مفاوضات مسقط لـ"تغيير وجه" إيران - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مفاوضات مسقط لـ"تغيير وجه" إيران - تكنو بلس, اليوم الأحد 13 أبريل 2025 08:29 مساءً

  
من بدء التفاوض الأميركي - الإيراني في أجواء هادئة، إلى قبول ميليشيات عراقية موالية لإيران تسليم سلاحها واستعداد "حزب إيران/ حزب الله" اللبناني لحوار في شأن أسلحته، إلى اقتراب التوصل إلى اتفاق جديد لوقف لنار في غزة وتبادلٍ للأسرى، وصولاً إلى زيارة الرئيس الأميركي الى السعودية خلال أيار (مايو) المقبل... تتبدّى ملامح مرحلة جديدة في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي. 

تتحدّث أوساط الإدارة الأميركية عن "صفقة كبيرة" تضعها تحت عنوان "التطبيع" العربي- الإسرائيلي، وتبدو للمرّة الأولى منذ ثمانية عشر شهراً مقتنعة بوجوب وقف الحرب في قطاع غزّة، بل مستعدة لإعطاء "ضمان مكتوب وعلني" بأن اتفاقاً، ولو موقتاً، في غزة سيتضمن في مرحلةٍ ما تفاوضاً على انهاء الحرب.

 

ومع إضافة التفاوض مع إيران والحوار بين تركيا وإسرائيل على "آلية لتفادي الصدام" بينهما في سوريا، تظهر معالم ما تعدّه إدارة دونالد ترامب، فيما هي تركّز على إنهاء حرب أوكرانيا وتتهيّأ لـ"حرب تجارية" مع الصين قد لا تبقى "سياسية" أو في حدود المزايدة برفع الرسوم الجمركية.

 

كان لا بدّ من أن يبدأ ترامب من خطوة محددة: فرملة بنيامين نتنياهو الذي يمدّد الحرب على غزّة ويستمر في التوتير مع لبنان وفي التغوّل داخل سوريا، متنقّلاً من استفزاز مصر الى تحدّي تركيا، ومواصلاً استعدادات علنية لضرب إيران بموافقة وتنسيق أميركيين... وكلّ ذلك لإرضاء ائتلاف المتطرّفين في حكومته وبقائه في الحكم. هي فرملة يحتاج إليها "الحليف الأكبر" لتمرير مصالحه من دون أن يُظهر أي تراجع في دعمه المطلق لـ"الحليف الأصغر". 

 

لا يحبّذ ترامب الهبوط في الرياض أو جدّة للحديث عن الصفقات والاستثمارات و"التطبيع" فيما لا تزال "حرب الإبادة" مستمرّة وقضية الرهائن عالقة في غزّة، لكنّ ثمة غموضاً يلفّ ما يمكن واشنطن- المتطرّفة بدورها- أن تغيّره في أجواء المنطقة لجعل صفقة "التطبيع" ممكنة ومنطقية وواعدة فعلاً بالسلام. ذاك أن ترامب نفسه لم يتخلّ عن خطة تهجير الغزّيين ولم يعلن قبولاً للخطة المصرية- العربية لإعمار القطاع، ثم أن "المنطقة العازلة" التي أقامتها إسرائيل باحتلال أراضٍ في قطاع غزة لا تتناقض مع أي "ضمان" أميركي محتمل لشروط اتفاق تبادل الأسرى فحسب، بل تنسف فكرة إنهاء الحرب وكلّ ما يتعلّق بالانسحاب من القطاع بعد تقليص مساحته بضمّ رفح إلى المنطقة المحتلّة، كما تعقّد دخول المساعدات الإنسانية وإعادة الخدمات الأساسية. كيف سيستقيم "التطبيع" في هذه الحال، وكيف يمكن التأسيس لـ"سلام" دائم تحول الاحتلالات الإسرائيلية من دون أن يكون "عادلاً" و"شاملاً"؟

 

أما بالنسبة إلى إيران، فإن ظروف الخليج تغيّرت عما كانت عليه عام 2018 عندما انسحب ترامب من اتفاق 2015 النووي، إذ كانت هناك مواجهة بين السعودية وإيران يمكن واشنطن الاستثمار فيها، كما كانت إيران في ذروة استعراض فائض قوّتها. هذه الحال تبدّلت الآن ولم يعد مفيداً الاعتماد كلّياً عليها، لكنها تتيح إمكان استخدام ربط النزاع السعودي - الإيراني لإنجاح المفاوضات النووية "بالشروط الأميركية" وبالتالي تفعيل "التهدئة" التي بدأت باتفاق بكين (10 آذار/ مارس 2023) بين الرياض وطهران. وإذا تعثّرت المفاوضات في مسقط، فإن ترامب لا يكفّ عن التهديد بعمل عسكري ضد إيران ستكون الإمرة والتنفيذ فيه لواشنطن مع الاستعانة بالقدرات التي وفّرتها لإسرائيل.

 

لم يكن أمام طهران سوى أن توافق على التفاوض، ومن دون التلكؤ الذي أبدته بين 2018 و2020، بل من دون التعنّت الذي تعاملت به مع إدارة جو بايدن. هذه كأس سمّ أخرى تتجرّعها إيران، متجاوزة تهديدات ترامب واستفزازاته لتقبل بتفاوض تعلم مسبقاً أنه صعب لأن شروط واشنطن قصوى مثل ضغوطها الاقتصادية، لكن الخيار الآخر هو الحرب. لطالما رغبت في هذه الحرب عندما كانت أربع عواصم عربية تحت سيطرتها، لكنها مضطرّة الآن إلى الاعتراف بأن العقوبات دفّعتها أثماناً باهظة، وبأن هزائم أذرعها الإقليمية لم تعد خافية ولم تترك لها مجالات للمناورة. قد لا تعتبر طهران حربي غزّة ولبنان وإضعاف الحوثيين هزيمة لها، إلا أن عودتها الى معادلة الحفاظ على نظامها في مقابل التضحية بأذرعها وأوراقها ونفوذها هي إقرار بالهزيمة.

 

معروفة أهداف مفاوضات مسقط، فإدارة ترامب حدّدتها أولاً بقيود تضمن "منع إيران من امتلاك سلاح نووي"، لكنها في المقابل مضطرة للقبول باستمرار البرنامج النووي السلمي. أما العقدة فلا تكمن في نفوذ إيران الإقليمي لأنه تراجع الى حدٍّ كبير ولم يبقَ منه سوى الحوثي بعد الخروج من سوريا وانكفاء "الحشد" العراقي. لذلك، فإن عقدة المفاوضات ستكون في وضع سقف لقدرات البرنامج الصاروخي، وهنا ستكون "كلمة السرّ" في مدى الانفتاح الإيراني على الاستثمارات الأميركية وما تحمله في طياتها من تغيير لوجه إيران.
    

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق