في تطور دراماتيكي للأزمة التجارية بين الولايات المتحدة والصين، فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسومًا جمركية بلغت 125% على الواردات الصينية، بعدما كان قد هدد في يناير الماضي بفرض رسوم نسبتها 10% فقط، وفقًا لما ذكرته صحيفة ذا جارديان البريطانية.

الصين ترد برسوم انتقامية بنسبة 84%

لم تتأخر الصين في الرد، إذ فرضت رسومًا جمركية تبادلية بنسبة 84% على الواردات الأمريكية، وأدانت بشدة الخطوة الأمريكية، ووصفتها بأنها تصعيد خطير في الحرب التجارية.
وقال لين جيان، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية: "لن نتراجع أبدًا عن مواجهة أي تحديات".
وأكدت وزارة التجارة الصينية عزم بكين على الرد بقوة، قائلة: "ستقاتل الصين حتى النهاية إذا ما واصلت الولايات المتحدة سلوك الطريق الخطأ"، ووعدت باتخاذ مزيد من الإجراءات المضادة في المرحلة المقبلة.
اقرأ أيضاً: بما فيها الصين.. ترامب: اتفاقات الرسوم الجمركية ستُبرم مع كل الدول

سباق نحو القاع يهدد الاقتصاد العالمي

أثار هذا التصعيد المتبادل مخاوف اقتصادية واسعة، وسط تحذيرات من دخول العالم في سباق نحو القاع، حيث يؤدي ارتفاع الأسعار إلى إنهاك المستهلكين وتزايد فرص حدوث ركود اقتصادي عالمي.
ورغم التحديات التي يواجهها الاقتصاد الصيني، إلا أن بكين من غير المرجح أن تكون أول من يتراجع عن سياسة الرسوم، خاصة مع اعتبارها مسألة سيادية وسياسية.
وقالت ديانا تشويليفا، مؤسسة وكبيرة الاقتصاديين في شركة "إينودو إيكونوميكس": "الرد الوحيد القابل للتطبيق من جانب الرئيس الصيني هو: نحن جاهزون للمواجهة".
وأضافت أن أي تراجع من جانب بكين سيكون غير مقبول سياسيًا، خصوصًا بعد إعلان ترامب المفاجئ عن رسوم بنسبة 34%.
اقرأ أيضاً: «مورجان ستانلي»: أمريكا الأكثر تضرراً من تعريفات ترامب الجمركية

واشنطن تعتمد على الصين أكثر من العكس

رغم التصعيد، ترى العديد من التحليلات أن الولايات المتحدة هي الطرف الأكثر اعتمادًا على الصين في التجارة، حيث تستورد واشنطن بشكل أساسي السلع الاستهلاكية مثل الهواتف الذكية، وأجهزة الكمبيوتر، والألعاب.
ووفقًا لتقديرات شركة روزنبلات، فإن زيادة الرسوم الجمركية دفعت التوقعات بارتفاع سعر أرخص هاتف آيفون في السوق الأمريكية من 799 دولارًا إلى 1142 دولارًا، وذلك حين كانت الرسوم لا تزال عند 54%.
وعلقت تشويليفا قائلة: "لا يمكن لترامب أن يُلقي باللوم على الصين في هذه الصعوبات الاقتصادية".

ماذا تستورد الصين من أمريكا؟

في المقابل، تستورد الصين من الولايات المتحدة مواد صناعية مثل فول الصويا، الوقود الأحفوري، ومحركات الطائرات، وهي سلع يمكن للصين استيعاب ارتفاع أسعارها قبل أن يتحمل المستهلكون العبء الكامل.
كما أن هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها بكين تحديات من هذا النوع، إذ استفادت من الحرب التجارية الأولى في عام 2018 لتعزيز تجارتها مع دول أخرى، ما ساعدها على تقليل الاعتماد على الاقتصاد الأمريكي.

تنويع الشركاء التجاريين

خلال الفترة من 2018 إلى 2020، ارتفعت صادرات البرازيل من فول الصويا إلى الصين بنسبة تجاوزت 45% مقارنة بمتوسط صادرات الفترة من 2015 إلى 2017، بينما تراجعت صادرات الولايات المتحدة بنسبة 38% خلال الفترة نفسها.

الصين لا تزال أكبر سوق زراعي لأمريكا... ولكن

لا تزال الصين تمثل أكبر سوق خارجي للمنتجات الزراعية الأمريكية، إلا أن هذا السوق بدأ يتقلص، وهو ما يشكّل تهديدًا مباشرًا للمزارعين الأمريكيين.
وبحسب بيانات عام 2024، بلغت قيمة صادرات الولايات المتحدة من المنتجات الزراعية إلى الصين 29.25 مليار دولار، مقارنة بـ 42.8 مليار دولار في عام 2022، ما يعكس تراجعًا حادًا في حجم التعاملات.