غزّة على خريطة الحلّ السوري... كيف تحوّلت سوريا إلى رقعة شطرنج إقليمية؟ - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
غزّة على خريطة الحلّ السوري... كيف تحوّلت سوريا إلى رقعة شطرنج إقليمية؟ - تكنو بلس, اليوم الخميس 10 أبريل 2025 06:47 صباحاً

تحوّلت سوريا بسبب الحرب الطويلة إلى ساحة للتنافس الإقليمي بين القوى الكبرى والفاعلين المحليين، وقد أطلق سقوط بشار الأسد سباقاً محموماً بين تركيا وإسرائيل لتعزيز نفوذهما في البلاد وفق رؤى استراتيجية متضاربة.

 

وتسعى أنقرة إلى فرض هيمنة سياسية وعسكرية وأداء دور محوري في إعادة الإعمار، فيما تعتبر تل أبيب تمدّد تركيا تهديداً لأمنها، محذّرة من خطورة وصول النشاط العسكري التركي إلى قرب حدودها.
وفي خضم هذا الصراع، تبرز جهود أميركية للوساطة، ومبادرات لتقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ، وترحيل سكان غزة إليها كحل توافقي بين الأطراف المتنازعة ربما.

 

اختلاف الأولويات لدى الحليفين
كشفت الغارات الجوية الإسرائيلية الأخيرة على قاعدة T-4 قرب تدمر عن استراتيجية إسرائيلية جديدة باتت تركز على ردع القوات التركية من التمركز في قلب البلاد، في ظل اختلاف في الأولويات مع الولايات المتحدة التي تركز على التعاون مع تركيا، ما يعرقل التنسيق الثنائي ويدفع بتل أبيب إلى رسم خطوط حمراء أحادية الجانب لردع تهديدات أنقرة المحتملة.

 

ويضع الإصرار التركي على إنشاء قواعد دائمة في سوريا قدرة ترامب على الموازنة بين دعم الحليفين أمام اختبار حقيقي، في ظل احتمالات التصعيد العسكري العلني أو السري من قبل تل أبيب.

 

وتسعى واشنطن للحفاظ على تركيا كحليف ضمن "الناتو" ومنع تقاربها مع روسيا، لكن مع ضمان أمن إسرائيل. وتفضل أنقرة لاحتواء النفوذ الإيراني دون الانزلاق إلى حرب إقليمية شاملة، في ظل توافق روسي ضمني على تحركات تركيا في سوريا، بما في ذلك نشر منظومةS-400، ما يدل على استراتيجيتها في استغلال التنافس الإقليمي لتحقيق مكاسب جيوسياسية.

 

وتقف أميركا في موقع متوسط بين انهيار دراماتيكي في سوريا وصراع مفتوح بين تركيا الحليف في "الناتو"، وإسرائيل الشريك الاستراتيجي. وفيما تتفق مع تل أبيب على ضرورة تقليص الدور الإيراني في سوريا، تختلف مع أنقرة بشأن كيفية تحقيق ذلك.

 

مفاوضات تركية - إسرائيلية
تتضمّن خطط أنقرة بشأن قاعدة T-4 ومطار حماه نشر طائرات مسيّرة مسلّحة للعمليات الاستخبارية والهجومية، وتركيب نظام الدفاع الجوي "حصار" المطوّر محلياً، ونقل نظام الدفاع الجوي الروسي S-400 ضمن استراتيجية ترسيخ وجودها العسكري في شمال سوريا، وفي الوقت ذاته التخلّص من عبء اقتناء المنظومة الروسية التي أدّت إلى إقصائها من برنامج تطوير وامتلاك مقاتلات "إف-35" الأميركية الأحدث.
وتشكّل سوريا بالنسبة إلى الأتراك بوابة رئيسية نحو الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يدفعها لتبنّي استراتيجية مزيج بين الخطوات العسكرية من خلال نشر المزيد من القوات والقدرات العسكرية في الجغرافيا السورية والتمدد جنوباً، بالتزامن مع دمج الميليشيات الموالية لها، مثل "الجيش الوطني السوري"، في هيكل الدولة السورية الجديدة، والسياسة القائمة على دعم الشرعية والدفع باتجاه سلطة مركزية تعزز هيمنتها وشراكتها الرئيسية في إعادة الإعمار، مستغلةً علاقاتها مع الفصائل المحلية لضمان عقود إعمار مربحة.

 

في المقابل، ترى إسرائيل في التوسع التركي خطراً مزدوجاً، يهدد تفوّقها الجوي ويقيّد قدرتها على ضرب الأهداف داخل سوريا، وفي الوقت ذاته يؤسس لاستبدال تهديد الميليشيات الإيرانية لأمنها بخطر الجماعات الإسلامية المدعومة تركياً، وتحويل جنوب سوريا إلى منطقة نفوذ تركية، ما يهدد أمن حدودها.

على وقع هذه المخاطر، انخرطت كل من إسرائيل وتركيا في مفاوضات مباشرة لتفادي صدام عسكري محتمل، وذلك عقب الضربات الجوية الإسرائيلية التي تزامنت مع الخطط التركية لإرسال فرق فنية لتقييم حالة بعض القواعد وإعادة تأهيلها.

 

وأفاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لحكومته بأن أمام إسرائيل إطاراً زمنياً محدوداً لضرب هذه القواعد قبل نشر الأصول العسكرية التركية، إذ إنه بمجرد أن تنشر تركيا معدات عسكرية مثل الطائرات المسيّرة أو أنظمة الدفاع الجوي، ستتجنب إسرائيل تنفيذ أي هجمات لتفادي المواجهة المباشرة.

 

وأصدرت الدولتان تصريحات متزامنة تؤكد رغبتهما في تجنب التصعيد، في استمرار للتنسيق غير المعلن خلف الكواليس. وفيما شددت أنقرة على سعيها لـ"الاستقرار" في سوريا، كررت إسرائيل تمسكها بحقها في الدفاع ضد التمركز الإيراني، دون توجيه انتقادات مباشرة لتركيا، ما يعكس نجاح الوساطة الأميركية في إرساء تفاهم ضمني لتحقيق استقرار نسبي رغم تضارب المصالح.

 

مشهد عام من مدينة دمشق (رويترز)

4 مناطق نفوذ وتوطين للغزيين

وتتضمن الخطة الأميركية لنزع فتيل صدام مستقبلي بين الحليفين إنشاء خط اتصال عسكري مباشر، وتقسيماً غير رسمي للنفوذ في سوريا، يقبل بتوسيع تركيا لوجودها العسكري في شمال البلاد وصولاً إلى حماه مقابل حفاظ إسرائيل على منطقة عازلة تمتد إلى حدود ريف العاصمة السورية دمشق الجنوبية، بالتزامن مع استمرار الوجود الأميركي في الشرق من خلال "قوات سوريا الديموقراطية" (قسد) والفصائل السورية في التنف التي توسّعت وصولاً إلى مطار الضمير العسكري، والإبقاء على القواعد الروسية في الساحل غرباً.

 

وبذلك، تتحول القوات العسكرية التابعة للجيش السوري الجديد إلى ما يشبه قوات مكافحة الإرهاب بمعدّات بسيطة دون امتلاكها لأسلحة نوعية أو قادرة على تغيير التوازنات الميدانية.

 

وتداولت حسابات عبر مواقع التواصل الاجتماعي خططاً غير مؤكدة رسمياً لترحيل مئات الآلاف من سكان قطاع غزة إلى سوريا كحل "إنساني" و"سياسي"، بدعم من تل أبيب التي ترى في ذلك فرصة لتخفيف الضغط الديموغرافي والأمني، وأنقرة التي تساوم على موافقتها مقابل ضمانات بزيادة نفوذها في سوريا، ودمشق التي قد تستخدم اللاجئين الغزيين كورقة ضغط دولية للتخلص من العقوبات الخانقة لاقتصادها والحصول على اعتراف أميركي وبالتالي دولي بشرعيتها.

 

ويبدو تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ احتمالاً قائماً، وإن كان محفوفاً بالمخاطر، فيما تظهر فكرة ترحيل الغزيين إلى سوريا كأداة ضغط سياسي أكثر منها حلاً عملياً. وفي كلتا الحالتين، فإن تحقيق استقرار في سوريا بات مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بإعادة رسم خريطة التحالفات الإقليمية برمتها.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق