في عالم السياسة حيث تُعتبر الصورة جزءاً من القوة، لا يعد إيمانويل ماكرون مجرد رئيس فرنسا، بل هو أحد أبرز الشخصيات التي تسعى دائماً لتثبيت حضورها في أذهان الناس.

ولا شك أن تفاصيل حياته اليومية تحمل في طياتها الكثير من الأسرار التي تُظهر وجهاً آخر بعيداً عن الرسمية، واحدة من أبرز هذه التفاصيل هي عطره المميز، الذي أصبح سمة من سمات شخصيته: "ديور أو سافاج".

عطر يسبق خطواته: كيف يجعل ماكرون رائحته جزءاً من وجوده؟

في قصر الإليزيه، حيث يعيش الرئيس الفرنسي حياة مملوءة بالتفاصيل الصغيرة التي تعكس سعيه نحو الكمال، يُعتبر عطر "ديور أو سافاج" أكثر من مجرد عطر، إنه سمة شخصية تُحيط به أينما ذهب.

ووفقاً لما كشفه الصحفي أوليفييه بومون في كتابه "مأساة الإليزيه"، يُقال إن ماكرون يضع كميات ضخمة من هذا العطر على جسده لدرجة أن مساعديه يستطيعون شم رائحته قبل أن يدخل إلى الغرفة.

إنه عطر قوي وفاخر، يمزج بين الروائح الزهرية والمسكية بشكل فني، ما يجعل من وجوده في المكان شيئاً لا يمكن تجاهله. لا يشبه هذا العطر الروائح التقليدية التي يمكن أن يتوقعها المرء من العطور اليومية، بل هو عطر يعبر عن شخصية لا تُخطئها الأعين، متقدماً، يحمل في طياته لمسة من القوة والهيبة.

وعندما يدخل ماكرون إلى الغرفة، لا يمكن للزوار إلا أن يلاحظوا هذه الرائحة التي تملأ المكان، وكأنها تقول: "الرئيس هنا".

السر وراء عطر "ديور أو سافاج": أكثر من مجرد رائحة

عطر "ديور أو سافاج" ليس مجرد مزيج من الزهور والمسك فحسب، بل هو أيضاً رمز للأناقة والرجولة. بدأ هذا العطر في عام 2015 بظهور النجم العالمي جوني ديب في حملته الإعلانية، حيث أصبح العطر مرتبطاً بشخصيته المميزة، وقوته الجذابة. لكن ماكرون جعل هذا العطر جزءاً من طقوسه اليومية، بل أصبح يُعرف به بشكل كبير.

الكتاب يذكر أيضاً أن ماكرون لا يكتفي بوضع العطر فقط، بل يحرص على أن يكون دائماً في متناول يده. فبحسب ما تم ذكره في الكتاب، يحرص الرئيس الفرنسي على الاحتفاظ بزجاجة من هذا العطر في أحد أدراج مكتبه، حتى يتمكن من تجديده في أي وقت. إن هذا العطر أصبح جزءاً من سعيه لإبراز صورة الرجل الأنيق، القوي، الذي لا يفوته أي تفصيل.

اللمسة الشخصية: بريجيت وماكرون والعطر الذي يربطهما

على الرغم من الانشغال السياسي وما يحيط بماكرون من ضغوط، تظهر لمسة شخصية ناعمة عندما يتعلق الأمر بالعلاقة بينه وبين زوجته بريجيت ماكرون.

الكتاب يكشف عن عادة غريبة وجميلة في الوقت نفسه: عندما يكون الرئيس في مهمة خارج البلاد، تقوم بريجيت باستخدام عطره المفضل. وعند سؤالها عن هذه العادة، تقول بريجيت إنها تشعر وكأن زوجها قريب منها، حتى في غيابه، وهذا العطر يجعلها تشعر وكأنما هو في مكان قريب منها.

إن العطر بالنسبة لها ليس مجرد منتج تجميلي، بل هو رابط عاطفي بينهما، يذكرها بحضوره ووجوده. وعلى الرغم من مرور أكثر من 20 عاماً على زواجهما، إلا أن بريجيت لا تزال تجد شيئاً ساحراً في رائحة هذا العطر، وكأنها جزء من الحياة اليومية التي تشاركها معه.

ماكرون والأناقة في كل تفصيل

لكن ماكرون لا يقتصر في سعيه لإبراز شخصيته على العطر فقط. فهو يشتهر بحبه للأناقة، ويحرص على أن يكون مظهره دائماً في أعلى درجات الجاذبية. يشتهر الرئيس الفرنسي بارتداء القمصان ذات الياقات المفتوحة، مما يضيف لمسة من الرغبة في الظهور بشكل عصري، يعكس سعيه الدائم للظهور بصورة الرجل القوي الجذاب.

ومن اللافت أيضاً أن ماكرون يحب أن يثبت صورته كـ"رجل متعدد الأبعاد"، فقد ظهرت له صور بالأسود والأبيض وهو يمارس رياضة الملاكمة، في محاولة واضحة لإظهار قوته البدنية وأسلوب حياته المتوازن. هذه التفاصيل الصغيرة تظهر كيف أن ماكرون يعتقد أن الأناقة ليست فقط في الملبس، بل في كيفية تقديم نفسه للعالم.

نظارات شمسية غريبة: ماكرون يُدخل لعبة صغيرة في لقاءاته

ومن بين التفاصيل الأخرى التي يكشف عنها الكتاب، هي تلك العادة الطريفة التي تميز لقاءات ماكرون مع الضيوف في الحديقة. حيث يُقال إنه يحتفظ بصندوق مملوء بنظارات شمسية قديمة وغير عصرية، ليُعطيها للزوار الذين نسوا جلب نظاراتهم معهم. وهذه النظارات ليست فقط عتيقة، بل بعضها مشوه الأذرع أو ذو إطارات حمراء، وكلها تبدو غريبة بعض الشيء.

ويشير أحد الوزراء إلى أن ماكرون قد يتعمد أن تكون هذه النظارات غير جذابة، مشيراً إلى أنها لعبة صغيرة من جانبه لتسلية نفسه. لكنه يعترف أيضاً أن هذه "القطع غير المرغوب فيها" تجعل الزوار لا ينسون أبداً أن يجلبوا نظاراتهم الخاصة في المرة القادمة، مما يخلق جواً من الفكاهة والمفاجأة في لقاءاته.