القاهرة (خاص عن مصر)- تواجه الولايات المتحدة، بدينها القومي الذي يتجاوز 36 تريليون دولار، واقعًا اقتصاديًا مُقلقًا مما أثر علي ارتفاع سعر الذهب عالميا. إذ يتجاوز دينها، الذي يُمثل الآن 122% من الناتج المحلي الإجمالي، المعدلات التاريخية، بل ويتجاوز الرقم الذي سُجّل خلال الحرب العالمية الثانية.

وفقا لتحليل التليجراف البريطانية، بعد أن كانت منارةً للقوة الاقتصادية، تُنفق الولايات المتحدة الآن على خدمة ديونها أكثر مما تُنفق على جيشها، وهو تحولٌ كبيرٌ عن الماضي عندما كان الإنفاق الدفاعي يحظى بالأولوية. ورغم ذلك، تستهلك برامج مثل الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي مواردَ أكثر، مما يُظهر اختلالًا في النظام المالي.

الثقة العالمية في الدين الأمريكي: تآكل الثقة

لطالما كان النظام المالي الأمريكي ركيزةً أساسيةً للاستقرار الاقتصادي العالمي. وتمتلك دولٌ مثل اليابان والصين والمملكة المتحدة حصصًا كبيرةً من الدين الأمريكي، مما يُعزز الثقة في الآليات المالية للبلاد.

إلا أن التحولات السياسية الأخيرة، لا سيما في عهد الرئيس دونالد ترامب، ألقت بظلالٍ من الشك على هذه الثقة. في أقل من 100 يوم، تصاعدت المخاوف بشأن الإدارة المالية الأمريكية، وبدأ المستثمرون يتساءلون عما إذا كان ينبغي عليهم الاستمرار في دعم الدين الأمريكي.

صراع ترامب الاقتصادي

أثار نهج الرئيس المتقلب في السياسة الاقتصادية حالةً كبيرة من عدم اليقين. وأثارت سياسات ترامب المتعلقة بالرسوم الجمركية مخاوف بشأن تأثيرها على أسواق الدين الأمريكية. وكانت العواقب جليةً عندما تردد كبار مستثمري الديون في شراء سندات الخزانة الأمريكية، مما تسبب في ارتفاع تكاليف الاقتراض وزيادة تقلبات السوق.

تعكس التغييرات المتكررة في سياسات الرئيس، بما في ذلك تعليق الرسوم الجمركية على الإلكترونيات الصينية، صراعه الداخلي بين غرائزه الانعزالية وأيديولوجية السوق الحرة. وتساهم هذه التناقضات في تزايد المخاوف من أن الاقتصاد الأمريكي قد يتأرجح على حافة أزمة مالية كبرى.

سعر الذهب عالميا: المعدن الأصفر كملاذ آمن

في أوقات عدم اليقين المتزايد، برز الذهب كملاذ آمن للاستثمار. مع تزايد مخاطر التضخم ومخاوف الركود، يتجه المستثمرون نحو المعدن النفيس، مما يرفع سعره إلى مستويات قياسية. ويُنظر إلى استقرار الذهب على أنه تحوّط ضد التقلبات السياسية والاقتصادية، حيث يتوقع خبراء ماليون أن المزيد من تخفيضات أسعار الفائدة في الولايات المتحدة لن يؤدي إلا إلى ارتفاع قيمة الذهب.

يؤكد دومينيك شنايدر، من إدارة الثروات العالمية في يو بي إس، أن الإجراءات المستقبلية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي ستعزز على الأرجح صعود الذهب، مما يشير إلى تزايد عدم الاستقرار الاقتصادي في المستقبل.

اقرأ أيضًا: شركات الاستحواذ تلجأ لصناديق الثروة بالخليج كمستثمرين موثوقين وسط الحرب التجارية

الرسوم الجمركية والصراعات الاقتصادية الداخلية

امتد تأثير رسوم ترامب الجمركية إلى جميع أنحاء الاقتصاد الأمريكي. فبينما تم إعفاء بعض الأجهزة الإلكترونية الفاخرة، لا تزال العديد من السلع منخفضة التكلفة – التي يشتريها عادةً الأمريكيون من الطبقة العاملة – مثقلة برسوم جمركية باهظة.

يشير اقتصاديون مثل نورييل روبيني إلى عبثية فرض ضرائب على منتجات لم تعد الولايات المتحدة تُصنّعها، بينما يواجه الشعب الأمريكي ارتفاعًا في التكاليف. مع استمرار تعثر مفاوضات التجارة مع الصين، بدأت عواقب حرب ترامب الجمركية تتضح، مسببةً ضائقة مالية على الصعيدين المحلي والعالمي.

ارتباك داخلي: الصراع داخل رؤية ترامب الاقتصادية

تزداد التناقضات الداخلية في استراتيجية ترامب الاقتصادية وضوحًا. فرؤيته لأمريكا المُنعشة تتعارض مع واقع التجارة العالمية والهياكل الاقتصادية الحديثة.

بتشبثه بمفاهيم عتيقة عن الاستثنائية الأمريكية وتجاهله الحاجة إلى إعادة ابتكار هيكلي، يُخاطر ترامب بتقويض النظام الذي جعل الولايات المتحدة قوة اقتصادية عالمية. والنتيجة؟ أمة عالقة بين خطاب الانعزالية وبراغماتية السوق الحرة، بينما يتأرجح نظامها المالي بين ميزان حساس.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط