اختارت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني أن تخالف التقاليد المعتادة في تقديم الهدايا الرسمية، حين استقبلت العاهل البريطاني الملك تشارلز الثالث وزوجته الملكة كاميلا خلال زيارتهما الرسمية إلى روما الأسبوع الماضي.

فبدلاً من تقديم رموز ثقافية تقليدية مثل الزيوت الفاخرة أو الهدايا التذكارية، سلّمت ميلوني للملك والملكة عبوتين مخصصتين من نوتيلا، إحداهما مكتوب عليها "Charles" والأخرى تحمل اسم "Camilla" بخط ذهبي أنيق.

اللقاء في فيلا بامفيلي

وجرت مراسم تقديم الهدية خلال اللقاء الرسمي الذي جمع ميلوني بالعاهل البريطاني في "فيلا دوريا بامفيلي"، أحد أبرز المعالم التاريخية في العاصمة الإيطالية، والتي تحولت لواجهة رسمية لاحتضان اللقاءات الدولية رفيعة المستوى.

وفي تلك الأجواء، قدّمت ميلوني الهدية مرفقةً بملاحظة مكتوبة بخط يدها جاء فيها: "هدية مفيدة للاستمتاع بها على الأريكة في الأيام الممطرة."

وبينما بدت اللفتة بسيطة، إلا أنها كانت محمّلة بدلالات رمزية، كونها تعبّر عن رغبة ميلوني في تقديم صورة قريبة من الناس للعلاقات الدولية، وتخليها الواعي عن الرتابة الرسمية التقليدية في الهدايا. كما تعكس نوعاً من المزاح اللطيف الذي قد يكون هدفه خلق لحظة ودّ غير متوقعة في سياق سياسي رسمي.

استجابة فورية لطلب ميلوني

من جانبها، أكدت شركة "فيريرو" الشهيرة، المصنّعة لنوتيلا، أنها استجابت بسرور لطلب من رئاسة الوزراء الإيطالية لإعداد عبوتين مخصصتين من منتجها الأشهر في العالم، ليتم تقديمهما ضمن الهدايا الرسمية للدولة.

وقال المتحدث باسم الشركة: "لقد سُعدنا للغاية بطلب رئيسة الوزراء، وقد قمنا على الفور بتحضير عبوتين بنقوش تحمل أسماء الملك والملكة، ليتم تقديمهما كهديتين تعكسان الطابع الإيطالي العصري."

وبحسب مصادر إعلامية محلية، فقد نُقلت العبوتان داخل أكياس خاصة حملت اسمي "Carlo" و"Camilla" باللغة الإيطالية، ما يعكس اهتماماً بالتفاصيل من قبل الجهة المانحة.

جولة دبلوماسية في إيطاليا: من روما إلى رافينا

زيارة الملك تشارلز والملكة كاميلا إلى إيطاليا جاءت في إطار جولة رسمية تعد الأولى من نوعها هذا العام، وذلك رغم مواصلة الملك علاجه من مرض السرطان. تنقّل الزوجان الملكيان بين العاصمة روما ومدينة رافينا، حيث استقبلا بحفاوة لافتة من المواطنين الذين احتشدوا تحت أشعة الشمس الربيعية، حاملين الأعلام البريطانية ومترقبين لحظات مرور الموكب الملكي.

ومن أبرز محطات الزيارة، خطاب الملك أمام البرلمان الإيطالي، حيث دخل التاريخ كأول ملك بريطاني يتحدث أمام المؤسسة التشريعية الإيطالية. وقد أدهش الحضور باستخدامه اللغة الإيطالية في خطابه، مما قوبل بردود فعل إيجابية، خصوصاً حين قال مازحاً إنه لا يريد "تشويه لغة دانتي أليغييري"، ما أشعل القاعة بالضحكات، وأعقبه تصفيق حار.

وتطرّق الملك في خطابه إلى أهمية التحالف بين البلدين، مؤكداً أن "السلام لا ينبغي افتراضه كأمر مسلم به"، مضيفًا: "بريطانيا وإيطاليا تقفان معاً دفاعاً عن القيم الديمقراطية التي نتشاركها".

وخلال زيارتهما، التقى الملك والملكة بالبابا فرنسيس في مقر إقامته داخل الفاتيكان، حيث لا يزال يتعافى من إصابته بالتهاب رئوي. وقد أضفت هذه الزيارة طابعاً إنسانياً وروحياً على الجولة الملكية، خصوصاً أنها جمعت بين رمزين دينيين وسياسيين في لحظة بعيدة عن أضواء السياسة المباشرة.

وفي ختام الزيارة، شارك الملك والملكة في مأدبة رسمية أقامها الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا في قصر كويرينالي التاريخي، لتتزامن مع الذكرى العشرين لزواجهما، مما أضفى بعداً دافئاً على المناسبة السياسية.

ميلوني ونوتيلا: تقليد شخصي يتحول إلى دبلوماسية ناعمة

هذه ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها ميلوني نوتيلا كوسيلة للتقارب. ففي موسم الأعياد الماضي، أهدت وزراء حكومتها عبوات نوتيلا مخصصة، مرفقة برسالة تُشير إلى طرق استخدامها، في خطوة أثارت إعجاب البعض وسخريّة البعض الآخر، لكنها أثبتت أن زعيمة إيطاليا تحسن استخدام الرموز البسيطة لتوصيل رسائل سياسية ناعمة وغير مباشرة.