في نيوشاتل السويسرية، يغادر المريض طبيبه حاملاً وصفة لا يصرفها في صيدلية، كما في بلادنا، بل في أحد متاحف المدينة أو أحد متنزهاتها. هذه الوصفة تخوّله التمتع بأجمل التماثيل الفنية واللوحات التشكيلية، والتجوّل بين أقدم النقوش والحدائق المحمية، مجاناً. فقد أطلق الجسم الطبي في نيوشاتل هذه المبادرة لتدوم عامين كاملين، ترويجاً للصحة النفسية العامة، أو ما نسميه "well-being"، وأتيح للأطباء والمتخصصين وصف نحو 500 وصفة ثقافية – فنية، مخصصة للصرف في 4 مواقع فنية تراثية، بينها المتحف الوطني ومتحف التاريخ الطبيعي.

يقول خبراء في منظمة الصحة العالمية إن مشاهدة الأعمال الفنية تعزز الصحة العقلية، وتخفف من مفاعيل الصدمات والتراجع الوظيفي العصبي، كما تحدّ من ظاهرة الموت المبكر، إضافة إلى ما فيها من فوائد تطال المصابين بأمراض مزمنة، وبعجز حركي لأي سبب كان، وبميل متزايد إلى التقوقع في المنزل ورفض الخروج منه.

تقوم هذه المبادرة على أساس صلب: إن الاهتمام بمشاعر الناس وأحاسيسهم وحالاتهم الذهنية يعبّد لهم الطريق إلى الشفاء، روحاً وجسداً، من أي حالة مرضية أو عصبية يمرون بها. وإن نجحت في نيوشاتل، فهي مرشحة للتوسع كي تشمل المسرح والاستعراضات الراقصة. هذا يعني أنها طريقة فعالة للشفاء، فيمكن حينها إدراج الثقافة علاجاً يحظى بتغطية الجهات الضامنة في سويسرا، وفي مقدمها شركات التأمين، التي أبدت ترحيباً بذلك.

انتقلت عدوى العلاج بالثقافة إلى مدن أوروبية أخرى: ليل الفرنسية وبروكسل البلجيكية. كذلك، يصف بعض الأطباء في الولايات المتحدة لمرضاهم الخروج إلى الطبيعة، أو الاهتمام بالفنون، للتحلص من الإرهاق، بدلاً من تناول العقاقير، علماً أن العالم يشهد ضياع 12 مليار ساعة عمل سنوياً بسبب الإرهاق الذي يوصف صدقاً بأنه "مرض العصر".