نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
محاذير محدقة بتظهير مشكلة داخلية مبكرة - تكنو بلس, اليوم الأربعاء 2 أبريل 2025 06:34 صباحاً
سمحت عطلة عيد الفطر والتطورات الأمنية في الجنوب ولاحقاً في الضاحية الجنوبية، بتحييد الأنظار عن الانعكاسات السلبية والبالغة الخطورة للجلسة الأخيرة التي عقدها مجلس الوزراء في قصر بعبدا وتم خلالها تعيين كريم سعيد حاكما للمصرف المركزي بالتصويت. لكن الأمور بقيت تتفاعل في الأوساط السياسية ولو أنها كانت على طريق المعالجة من حيث المبدأ.
أوساط معنية في الخارج اعتبرت أن المشكلة الأساسية التي برزت أخيرا سلطت الضوء على أن أركان السلطة سلكوا الطريق الأصعب راهنا، أي الطريق حيث الخلاف الداخلي بين رأسي السلطة التنفيذية. هذه الطريق تمثلت في اختيار شخص لحاكمية المصرف المركزي، على رغم كفاياته، لا توافق خارجيا عليه، فيما الحاجة في هذه المرحلة إلى حاكم للمركزي يطمئن الخارج، سواء فرنسا التي ستحضّر لمؤتمر إعادة الإعمار، أو المملكة السعودية التي ينتظر لبنان منها مساعدات كثيرة، أو الولايات المتحدة التي يحكى عن تدخلها في اختيار حاكم المركزي، إلا أن الكلام على هذا الموضوع أكبر بكثير من الفعل.
فالأميركيون لم يضغطوا في الواقع بمعنى أنهم لم ولن يمسكوا بيد لبنان في كل مرحلة، بل يميلون إلى ترك اللبنانيين يتحملون مسؤوليتهم، وإذا اتخذ أهل السلطة في لبنان القرارات الصحيحة فيلقون الدعم، وإلا فإنهم سيتحملون تبعة ذلك.
هذا لا ينفي أن الأميركيين عبّروا في مرحلة من المراحل عن أفضلية لمدير الشرق الأدنى في صندوق النقد الدولي الوزير السابق جهاد أزعور، ولو أنه قبل أن يكون حاكما للمصرف المركزي حين طرح عليه الموضوع أخيرا من الجانب الأميركي وليس من الجانب اللبناني، علما أن الدفع بالرغبة لرؤية أزعور في هذا الموقع تعدّى الأميركيين إلى الفرنسيين وحتى السعوديين. ولكن لم يحصل أي ضغط على أهل السلطة في لبنان الذين ارتبك بعضهم، وهو ما برز في الخلاصات التي انتهى إليها تعيين كريم سعيد، فيما يسود كلام كثير في الأوساط المالية عن اعتقاد كبير أن تعيين سعيد كان متفقا عليه على نحو سابق بكثير لمرحلة البحث عن الأسماء المحتملة لهذا المنصب.
الإشكالية الآن وفق آخر المؤشرات وانعكاساتها المحتملة خارجيا، أن أهل السلطة، حتى لو توافقوا وفق ما هو مرجح في نهاية الأمر، فإنهم أخذوا الخيار الأصعب بالطريقة الأسوأ والمتعلقة بالمقاربة الخلافية التي طفت على السطح ولم تكن وراء الأبواب المغلقة، وأحدثت شرخا مبكرا. النقطة الأساسية في هذه الإشكالية أن ثمة حسابات أجريت في المقاربة التي حصلت عن سابق تصميم، وهناك حسابات للكلفة وفق ما هو مفترض، وتاليا هي لم تكن عفوية وبنت ساعتها. والخلاصة أن كلا من رئيسي الجمهورية والحكومة وصلا إلى ما لم يكن ينبغي الوصول إليه، على الأقل في هذه المرحلة، ما يرتب مسؤولية على كليهما، لا على أحدهما دون الآخر، إذ كان ينبغي التنبه لعدم بلوغ مرحلة الاشتباك بينهما.
والواقع أن عاملين كبيرين يؤثران أيضا ويخشى أن تتحول الأمور في اتجاههما: الأول هو تكرار التأكيد أن لبنان لا يحكم إلا من خلال ما يسمى المنظومة، والثاني أن الحق لا يبقى حقا ما لم تتم إدارته في شكل صحيح.
وتقول المصادر إن لبنان، في ظل ما أصبحت عليه الأمور من ضعف للهيمنة الإيرانية السورية ومسار إنهاء تبعاتها على لبنان، بات يتعرض لضغوط إيجابية من أجل أن يقوم بالإصلاح. ولذا حان الوقت ليقوم السياسيون بأمور لم يعتادوا القيام بها من قبل، بدءا من عدم تظهير واقع أن المشكلة في لبنان هي في الأساس مشكلة عضوية داخلية قبل أن تكون هيمنة الخارج. يضاف إلى ذلك أن الحكومة الحالية قد تكون من بين أفضل الحكومات من حيث طريقة تأليفها ونوعية الوزراء، وكذلك ما رتّب ويرتب كلفة سياسية.
وفي ظل بدء سلوك الوضع الأمني طريقه إلى الاستيعاب والحل والإقفال، إن في الشق المتعلق بالحدود مع أسرائيل أو مع سوريا وفق ما شهد الأسبوع الماضي من لقاءات في السعودية أو فرنسا، فإن العين تتركز بقوة على الداخل لمعرفة كيفية إدارة لبنان أموره وقدرته على الإصلاح، الذي تناقضت الرؤى حوله من خلال تعيين حاكم المصرف المركزي، فضلا عن انتظار الخارج ما يمكن أن يفعله لبنان في الواقع. ومن المهم تبعا لذلك ألا يستنفد لبنان رصيده الخارجي في ظل الاندفاعة القوية نسبيا لمساعدته، علما أن هناك من يتقدمه إقليميا على صعيد استحقاق المساعدة، على غرار سوريا مثلا.
0 تعليق