صحافة العدالة: من يحمي المُستَعلِم؟ - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
صحافة العدالة: من يحمي المُستَعلِم؟ - تكنو بلس, اليوم الخميس 10 أبريل 2025 02:56 صباحاً

الدكتور جورج كلّاس

 

 

يتشظّى الواقع الإعلامي في لبنان اليوم، بين أن يكون سلطة لها كيانيتها، أو أن يمسي مشاعاً تتخابط فيه الآراء خارج قواعد الاختلاف وتعددية الآراء وتبادلية المعارف واحترام الحقيقة والاتصاف بالرصانة والعدالة الخبرية.

 

فالإعلام من حيث هو سلطة معرفية ومعيارية حضارية وقيمة إنسانية، يتطلب نظام عدالة يحمي المستهلك الإعلامي والمجتمع عموماً، ضد أخطار ما يُنشر ويوزّع من مواد وبرامج تسيء إلى الذوق وتنال من حرية الأفراد والجماعات وتقتل الحقائق وتبدل المعطيات، إذ إن كل سلطة يمكن أن ينتج عن أدائها بعض مظاهر ونيّات سوء الاستخدام، قصداً أو عرضاً، أو بالصدفة وعن طريق الخطأ وقلة الدراية والبعد عن الاحتراف... وكلها عيوب مهنية تشوبها التجاوزات الخلقية والنواقص الإبلاغية وشرفية الاحتراف. 

 

إزاء هذه الأخطار التي قد تتسبب بها بعض المرسلات الإعلامية والكتابات الصحافية والتدوينات والتغريدات، التي تتكاثر من دون قيود ولا ضوابط ولا أصول، تنشأ لدى الإعلام الرصين والكياني، مسؤولية الإخبار والإنصاف والعدالة، هذه الثلاثية الإبلاغية التي تفرض على الإعلامي انتهاج مسلك تقويم الأداء وإزالة الغبن ومنع الاعتداء على الحقوق وحفظ الكرامات، والعمل على إحقاق العدالة الاجتماعية، بما يوفر شروط ومبادئ الديموقراطية الإعلامية، ويؤمن فرص التساوي بين المتلقين والمتابعين، إن على مستوى مساحة الحضور في الإعلام، أو على مستوى الإخبار والتغطية والابلاغ والتحليل، بما يؤمن المساواة ويوفر العدالة الإعلامية للجميع.

 

ويشكل مصطلح "الصحافة العادلة" مدخلاً إلى إرساء قواعد أحد الفنون الجديدة في الإعلام المتخصص، الذي له قواعده وشروطه وتقنياته وترسيماته المحددة في المهمات المهنية الإعلامية التي تتصف بالمسؤولية الاجتماعية والإنسانية، وتتطلب صدقية مرجعية ذات شروط إقناعية ومصدرية وتتصف بالموثوقية.

فأي دورٍ للإعلام في وضع أسس مهنية لتأمين العدالة الإعلامية كمدخل إلى العدالة الإنسانية واحترام مظاهرها الاجتماعية، والحرص على عدم وجود تمييز عنصري أو طبقي إعلامي وتفاوتٍ في التعاطي مع المعنيين؟ ويطرح ذلك انطلاقاً من أن الإعلام كسلطة معرفية، عليه مسؤولية حسن توزيع الخدمات الإبلاغية والتواصلية، وواجب احترام حقوق الأشخاص والجماعات وإزالة حالات الشعور بالغبن والتجاهل لدى الذين يعتبرون أنفسهم مغبونين أو مستهدفين بالتعمية والتهميش وعدم إيلائهم الاهتمام وإعطائهم حقوقهم بالتغطية والإحاطة. 

 

وفي حالات تداخل الأزمات السياسية وتنامي النزاعات في المجتمع، يتعاظم دور الإعلام، مترافقاً مع شعور لدى البعض بالمغبونية، بمواجهة مظاهر استقواء بالقدرات الإعلامية لدى جهات أخرى، الأمر الذي يولّد إحساساً بالتفاوت بين المتنافسين والخصوم، لجهة تحيّز وسيلة إعلامية إلى جهة وانتصار وسيلة لفئة معينة، فينشأ عن ذلك خطأ مهني يتظهّر في اللاعدالة الإخبارية التي يقترفها بعض الإعلام، حتى لوْ كانت الأمور محكومة بمفهومي الاستقلالية والحرية، واعتبار أن الصناعة الإعلامية هي استثمارات خاضعة للحرية الاقتصادية. وهنا تنشأ بقوة عملية التعارض بين مواثيق الشرف والخلقيات الإعلامية وبين الواجب المعرفي والإنساني للإعلام. وكلها محكومة بمدى الالتزام بناموس العدالة الإعلامية، التي هي حق وواجب على مجتمع المعرفة والإعلام الحر.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق