أعلنت المملكة العربية السعودية عن خفض كبير في سعر نفطها الرئيسي المخصص لآسيا، في خطوة مفاجئة جاءت بعد أيام فقط من إعلان تحالف “أوبك+” عن زيادة غير متوقعة في الإنتاج.

وبحسب بيانات اطلعت عليها وكالة “بلومبرغ”، قررت شركة “أرامكو” السعودية خفض سعر خامها العربي الخفيف بمقدار 2.3 دولار للبرميل، بدءاً من شهر مايو المقبل، للمشترين الرئيسيين في الأسواق الآسيوية.

هذا الخفض يمثل أكبر تقليص في السعر منذ أكثر من عامين، ويأتي بعد سلسلة من الزيادات المتتالية التي سجلتها أسعار الخام السعودي خلال الفترة الماضية.

ورغم أن الأسواق كانت تتوقع تعديلاً طفيفاً في الأسعار، إلا أن هذا التخفيض تجاوز توقعات المتعاملين والمصافي، مما أثار تساؤلات حول دوافع الخطوة وتوقيتها، خصوصاً بعد إعلان “أوبك+” عن زيادة الإنتاج.

“أوبك+” يضخ كميات إضافية للسوق العالمية

في الثالث من أبريل، أعلن تحالف “أوبك+”، الذي تقوده السعودية وروسيا، عن زيادة ضخ أكثر من 400 ألف برميل يومياً من النفط إلى السوق العالمية بدءاً من مايو، وهي زيادة تفوق بثلاثة أضعاف ما كان مخططاً له مسبقاً. وتهدف هذه الخطوة، بحسب بعض المندوبين في التحالف، إلى فرض مزيد من الانضباط على الدول الأعضاء التي لم تلتزم سابقاً بحصص الإنتاج، مثل العراق وكازاخستان.

هذه الزيادة المفاجئة ساهمت في تراجع أسعار النفط بشكل حاد، حيث انخفض خام برنت في لندن إلى ما دون 65 دولاراً للبرميل يوم الجمعة الماضي، وهو أدنى مستوى له منذ أكثر من ثلاث سنوات. ويُذكر أن السعودية، بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، تحتاج إلى سعر يفوق 90 دولاراً للبرميل لتحقيق التوازن في ميزانيتها العامة.

اقرأ أيضًا: بواقع 411 ألف برميل يوميًا.. أوبك بلس تقرر زيادة الإنتاج في مايو المقبل

تراجع الأسعار يثير المخاوف من أزمة نفطية

يشكل هذا التحرك المفاجئ من “أوبك+” وخفض الأسعار السعودية تحدياً للأسواق، خاصة في ظل استمرار حالة عدم اليقين التي تحيط بالاقتصاد العالمي. فقد أثارت الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب قلقاً واسعاً من اندلاع حرب تجارية عالمية، مما أدى إلى مزيد من الضغط على أسعار الطاقة.

وبالإضافة إلى خفض الأسعار، تواصل “أوبك” تنفيذ زيادات تدريجية في إنتاجها، ضمن خطة للتراجع عن القيود التي فرضتها خلال جائحة كورونا في عام 2022. وتشير التقارير إلى أن المنظمة تعتزم تنفيذ زيادات إضافية صغيرة خلال الأشهر القادمة، رغم أن الطلب لا يزال غير مستقر.

ترامب يضغط لتخفيض الأسعار وتحجيم روسيا

من جانبه، شدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب على أهمية خفض أسعار النفط، معتبراً أن ذلك ضروري لكبح جماح التضخم وتكثيف الضغط الاقتصادي على روسيا، في محاولة لتعزيز الجهود الدولية لإنهاء الحرب في أوكرانيا. وتأتي هذه التصريحات ضمن حملة أوسع للضغط على المنتجين في الشرق الأوسط لخفض الأسعار، رغم التأثيرات المحتملة على اقتصاداتهم الوطنية.

تحديات اقتصادية تلوح في الأفق

تواجه السعودية ومعها دول “أوبك+” معضلة حقيقية بين الحفاظ على أسعار تدعم ميزانياتها، وبين تلبية ضغوط السوق العالمي والسياسة الدولية. ويبدو أن القرارات الأخيرة تعكس محاولة للموازنة بين مصالح متضاربة، في ظل بيئة اقتصادية شديدة التعقيد، يتخللها توتر سياسي متصاعد واضطرابات تجارية متزايدة.

وفي ضوء هذه التطورات، يترقب المستثمرون والمراقبون مزيداً من التحركات خلال الأسابيع المقبلة، خاصة مع استمرار تقلبات الأسواق وتأثيرها المباشر على أسعار النفط العالمية.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط