نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
قلق أوروبي من حرب شاملة مع روسيا... ما السيناريوات وإمكانيات الردع الاستراتيجية؟ - تكنو بلس, اليوم الأربعاء 16 أبريل 2025 05:21 صباحاً
أظهر تقييم مشترك لكل من وكالة الاستخبارات الخارجية والقوات المسلحة الألمانية، بالإضافة إلى مصادر مفتوحة كصور الأقمار الصناعية والتحليلات الأوروبية للوضعين الاقتصادي والعسكري، أن خطر وقوع هجوم روسي على أراضي حلف شمال الأطلسي أصبح أكبر من أي وقت مضى. فما هي السيناريوات المحتملة، وما مدى المخاطر؟ وهل تمتلك أوروبا الإمكانيات الاستراتيجية الكافية للردع؟
أسلحة نووية روسية في الفضاء
تشير قراءات خبراء عسكريين إلى أن السيناريوات المحتملة تتراوح بين الهجمات الهجينة، والاحتلال المحدود لأراضٍ تابعة لدول الحلف، واستهداف شركات الأسلحة أو البنى التحتية الحيوية، بالإضافة إلى الهجمات تحت "العلم الزائف" وأخرى إلكترونية. ويجري كل ذلك وفقاً للعقيدة العسكرية الروسية التي تجيز التدخل العسكري خارج الحدود لحماية المواطنين الروس.
في هذا السياق، أدلى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته بتصريحات مثيرة لصحيفة "دي فيلت"، أعرب فيها عن مخاوف "الناتو" من أن تتمكن روسيا مستقبلاً من خوض حروب في الفضاء، استناداً إلى تقارير تؤكد سعيها لاستخدام أسلحة نووية فضائية قادرة على تدمير مئات الأقمار الاصطناعية، ما ستكون له تبعات كارثية على الأرض. ويُعتبر هذا التوجه بمثابة محاولة لتحسين القدرات الروسية، وهو ما يثير قلقاً بالغاً في أوروبا.
وحذّر روته من أي خرق لمعاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967، الموقّعة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، والتي أصبحت جزءاً من القانون الدولي. فالمعاهدة تهدف إلى ضمان الاستخدام السلمي للفضاء وتمنع نشر أسلحة دمار شامل فيه، فضلاً عن احتواء سباق التسلح. كما أشار إلى ضرورة مراقبة الأقمار الاصطناعية في القطب الشمالي، مع تصاعد الحركة الصينية والروسية في الطرق البحرية هناك وعسكرة بعض المناطق.
جندي روسي يركب دراجة في أوكرانيا. (ا ف ب)
صراع منهجي مع الغرب
هذه التطورات عززت قناعة لدى خبراء الأمن والسياسة الدولية، من بينهم البروفيسور كارلو ماسالا من جامعة الجيش الألماني، بأن لا هدنة في أوكرانيا ولا إنهاء للحرب سيعيدان السلام إلى أوروبا. فروسيا، بوصفها قوة إمبريالية، تستعد لحرب كبرى، على الأرجح ستكون هجينة وعسكرية في آن، وتشمل عنصر المفاجأة لاختبار عزيمة "الناتو".
ويؤكد محللون أن هذه الخطوات تشكل تحدياً واضحاً للحلف، وأن وقف إطلاق النار في أوكرانيا سيكون أشبه باستراحة موقتة تستغلها روسيا لإعادة تنظيم قواتها المسلحة. ويواكب ذلك حالة عدم اليقين في أوروبا بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة، ستبقى ملتزمة بالكامل بدعم "الناتو" في أوقات الطوارئ.
وفي هذا الإطار، يقول الخبير في الشؤون الأوروبية توماس برغمان، لـ"النهار"، إن "القناعة راسخة في أوروبا بأن روسيا ترى نفسها في صراع منهجي مع الغرب، وهي مستعدة لتحقيق أهدافها باستخدام القوة العسكرية". ويعتبر أن "لا مؤشرات حقيقية" من موسكو على استعدادها للتسوية، مؤكداً أن أجهزة الاستخبارات الأوروبية ترى أن "روسيا، رغم العقوبات، لا تزال قادرة على تنفيذ عمل عسكري محدود ضد إحدى دول الناتو قريباً".
ويضيف برغمان أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "قد يستغل تباطؤ دعم واشنطن لأوكرانيا، ويرى في المعطيات الحالية ما يغريه بالاعتقاد بأن النصر ممكن".
ورأت الخبيرة في السياسة العسكرية الروسية مارغريت كلاين، بدورها، أن موسكو تدرس خطواتها بدقة، وتسعى لتقويض "الناتو" دون الوصول إلى قطيعة كاملة مع واشنطن. وشددت على ضرورة أن تطور أوروبا قدراتها الدفاعية والردعية، بدلاً من الوقوع في وهم "السلام الموعود"، وعدم السماح لموسكو بالخروج من حرب أوكرانيا أقوى ومحققة لأهدافها.
استراتيجيات الردع
وبشأن قدرة "الناتو" على منع روسيا من تنفيذ هذه الاستراتيجيات، نقلت صحيفة "تاغسشبيغل" عن المؤرخ العسكري سونكه نايتزل، رئيس برنامج دراسات الحرب والصراع في جامعة بوتسدام، أن "جميع المؤشرات الأمنية تفترض أن روسيا ستختبر الناتو في السنوات المقبلة". وأضاف أن موسكو ستستخدم الحرب الهجينة لاختبار استعداد الحلف وجديته، ومعرفة ما إذا كان مستعداً للقتال أو خائفاً من التهديدات النووية.
من وجهة نظر نايتزل، يجب أن تكون أوروبا جاهزة، إذ إن توقيت التحرك الروسي يرتبط بعوامل عدة، منها مسار الحرب في أوكرانيا، والعلاقات عبر الأطلسي، ومدى تصميم أوروبا على إعادة التسلّح. وأشار إلى أنه "لا يمكن مواجهة القوة الروسية بالديبلوماسية أو الاقتصاد فقط، بل لا بد من وحدة سياسية وجهوزية عسكرية".
كذلك، حذّر من مناورات "زاباد 2025" التي تخطط لها روسيا في بيلاروسيا، معتبراً أنها تهدف إلى "ترهيب أوروبا".
وأوصى نايتزل بضرورة تعبئة القوات عند الحاجة، وتعزيز التواجد العسكري في دول البلطيق، ومنح القائد الأعلى لقوات الحلفاء في أوروبا صلاحيات مرنة لاتخاذ ما يلزم عسكرياً. وحالياً، تضم قوة الاستجابة التابعة للناتو 45 ألف جندي، ويسعى الحلف إلى رفع العدد إلى 300 ألف في حالة تأهب قصوى على المدى الطويل.
وفي ما يخص التحديات الفضائية، أفادت تقارير أمنية بوجود تعاون استخباراتي بين الحلفاء، وتأسيس قيادات فضائية وطنية، إلى جانب تطوير أقمار صناعية صغيرة أكثر قدرة على المناورة والحماية، نظراً لما يشكله الفضاء من أهمية استراتيجية في الردع والدفاع. إذ تتيح الأقمار الاصطناعية مراقبة التحركات المشبوهة وضمان الاتصالات الآمنة والمرنة لقوات "الناتو".
من جهة أخرى، رأى خبير الأمن غوستاف غريسيل من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن الأوروبيين يفتقرون إلى أنظمة الحرب الإلكترونية والقدرات الدفاعية الكافية للتصدي للطائرات المسيرة، ما يجعلهم عرضة لأي تحرك روسي مفاجئ، خصوصاً بعد نصر محتمل في أوكرانيا.
أسئلة عدة تُطرح: ما مدى واقعية تحقيق روسيا لانتصار كهذا؟ وكم ستكون تكلفته؟ وفي أي حال سيكون عليه الجيش الروسي بعده؟ وهل تستطيع روسيا تعويض الخسائر الفادحة في أسلحتها؟
0 تعليق