المفاوضات النووية وتفكك وحدة النظام: خامنئي في مأزق الانقسامات الداخلية! - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المفاوضات النووية وتفكك وحدة النظام: خامنئي في مأزق الانقسامات الداخلية! - تكنو بلس, اليوم الاثنين 14 أبريل 2025 04:56 صباحاً


مع المفاوضات النووية "غير المباشرة" مع الولايات المتحدة في سلطنة عمان، يشهد نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية موجة غير مسبوقة من الخلافات الداخلية المتفاقمة التي تكشف عن هشاشة بنيته السياسية. فبينما لا يزال مرشد النظام علي خامنئي يحتكر سلطة السياسة الخارجية، تتعالى أصوات المعارضين من داخل معسكره، وتُطرح شكوك علنية في شرعية هذه المفاوضات وفاعليتها، في مؤشر واضح إلى تراجع سلطته في منعطف حرج.

تناقض في القول والفعل
كان خامنئي قد وصف في 8 شباط/ فبراير 2025 التفاوض مع أميركا بأنه "غير عقلاني وغير حكيم وغير شريف"، واعتبره خطاً أحمر للنظام. لكن الإعلان المفاجئ لوزير الخارجية عباس عراقجي،  في 7نيسان/ أبريل، عن عقد "مفاوضات غير مباشرة رفيعة المستوى" يوم السبت 12نيسان، أحدث صدمة في أوساط النظام. وصرّح دونالد ترامب، من جانبه، في اليوم نفسه بلهجة تهديدية: "إذا فشلت المفاوضات، سيواجه النظام الإيراني خطراً كبيراً، لأن إيران يجب ألا تمتلك سلاحاً نووياً بأي حال من الأحوال". هذا التحوّل المفاجئ أشعل نيران الغضب والارتباك بين أجنحة النظام. 
وللإیضاح، عندما نتحدث عن الأجنحة الداخلیة للنظام یجب أن لا يتبادر إلی الأذهان تلك التکتلات السیاسیة الموجودة‌ في مختلف البلدان في العالم، والتي یوجد فیها هامش من اللیبرالیة أو الدیموقراطیة، أو حتی مناخ سیاسي شبه مفتوح یمکن فیه التعبیر عن آراء مختلفة عن الرؤیة الرسمیة الحاکمة.... لا، لا أبداً... فمجمل الأجنحة الداخلیة لنظام ولایة الفقیه هي محسومة الولاء والانتماء إلى ولایة الفقیه، وهذا یعني المشارکة قلباً وقالباً في كلّ حملات الإعدام والنهب والقمع في داخل البلاد، فضلاً عن نشر الإرهاب والحروب خارج الحدود الإیرانیة جملة وتفصیلا!

انفجار الخلافات في البرلمان ومنابر صلاة الجمعة
في 9 نيسان، شنّ النائب صباغيان بافقي هجوماً على عراقجي محذراً: "المؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين. لا تنخدعوا بجزرة ترامب وعصاه، وإلا سيقارنكم الشعب بالمتورطین في معاهدتي تركمانجاي وغولستان سیّئتي الصیت". وصرخ النائب أحمدي: "ألم يقل خامنئي إن التفاوض مع أميركا غير شريف؟ كيف يتفاوض وزيرنا مع قاتل سليماني؟". وأضاف نائب محافظ: "العدو يقول إما الاستسلام أو الدم. أعمى من لا يرى ذلك".
امتدت هذه التوترات إلى منابر صلاة الجمعة. ففي 11نيسان، وصف إمام جمعة مدینة مشهد، وممثل خامنئي في محافظة خراسان، السيد أحمد علم الهدى، المفاوضات بأنها "تتعارض مع العزة الوطنية". وقال آخوند محمد مهدي حسيني في كرج: "نتفاوض من موقع قوة"، لكنه أضاف: "العدو يريد إضعاف ثقة الشعب بالنظام". وطالب إمام جمعة شيراز، لطف الله دجكام، بالاتّباع المطلق لخامنئي. لكن في همدان، أعرب حبيب الله شباني عن قلقه بشأن "الاستقطاب السياسي". واعتبر محمد فاطمي في شهركرد أن الخطر الرئيسي هو "الفتنة الداخلية" قائلاً: "خوفنا ليس من نشوب الحرب، بل من سوء استغلال البعض لشعار السلام".

محاولات التبرير واحتواء الأزمة
وقال جواد لاريجاني، وهو منظّر مقرّب من خامنئي، وشقيق علي وصادق لاريجاني، في 10نيسان: "لماذا التفاوض؟ كان بإمكاننا الاکتفاء بتبادل الرسائل. الآن سيقولون إننا أجبرنا إيران على الجلوس إلى الطاولة حتى بعد قتل الجنرال سليماني!" وزاد: "لن نتنازل قيد أنملة عن قدراتنا النووية"، فيما أعلن رئيس منظمة الطاقة الذرية محمد إسلامي، في محاولة لتهدئة المتشدّدين: "لقد تجاوزنا كل الخطوط الحمر  المفروضة".، لكن هذه التصريحات لم تفلح في تهدئة غضب أنصار النظام.
ودافع رئيس تحرير جريدة "كيهان" حسين شريعتمداري عن المفاوضات قائلاً: "لم يكن ليحدث هذا من دون موافقة المرشد". لكنّه حذّر من تجاوز الخطوط الحمراء. وبلهجة أكثر اعتدالًا، قال الأمين السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني: "يذهب عراقجي بصلاحيات كاملة للتوصل إلى اتفاق عادل". وزعم  إمام جمعة طهران آخوند كاظم صديقي أن "إيران نووية بالكامل، ولا يمكن لأيّ مفاوضات أن تغيّر هذه الحقيقة".

وسائل الإعلام والخوف من المستقبل
عكست وسائل الإعلام الحكومية بدورها هذا الانقسام والخلافات. وحذّرت قناة "جريان": "ألم ننس مصير القذافي؟ لماذا نسقط في فخ المفاوضات؟". لكن المتحدثة باسم حكومة بزشكيان فاطمة مهاجراني وصفت المفاوضات بأنها "عقلانية وحكيمة". وكتب موقع "فرارو": "بحلول آب/ أغسطس 2025، ستفعّل أوروبا آلية الزناد، والتوصل إلى اتفاق ضروري لتجنب العقوبات الشاملة"، كما أكدت صحيفة "دنياي اقتصاد": "الغرب سيفعل الزناد إذا فشلت المفاوضات". وبحسرة، قال فريدون مجلسي، وهو دبلوماسي سابق: "لقد أفسد البعض الاتفاق النووي، والآن نتمنى العودة إليه".

مأزق النظام وغروب الاستعراض!
هذه الخلافات التي وصلت إلى وسائل الإعلام الرسمية ومنابر صلاة الجمعة، هي مؤشر إلى تخلخل غير مسبوق في داخل أروقة الحكم. فالاقتصاد المنهار، والغضب الشعبي المتزايد، والعجز عن الحفاظ على وحدة الجبهة الداخلية، تشكّل تحدّياً لسلطة خامنئي. والمفاوضات بالنسبة إلى بعضهم هي طوق نجاة ولبعضهم الآخر استسلام. لقد وقع النظام في مأزق استراتيجي: إمّا أن يقبل بخطر الانهيار الاقتصادي والعزلة الدولية، وإمّا أن يتحمّل غضب المتشدّدين واحتمال انتفاضة الشعب بالتفاوض. 

الخلاصة
حتی الآن لم تعجز  المفاوضات النووية عن تقديم حلول لأزمات النظام فحسب، بل كشفت وتکشف عن انقسامات عميقة في داخله. فمن تناقضات خامنئي إلى صرخات نواب البرلمان ومنابر صلاة الجمعة، يغرق النظام في دوامة من الانشقاقات العميقة. ومهما كان مستقبل المفاوضات، فإن هذا القدر من الفوضى الداخلية يشير إلى أن أسس النظام أصبحت أكثر اهتزازاً من أي وقت مضى؛ وضغط الشعب والانهيار الداخلي هذه المرة هما من سيحددان المصير.

* عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق