كان أهل الإسلام في كل البلاد قبل رمضان مشتاقين لدخوله ؛ ولما دخل عليهم زاد استبشارهم وحماسهم بحلوله ؛ لأنه شهر الخير والبركات ، وشهر المنح والهبات ؛ ويكفي في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا كانَت أوَّلُ ليلةٍ من رمَضانَ صُفِّدتِ الشَّياطينُ ؛ ومَردةُ الجِنِّ ، وغلِّقت أبَوابُ النَّارِ ؛ فلم يُفتَحْ منها بابٌ ، وفُتِحت أبوابُ الجنَّةِ ؛ فلم يُغلَقْ منها بابٌ ، ونادى منادٍ : يا باغيَ الخيرِ أقبِلْ ، ويا باغيَ الشَّرِّ أقصِر ، وللَّهِ عتقاءُ منَ النَّارِ ؛ وذلِك في كلِّ ليلةٍ ) رواه ابن ماجه في سننه وصححه الالباني ؛ والحمدلله قد صام أهل الإسلام شهرهم ؛ وقاموا لياليه الفاضلة بصلاة التراويح والتهجد والدعوات الصالحات ؛ وختموا فيه كتاب ربهم عدة ختمات ؛ ابتغاء فضل ربهم رب البريات ؛ وتصدقوا فيه بزكاة أموالهم وصدقاتهم ؛ وصلوا فيه أرحامهم وقراباتهم ؛ وصانوا فيه ألسنتهم وجوارحهم عن القبائح والسيئات ؛ ورجوا من الله مغفرة ذنوبهم ، وقبول أعمالهم ، وعتق رقابهم من النار ؛ برحمة ربهم الحليم الغفار ؛ ولكن ما إن انتهت عليهم أيام رمضان المباركة ؛ ودخلت عليهم أيام الفطر إذا ببعض أهل الإسلام قد أصابهم الفتور عن العبادة ، والكسل عن الطاعة ؛ فناموا عن صلواتهم المفروضة ؛ وكسلوا عن قيام الليل ؛ وهجروا تلاوة كتاب ربهم وتدبر آياته ؛ وجاهروا ربهم بعد رمضان بالذنوب والمعاصي ؛ورغبوا عن صيام النافلة كالست من شوال التي قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم : ( مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ ) رواه مسلم في صحيحه ؛ إلى غير ذلك مما يقبح ذكره وبيانه بعد شهر الصيام ؛ والمأمول فينا جميعا أهل الإسلام أن ننشط في العبادة ، وأن نستقيم دوما على الطاعة في رمضان وغيره ؛ لأن ربنا يقول : ( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) ولم يقل اعبد حتى ينتهي رمضان ؛ نسأل الله أن يثبتنا واياكم على الحق حتى نلقاه ؛ وأن يرزقنا واياكم خشيته كانا نراه ؛ وأن ينجينا واياكم من سخطه وأسباب عقابه ؛ وأن يتوفانا واياكم وقد رضي عنا وأرضانا ؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه . اللهم آمين .