كتب .. مصطفى محمود

أطلق مصرف ليبيا المركزي، اليوم الإثنين، جولة جديدة من مشاورات المادة الرابعة مع صندوق النقد الدولي، بهدف تقييم الأداء الاقتصادي للبلاد ودعم جهود الإصلاح المالي والنقدي. وشارك في هذه المشاورات فرق فنية متخصصة من عدد من المؤسسات السيادية والوزارات المعنية.

وتأتي هذه المشاورات في وقت حرج، حيث شهدت ليبيا مؤخراً تخفيضاً ملحوظاً في قيمة الدينار الليبي بنسبة 13.3%، مما أثار جدلاً واسعاً. حيث بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي 5.5677 دينار، بدلاً من 4.48 دينار، ما دفع مجلس النواب إلى الدعوة لجلسة مساءلة عاجلة لمحافظ مصرف ليبيا المركزي.

ومن المتوقع أن تمهد هذه المشاورات الطريق لإصلاحات أوسع تشمل إعادة هيكلة الدعم، توحيد سعر الصرف، وتحسين كفاءة الإنفاق العام. إلا أن تنفيذ هذه الإصلاحات يبقى مرهوناً بالتعاون بين المؤسسات المالية والرقابية، وتوافر إرادة سياسية موحدة في الدولة التي تعاني من الانقسامات.

وقد شارك في الجلسة ممثلون عن عدة وزارات ليبية، من بينها المالية، الاقتصاد والتجارة، التخطيط، العدل، التعليم والصحة، بالإضافة إلى ديوان المحاسبة، هيئة الرقابة الإدارية، المؤسسة الوطنية للنفط، ومصلحة الإحصاء والتعداد.

وأشار مصرف ليبيا المركزي إلى أن القرار بتخفيض قيمة الدينار جاء نتيجة لارتفاع الإنفاق الحكومي الذي بلغ 224 مليار دينار ليبي (حوالي 40.4 مليار دولار) في عام 2024، مما أدى إلى تسجيل عجز مالي غير مسبوق قُدّر بنحو 136 مليار دينار (24.5 مليار دولار)، مؤكدًا أن هذا التحرك يهدف إلى تقليص الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازية، وتحسين موارد الدولة من النقد الأجنبي.

وكان صندوق النقد الدولي قد اختتم في مايو 2024 مشاورات المادة الرابعة السابقة، محذراً من استمرار اعتماد الاقتصاد الليبي شبه الكامل على قطاعي النفط والغاز. ودعا إلى تبني رؤية اقتصادية وطنية شاملة على المدى القصير والمتوسط، مشدداً على ضرورة معالجة العوامل الهيكلية التي تؤثر على سعر الصرف وتجنب السياسات المالية التي تساهم في تقلبات اقتصادية حادة.