 في المئة، من جعل ظروف تلك الزيارة شبه مثالية. علّق ترامب معظم تلك الرسوم لتسعين يوماً، لكن ما من ضمانة بتمديد أو إلغاء التعريفات بعد هذه الفترة. ووقع شي مع فيتنام اتفاقية لدراسة جدوى بشأن خط للسكك الحديدية تدعمه قروض صينية بالمليارات. هذا بالرغم من أن العلاقات بين الحزبين الشيوعيين الحاكمين ليست مثالية.
ولا تنحصر الأضرار التي ألحقتها واشنطن بنفسها في شق الرسوم. فقطع برامج مساعدات "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" بما يفوق 80 في المئة يخاطر بمفاقمة الأزمات الإنسانية في جنوب شرق آسيا، مما يولّد فرصاً إضافية للمسؤولين الصينيين.
على أبواب الانتخابات الأميركية الماضية، أثيرت تكهنات عما إذا كانت الصين تفضل بايدن على ترامب. جادل مراقبون بأن الصين، ومهما كانت تفضيلاتها، أضحت أفضل استعداداً للمرشح الجمهوري.
لكن على الأغلب، هي لم تكن مستعدة لهذا المقدار من الهدايا السخية.
0 تعليق