اقتربت الولايات المتحدة من التوصل إلى صفقة مع جمهورية الكونغو الديمقراطية تتمكن بموجبها الشركات الأجنبية من الاستحواذ على المزيد من المواقع الغنية بالمعادن الحرجة في البلاد، مقابل تقديم الدعم لحكومة كينشاسا المنكوبة بصراعات.
ونقلت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية عن مستشار الرئيس الأمريكي لأفريقيا، المعين حديثاُ، مَسعد بولس، قوله إنه يرى الخطوط العريضة للصفقة قد اكتملت وأنه اتفق على "مسار مستقبلي" مع رئيس الكونغو الديمقراطية فليكس تشيسكيدي.
وأكد بولس، في بيان مصور عبر الفيديو بثته الحكومة الكونغولية، أن الاتفاق سيعزز "استثمار القطاع الخاص الأمريكي في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ولاسيما في قطاع المناجم." 
بموجب الخطوط العريضة للاتفاق، فإن "هيئة تمويل التنمية الدولية" الأمريكية ستتعهد بتمويل بعض الاستثمارات الأمريكية في الدولة الواقعة في وسط أفريقيا، حسب تأكيد جوزيف سزلافيك، أحد أصحاب المصالح المؤثرين والمقيم في واشنطن ويقدم المشورة للحكومة الكونغولية.
بالنسبة للشركات التي ستعمل في الكونغو بموجب إطار العمل الجديد لن تكون مقتصرة على الشركات الأمريكية فحسب، لكنها ستبدأ عمليات الاستثمار في خام الليثيوم داخل جمهورية الكونغو الديمقراطية، وعلى أن يتطور الاتفاق إلى الأمام قدماً للتصدي للهيمنة الصينية على موارد البلاد الهائلة من النحاس والكوبالت.
وقالت مصادر قريبة الصلة بالمباحثات الجارية حالياً إن شركة "كوبولد ميتالز"، المتخصصة في المناجم والذكاء الاصطناعي، المدعومة من الملياردير الأمريكي بيل جيتس، تتصدر الشركات التي ترقب احتياطيات الليثيوم الهائلة، المتنازع عليها قانونياً، في "مانونو". وهناك شركات ومستثمرون بارزن آخرون يدرسون الالتحاق بركب القطاع الخاص في ذلك المسار من بينها شركة "أوريون ريسورس بارتنرز"، ومقرها الولايات المتحدة، والمستثمر الأمريكي- الكندي في قطاع التعدين، روبرت فرايدلاند، ومستثمر المعادن البريطاني- الأسترالي، ريو تينتو. 
رفضت شركتا "كوبولد" و"أوريون" والمستثمر ريو تينتو التعليق على لـ"فاينانشيال تايمز"، فيما لم تستجب المستثمر فرايدلاند، وشركة "يونايتد" السعودية لطلبات التعليق على الاتفاق.
وأشارت الصحيفة إلى أن هناك أصولا تعدينية أخرى قيد النقاش في إطار الاتفاق، من بينها مواقع غنية بالنحاس والكوبالت تسيطر عليها شركة "كيماف" المدعومة بشركة ترافيجورا السنغافورية، والتي تتخد من إمارة دبي مقراً لها. 
والمعروف أن "كيماف" معروضة للبيع منذ عام 2023، وتبحث عن مشتر جديد لها، بعد أن فشل عرض "نورينوكو" الصينية لشرائها بسبب معارضة شركة "جيكاماينز" التعدينية الكونغولية المملوكة للدولة. ورفضت "كيماف" التعليق للصحيفة.
لم يستجب البيت الأبيض بعد لطلبات الصحيفة البريطانية للتعليق على الأمر. 
كانت المقاربة الأمريكية الأولى لجمهورية الكونغو الديمقراطية، التي تتمتع باحتياطيات هائلة من النحاس، والكوبالت، والكولتان، والقصدير، واليورانيوم، في فبراير حين تقدمت باقتراح للحصول على حقوق استغلال مناجم في مقابل تقديم الدعم للحكومة، وفق تقرير رسمي معلن.
تقول "فاينانشيال تايمز" إن المشهد الأمني في جمهورية الكونغو الديمقراطية يختلف تمام الاختلاف عن أوكرانيا، إذ أنه علاوة على الصراع المباشر مع ميليشيا متمردي "إم 23"، هناك أكثر من 140 جماعة مسلحة ناشطة في شرق الكونغو.
بيد أن، مسؤولين كونغوليين يعربون عن أملهم في استخدام الاتفاق كورقة لتعزيز موقف حكومة تشيسكيدي، التي تكافح لاحتواء انتفاضة مجموعة "إم 23". وقد تمكن المتمردون من الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي الغنية بالمناجم والمعادن، علاوة على سيطرتهم على "جوما" و"بوكافو"، أكبر مدينتين في شرق البلاد.
وقبيل مغادرته العاصمة الكونغولية كينشاسا يوم الجمعة، في طريقه لإجراء مباحثات مع الرئيس الكيني ويليام روتون والأوغندي، يوري موسيفيني والرواندي، بول كاجامي، قال المستشار الأمريكي بولس: "نسعى لسلام دائم يؤكد وحدة الأراضي وسيادة جمهورية الكونغو الديمقراطية، ويرسي القواعد من أجل اقتصاد إقليمي مزدهر."
يقول مراقبون آخرون على صلة بالمباحثات الدائرة حالياً، إن المسألة ربما تتضمن إنشاء منطقة صناعية في الكونغو قادرة على تصدير المعادن المصنعة عبر الدول المجاورة. 
تشير الصحيفة إلى أن اجتماعات بولس مع موسيفيني في أوغندا، وكاجامي في وراندا خلال الأيام المقبلة، تواجه عقبات كبرى في اتمام اتفاق المعادن المرجو، في ضوء ما تمثله الدولتان من قوى عسكرية رابضة على حدود الكونغو الديموقراطية وانخراطهما في النزاع عبر وكلاء، لذا فإن الدعم الضمني من كلا الزعيمين يعد أمراً حيوياً لإتمام أي اتفاق يتم التوصل إليه.
والمعادن الحرجة، منها الألومنيوم، الأنتيمون، الزرنيخ، الباريت، البيريليوم، البزموت، السيريوم، السيزيوم، الكروم، الكوبالت الليثيوم.