نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
سحب القوات الأميركية من ألمانيا... تراجع للالتزامات الأمنية وخسائر اقتصادية - تكنو بلس, اليوم الخميس 10 أبريل 2025 06:24 صباحاً
تشكّل عمليات سحب القوات المسلحة الأميركية في الخارج جزءاً من خطط الإدارة الأميركية الجديدة، ويغذي هذا التوجه المخاوف من إقدام الرئيس دونالد ترامب على سحب حوالى 37 ألف جندي يتواجدون على الأراضي الألمانية، موزعين على أكثر من 11 قاعدة عسكرية، ما يثير حالة من عدم اليقين بشأن ما تحمله هذه الخطوة من تداعيات على ألمانيا وأوروبا بشكل عام. فماذا عن تبعات هذه الخطوة من الناحيتين الأمنية والاقتصادية؟
إشارة مدمرة
على وقع طاحونة المقاربات والسيناريوات في الولايات المتحدة لنقل القوات المسلحة الأميركية المنتشرة حول العالم، اعتبر الدكتور في جامعة الجيش الألماني في ميونخ كارلو ماسالا، في حديث مع شبكة "إس دبليو آر"، أن سحب القوات الأميركية من ألمانيا "سيكون بلا شك ضربة موجعة". والتوقف النهائي للولايات المتحدة عن تمديد التزاماتها بالمساعدات التقليدية لجميع الأوروبيين سيكون بمثابة "إشارة مدمرة" من حيث السياسة الأمنية. وفي الإطار ذاته، ذكرت معلومات في وقت سابق من هذا الأسبوع أن هناك تجميداً للتوظيف بالنسبة للعاملين المدنيين، بالإضافة إلى إلغاء اعتماد العمل المكتبي من المنزل، فضلاً عن تلقي الموظفين الألمان مؤخراً عدداً من الرسائل الإلكترونية التي تحمل مؤشرات تهدف إلى التحكم المطلق في العمل، بينها الرد بإعداد لوائح بما تم إنجازه خلال أسبوع.
وأضاف ماسالا أن التصريحات الصادرة عن الإدارة الأميركية تساهم في تأجيج المخاوف في أوروبا، حيث يعتبر الردع النووي الأميركي والدعم بالقوات التقليدية أمراً لا غنى عنه للدفاع عن الحلفاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وضمان الأمان للأوروبيين. وهنا، تشير التقديرات إلى وجود نحو 20 سلاحاً نووياً تكتيكياً أميركياً متمركزاً في قاعدة "بوشل" الجوية في ولاية راينلاند بفالس.
وفي ظل هذا الترقب، رأى محللون أنه يجب الأخذ في الحسبان أن الانسحاب التدريجي للقوات الأميركية أو إعادة انتشارها داخل أوروبا "أمرٌ ممكن"، والولايات المتحدة في عهد ترامب لم تعد ترى نفسها الضامن الأمني الرئيسي لأوروبا، التي لن تكون قادرة على منع الأميركيين من المغادرة. وكل ذلك مع ما تخطط له الولايات المتحدة حالياً لتوسيع أنشطتها بشكل كبير في المحيط الهادئ، ما يستدعي توفير التكاليف المطلوبة لذلك في مكان آخر.
وفي وقت يرى البعض أن العلاقة عبر الأطلسي أكثر هشاشة مما يرغب العديد بالاعتراف به، رأى مدير الأكاديمية الأطلسية في ولاية راينلاند بفالس دايفيد سيراكوف أن هذه التهديدات "تكتيكية" في المقام الأول، وهي جزء من استراتيجية ترامب التي تقوم على الضغط على الشركاء في "الناتو"، ومن بينهم ألمانيا، حتى تستثمر المزيد من الأموال في الدفاع الوطني وميزانية الدفاع في حلف شمال الأطلسي. وبخصوص الدرع النووي، أُشارت تعليقات إلى أنه يجب على أوروبا أن تستعد لاستبدال المظلة الوقائية الأميركية بمظلة فرنسية.
قوات أميركية (رويترز)
إنفاق بالمليارات
وفي حين تعتبر الولايات المتحدة أن الدفاع الألماني بأكمله مدعوم من دافعي الضرائب الأميركيين، رأى الباحث في الشؤون الأوروبية توماس ستيلر، في حديث مع "النهار"، أن ما تحتاجه أوروبا من جنود وأسلحة لصد أي هجوم روسي على دول البلطيق أو بولندا بدون الولايات المتحدة "سيكون مكلفاً للغاية"، مشيرًا إلى أنه وفقاً لدراسات لمعاهد أبحاث أوروبية مثل "بروغل" في بروكسل، فإن "أي حرب برية في أوروبا الشرقية يتطلب من ألمانيا زيادة قواتها العسكرية بنحو 100 ألف جندي إضافي كمساهمة أوروبية، وأن ترفع الإنفاق الدفاعي السنوي من 80 مليار يورو حالياً إلى 140 مليار يورو. كما يجب على أوروبا جمع 250 مليار يورو إضافية على المدى القصير لشراء الأسلحة وتوظيف المزيد من الجنود، بالإضافة إلى إعادة العمل بالتجنيد الإلزامي. ووفقاً للقيادة الأميركية في أوروبا، يوجد حالياً نحو 78 ألف جندي أميركي متمركزين في القارة الأوروبية.
وفي ما يتعلق بإعادة نشر القوات في المجر، أشار ستيلر إلى أن رئيس الوزراء فيكتور أوربان، حليف ترامب، يحافظ على علاقات وثيقة نسبياً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما يعارض الالتزام بتعزيز الدعم لأوكرانيا واستخدم حق النقض في بروكسل، وهو الرافض أيضاً لمعظم العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على موسكو.
خسائر اقتصادية
ويعد توزع القوات الأميركية في عدد من الولايات ضمن قواعد عسكرية عاملاً ذا بعد اقتصادي، إذ تكسب مجتمعات بأكملها رزقها من خلال العمل لصالح الأميركيين. ومن الأمثلة على ذلك أولئك المتواجدون في مدينة كايزرسلاوترن حيث تتواجد قاعدة رامشتاين الجوية مع مستشفى عسكري يعد الأكبر خارج الولايات المتحدة، ومن بين 12 ألف موظف مدني يعملون لصالح القوات المسلحة الأميركية في البلاد، مُعظمهم في ولاية راينلاند بفالس وهيسن وبافاريا. فضلاً عن ذلك، في مدينة باومهولدر، يعيش نحو 8 آلاف جندي مع عائلاتهم، وتستفيد المحال التجارية والمطاعم ومراكز التسوق والفعاليات في المناطق المحيطة مما ينفقونه في ألمانيا من مرتبات مرتفعة.
بالإضافة إلى ذلك، يستثمر الجيش الأميركي في مشاريع البناء التي تعود بالنفع على الموردين والشركات المحلية. وتظهر البيانات أن الولايات المتحدة تنفق على القواعد العسكرية أكثر من 7 مليارات دولار سنوياً، فيما تساهم الحكومة الألمانية بنحو 140 مليون يورو من التكاليف. وتولد القواعد الأميركية ناتجاً اقتصادياً يقدر بنحو 4 مليارات دولار سنوياً.
ومع ما قد يشكله انسحاب القوات من تغيير جذري في البنية الأمنية الأوروبية، تشير التقارير إلى أن للقواعد الأميركية في ألمانيا دوراً مهماً. فهي من الناحية العسكرية تعمل في المقام الأول كمراكز استراتيجية للعمليات العالمية، بما في ذلك النقل والدفاع الجوي للناتو. ناهيك عن تواجد القيادة الخاصة بأوروبا وأفريقيا في شتوتغارت، والقيادة العامة للجيش في فيسبادن، ومنطقة تدريب القوات الأميركية في غرافنفوهر.
0 تعليق