أكد طارق علي فرج الأنصاري، سفير قطر لدى مصر، أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى قطر تشكل خطوة هامة نحو الانتقال بالعلاقات الثنائية بين البلدين إلى مرحلة استراتيجية جديدة. هذه الزيارة تأتي في وقت حاسم يتطلب تعزيز التنسيق والتعاون بين الدول العربية لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية. وتعتبر هذه الزيارة الثالثة للرئيس السيسي إلى دولة قطر، بعدما قام الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير قطر، بزيارة مصر في يونيو 2022، ومن ثم زيارة الرئيس السيسي إلى الدوحة في سبتمبر من نفس العام.

تعزيز التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية

أشار الأنصاري إلى أن العلاقات بين مصر وقطر شهدت تطورًا ملحوظًا في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، بما يعكس التوجه الجاد من كلا البلدين لتعزيز التعاون المشترك. ولفت إلى أن هذه الزيارة تأتي في وقت حساس يشهد فيه الشرق الأوسط تطورات سريعة، ما يتطلب التنسيق والتشاور المستمر بين البلدين لمواجهة القضايا الدولية والإقليمية، خصوصًا القضية الفلسطينية.

التنسيق بشأن القضايا الإقليمية والدولية

تعتبر زيارة الرئيس السيسي لقطر فرصة هامة للتباحث حول القضايا التي تؤثر على المنطقة العربية، ومنها الملف الفلسطيني. شدد سفير قطر على أن كلا البلدين يعملان بشكل مشترك على تنسيق الجهود الدولية لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتثبيت وقف إطلاق النار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية والطبية إلى القطاع. وأضاف الأنصاري أن الدولتين تتعاونان مع الجانب الأمريكي في جهود الوساطة لتخفيف التوترات في المنطقة.

تطوير العلاقات الاقتصادية بين مصر وقطر

على الصعيد الاقتصادي، أوضح الأنصاري أن هناك اهتمامًا متزايدًا من البلدين لتعزيز التعاون الاستثماري. حيث شهدت العلاقات الاقتصادية بين قطر ومصر تطورًا ملحوظًا، تمثل في الزيارات المتبادلة للمسؤولين، مثل زيارة الفريق كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء المصري، إلى الدوحة في فبراير 2024، وكذلك زيارة الشيخ محمد بن عبدالله آل ثاني، وزير المواصلات القطري، إلى مصر في يناير من نفس العام. وفي نوفمبر 2024، زار الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، مصر لمناقشة سبل تعزيز التعاون الاقتصادي.

التبادل التجاري والثقافي بين البلدين

على الصعيد التجاري، ارتفع حجم التبادل التجاري بين قطر ومصر بنسبة 38% في عام 2024، حيث بلغ 746 مليون ريال قطري مقارنة بـ 540 مليون ريال في 2023. أما في المجال الثقافي، فقد شهدت العلاقات بين البلدين توسعًا في التبادل الثقافي من خلال فعاليات مثل الأسبوع الثقافي المصري في الدوحة. كما تم الإعلان عن تسمية دولة قطر كضيف شرف في معرض القاهرة الدولي لعام 2027، فضلاً عن التحضير لإقامة أسبوع ثقافي قطري في القاهرة.

الجالية المصرية في قطر ودورها في تعزيز العلاقات

تعتبر الجالية المصرية في قطر من العوامل الأساسية التي تعزز الترابط الثقافي والاجتماعي بين البلدين. حيث يقدر عدد الجالية المصرية في قطر بحوالي 200 ألف نسمة في عام 2024، وهي تعد واحدة من أكبر الجاليات المقيمة في قطر. تسهم هذه الجالية بشكل فعال في دعم الاقتصاد القطري والمشاركة في عمليات التنمية والتطوير، مما يحقق رؤية قطر الوطنية 2030.

المبادرات المجتمعية والمساعدات الإنسانية

تسعى دولة قطر، من خلال سياستها التنموية، إلى دعم مصر في العديد من المجالات الاجتماعية. حيث يتم التنسيق مع الحكومة المصرية لتنفيذ مشاريع في قطاعات الصحة والتعليم والتمكين الاقتصادي. هذا يأتي في إطار دعم التنمية المستدامة وتحقيق الاستقرار الاجتماعي في مصر. وفي هذا الصدد، يشير الأنصاري إلى أن سياسة دولة قطر تقوم على دعم المجتمعات المحلية في مصر، خاصة فئات الأطفال والمعاقين والأيتام، وتقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين.

علاقات تاريخية وطموحات مشتركة بين مصر وقطر

اختتم سفير قطر تصريحاته بالتأكيد على أن العلاقات بين مصر وقطر ليست فقط سياسية أو اقتصادية، بل هي علاقات تاريخية قائمة على الترابط والتضامن بين الشعبين والقيادتين. وأضاف أن التعاون بين البلدين يعكس الروابط العميقة التي تجمعهما على مر العصور، ويشمل جميع مجالات التنمية، بما في ذلك المجالات الاقتصادية، الثقافية، والتطوير المجتمعي.