نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الناشئة: مستقبل الدفاع العسكري؟ - تكنو بلس, اليوم الاثنين 7 أبريل 2025 08:51 صباحاً
كتب جاك جندو، رائد أعمال وخبير في التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، والرئيس التنفيذي لشركة "Brain Digits" ، لـ"النهار":
لم تعد الحروب الحديثة تُخاض فقط بالجيوش والذخائر، بل أصبحت ساحات القتال أكثر تعقيداً، تتحرك فيها الخوارزميات بقدر ما تتحرك فيها الدبابات. في عالمٍ يتسارع فيه التطور الرقمي، يُعيد الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الناشئة رسم ملامح الجيوش وطرق الدفاع، ويُحدث تحوّلاً جذرياً في طبيعة التهديدات، وسبل الردع، ونماذج التحالفات.
كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي موازين القوى؟
القيادة الذكية: من خلال أنظمة تحليل البيانات اللحظية، تستطيع غرف العمليات اتخاذ قرارات تكتيكية أسرع وأكثر دقة، ما يمنح القادة رؤية آنية لساحات المعارك، ويقلل من الخسائر البشرية.
الروبوتات والمسيّرات: لم تعد الطائرات بدون طيار مجرد أدوات مراقبة، بل أصبحت منصات قتالية ذكية قادرة على تحليل الأهداف، التنبؤ بالحركات، وتنفيذ المهام بقرارات شبه مستقلة.
المحاكاة والتدريب: تقنيات الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي تُستخدم اليوم في تدريب الجنود على سيناريوهات واقعية ومعقدة دون المخاطرة بأرواحهم، مما يرفع من جهوزية القوات وكفاءتها.
الردع بالتحليل التنبؤي: تعتمد الجيوش الحديثة على خوارزميات تتنبأ بمسار التهديدات والهجمات السيبرانية قبل حدوثها، وتستبقها بردود وقائية محسوبة.
التكنولوجيا الناشئة: ما بعد الذكاء الاصطناعي
الأسلحة الموجهة بالتعلم الآلي: أنظمة تسليح ذكية يمكنها التكيّف والتعلم من البيئة القتالية، وتحديث سلوكها وتكتيكاتها بشكل لحظي.
الحرب السيبرانية: اختراق البنى التحتية الرقمية للخصم، وشلّ قدراته التقنية، بات جزءاً أساسياً من الاستراتيجية الدفاعية لأي دولة.
الجنود المعزّزون تكنولوجياً: استخدام أجهزة استشعار، وخوذ ذكية، وأنظمة تحليل بيانات حيوية لتحسين أداء الأفراد، ورصد حالتهم النفسية والجسدية لحظياً.
الأقمار الصناعية الهجينة: دمج الذكاء الاصطناعي مع تقنيات الفضاء لتتبع التحركات، وتوفير المعلومات الاستراتيجية الدقيقة.
التحديات الأخلاقية والقانونية
مع هذا التقدم، تزداد المخاوف من الاستخدامات الخارجة عن السيطرة، ومن غياب الأطر الأخلاقية والقانونية التي تضبط استخدام الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية. من يُحاسب الخوارزميات؟ ومن يتحمل مسؤولية قرار القتل إن صدر عن آلة؟ وهل يمكن لمجتمع دولي غير منسجم على مفاهيم السيادة والأمن أن يتّفق على ما هو مقبول وغير مقبول في حروب الذكاء الاصطناعي؟
الشرق الأوسط: غائب عن التصنيع... حاضر في الاستهلاك
رغم أن بعض دول الشرق الأوسط بدأت بشراء أنظمة تسليح ذكية، إلا أن المنطقة ما زالت بعيدة عن مراكز البحث والتطوير. المطلوب ليس فقط شراء تكنولوجيا مستوردة، بل تأسيس منظومات أمنية واقتصادية تبني القدرات داخلياً، وتدعم الشركات الناشئة المتخصصة في تقنيات الدفاع.
لبنان: فرصة تكمن في الذكاء لا في العتاد
رغم الأزمة الاقتصادية والسياسية، يمتلك لبنان أحد أهم المقومات لبناء مستقبل دفاعي مختلف: العقول. بدلاً من السباق نحو التسلّح التقليدي، يمكن للبنان أن يتحوّل إلى مركز إقليمي لاحتضان الأفكار الدفاعية الذكية من خلال:
إطلاق حاضنات دفاع تكنولوجي تتعاون مع الجامعات وروّاد الأعمال لتطوير حلول للمراقبة، الحماية، والتحليل الاستخباراتي.
تشجيع الشركات الناشئة المتخصصة في الأمن السيبراني والتقنيات الدفاعية.
بناء شراكات دولية مع مؤسسات تكنولوجية عالمية لتطوير حلول ملائمة للسياق المحلي والإقليمي.
لبنان لا يحتاج إلى جيش كبير ليحمي نفسه، بل إلى نظام ذكي يجمع بين التكنولوجيا، التعليم، والاستقلالية الاستراتيجية.
الذكاء الاصطناعي لا يغيّر فقط شكل الأسلحة، بل يغيّر قواعد الاشتباك ذاتها. في زمن الحرب الرقمية، من يملك الخوارزمية... قد يملك القرار.
وإذا كان التفوق في الحروب السابقة يقاس بعدد الطائرات والدبابات، فإن حروب اليوم تُكسب بالخوادم، والبرمجيات، والعقول.
فهل نحن مستعدون لبناء دفاع رقمي... بدل انتظار الخطر؟
0 تعليق