غالبًا ما يمتلك المديرون الماليون رؤى عميقة حول نفقات الأقسام المختلفة في الشركة، لكنهم غالبًا ما يفتقرون إلى صورة واضحة وشاملة عن التكاليف المرتبطة بقسم الموارد البشرية.

و على الرغم من أهمية وجود خطة توظيف فعّالة وأدوات تكنولوجية تدعمها، فإن التوظيف يعد عبئًا ماليًا كبيرًا على الشركات، ويحتاج المديرون الماليون إلى فهم أعمق لميزانية التوظيف لاكتشاف السبل الفعّالة لتقليل التكاليف.

تكاليف التوظيف تتأثر بشكل كبير بنوع الوظيفة. على سبيل المثال، توظيف مهندس برمجيات يتطلب ميزانية أكبر من توظيف ممثل خدمة عملاء، وذلك بسبب المهارات المتخصصة المطلوبة والطلب الكبير على هؤلاء المهندسين في سوق العمل.

و يهتم المدير المالي بشكل رئيسي بعاملين مهمين: أولاً، تكلفة كل طلب توظيف، أي النفقات المرتبطة بجذب المرشحين وتقييم طلباتهم، ثانيًا، تكلفة كل طلب مؤهل، أي التكاليف المتعلقة بالمرشحين الذين اجتازوا المراحل الأولى من التوظيف ووصلوا إلى مرحلة المقابلة.

وأخيرًا، تكلفة التوظيف النهائية التي تشمل جميع النفقات حتى انضمام الموظف الجديد.

تعد الجغرافيا أحد العوامل الحاسمة في تحديد تكاليف التوظيف. المناطق التي تشهد منافسة شديدة على المواهب مثل خليج سان فرانسيسكو وواشنطن العاصمة تتطلب ميزانيات توظيف أعلى بكثير مقارنةً بالمناطق الأخرى.

كما أن العوامل الخارجية مثل حالة السوق تؤثر بشكل كبير على التكاليف، فعندما تقوم شركات كبرى مثل مايكروسوفت وجوجل بتسريح موظفيها، يصبح من الأسهل جذب الكفاءات المطلوبة بتكلفة أقل. في المقابل، ترتفع التكاليف في فترات النمو الاقتصادي السريع، كما حدث بعد جائحة كورونا، حيث شهد السوق طلبًا كبيرًا على الموظفين.

تزداد نشاطات التوظيف عادةً في بداية العام، وخاصة في شهري يناير وفبراير، حيث تسعى الشركات لتغطية الشواغر الوظيفية بسرعة بعد تخصيص ميزانياتها الجديدة.

أما في نهاية العام، يزداد الضغط على الشركات لتلبية احتياجاتها من الموظفين قبل نهاية السنة المالية، لتفادي فقدان الموافقات المطلوبة للميزانية في العام التالي.

واحدة من التحديات الرئيسية التي يواجهها موظفو الموارد البشرية هي صعوبة قياس التكلفة الدقيقة لكل عملية توظيف. غالبًا ما تكون الأدوات المستخدمة في جمع البيانات غير متكاملة، مما يجعل من الصعب تقديم صورة واضحة للمدير المالي.

فهم التكلفة الإجمالية هو الخطوة الأولى نحو بناء ميزانية توظيف فعّالة. على سبيل المثال، إذا كانت ميزانية التوظيف هي مليون دولار وتم توظيف ألف موظف خلال عام، فهذا يعني أن متوسط تكلفة كل عملية توظيف هو ألف دولار.

هذا الفهم يساعد الشركات على تحديد مجالات التحسين وتحقيق الكفاءة في عملية التوظيف.

غياب الرؤية الواضحة لتكاليف التوظيف يمثل تحديًا كبيرًا للمديرين الماليين. فهم المديرين الماليين لتكاليف المبيعات والتسويق يكون جيدًا، لكنهم غالبًا ما يفتقرون إلى نفس الفهم بالنسبة لتكاليف بناء الفريق البشري، مما يؤثر على اتخاذ قرارات مالية مدروسة.

أحد الأهداف الرئيسية هو تمكين موظفي الموارد البشرية من التواصل بفعالية مع المديرين الماليين. لتحقيق هذا الهدف، يجب تزويد موظفي الموارد البشرية بالأدوات والمهارات اللازمة لقياس وتقديم البيانات المالية المتعلقة بالتوظيف بشكل دقيق ومقنع.

توصيات للمديرين الماليين لتقليص التكاليف وتحسين العائد على الاستثمار في التوظيف

التركيز على تكاليف التكنولوجيا: الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة لتسهيل عملية التوظيف أمر بالغ الأهمية، حيث يمكن تحسين استغلال أنظمة إدارة علاقات العملاء وأدوات التوظيف عبر الإنترنت لتحقيق وفورات مالية كبيرة.

تحسين تجربة التوظيف: تمثل مواقع التوظيف التقليدية الوجهة الأولى للشركات، لكنها غالبًا ما تفتقر إلى التجربة الحديثة التي تلبي توقعات الأجيال الشابة.

و يمكن للمدير المالي تحويل المبالغ المدفوعة لشركات التوظيف إلى ميزانية تسويق وظيفي، مما يسمح للشركات بجذب المرشحين بشكل مباشر عبر منصات رقمية، مع تحقيق تكاليف أقل.

استغلال قنوات التسويق الرقمي: بدلاً من الاعتماد على شركات التوظيف التقليدية، يمكن للشركات استخدام قنوات التسويق الرقمي للتواصل مع المرشحين المؤهلين بتكلفة أقل.

رغم أن التوظيف يمثل عبئًا ماليًا كبيرًا على الشركات، إلا أن اتباع استراتيجيات مدروسة وفهمًا أعمق للعوامل التي تؤثر في تكاليف التوظيف يمكن أن يساعد في تقليص النفقات وتحقيق عائد أكبر على الاستثمار.

من خلال تعزيز التعاون بين الأقسام المالية والموارد البشرية واستخدام الأدوات التكنولوجية بفعالية، يمكن للشركات اتخاذ قرارات توظيف مدروسة تلبي احتياجات السوق دون التأثير على الميزانية العامة.