نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
دور المتاحف في تعزيز التواصل والتفاعل - تكنو بلس, اليوم الجمعة 23 مايو 2025 09:13 صباحاً
عندما أطلقنا متحف مسك للتراث «آسان» في فبراير الماضي، كانت مهمتنا واضحة: صون تراثنا السعودي بجانبيه المادي وغير المادي، والاحتفاء بنمط الحياة السعودية، ليس فقط بإبراز قيمنا وتقاليدنا وعاداتنا الأصيلة، بل بضمان ازدهارها ليُعاد اكتشافها جيلاً بعد جيل. وقد أدركنا منذ البداية أن تحقيق هذا الهدف يتطلب تواصلاً فعّالاً مع مختلف فئات المجتمع، لا سيّما الشباب، مع رؤية بعيدة تستشرف احتياجات الغد وتضمن مد جسور التواصل بين أجيال الماضي والحاضر والمستقبل.
من هنا، انطلقت رؤيتنا لإعادة تعريف المفهوم التقليدي للمتاحف ودورها في المجتمعات، فأردناه أن يكون متحفاً حيّاً، منفتحاً، متصلاً بالمستقبل، لا جامداً ولا معزولاً عن مجتمعه، وهي رؤية تتناغم بشكل كبير مع موضوع اليوم العالمي للمتاحف لهذا العام: «مستقبل المتاحف في مجتمعات سريعة التغير»، في تذكير مهم بأن المؤسسات الثقافية مطالبة دوماً بمواكبة التغيرات التي تشهدها المجتمعات من حولها. وهذا التحدي، لا يمكن لأي متحف أن يواجهه بمفرده، بل هو مسؤولية مشتركة، تعكس واقعاً ثقافياً حيوياً في المملكة يشهد نمواً متسارعاً وتنوعاً ملحوظاً.
وهنا تتجلّى أهمية التعاون والتكامل، إذ يصعب على أي متحف أو موقع تراثي أو مساحة ثقافية، مهما بلغ مستوى ابتكارها، أن تواكب بمفردها وتيرة التغيير المجتمعي، لا سيما في بلد يشكّل الشباب فيه النسبة الأكبر. ومن هنا، تنبع قوة متاحفنا من قدرتها على العمل المشترك والتنسيق، بما يعزّز الأثر الجماعي ويكمّل الجهود الفردية. وبالتعاون وتبادل الخبرات والموارد والتقنيات، نستطيع مضاعفة أثرنا، وصناعة مشهد ثقافي مترابط، نابض بالحيوية والمعرفة، يدفع القطاع بأكمله نحو مستقبل أكثر إشراقاً.
وتماشياً مع أحد مستهدفات رؤية المملكة 2030، المتمثّل في رفع مساهمة القطاع غير الربحي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، تبرز المتاحف إحدى الجهات المساهمة بشكل فعّال في تحقيق هذا الهدف؛ إذ فضلاً عن أنها تمثل ركائز أساسية لحفظ الهوية الوطنية، فهي في الوقت نفسه محركات فعّالة لدفع عجلة التنمية، حيث لا يقتصر دورها على احتضان المقتنيات التراثية والتاريخية، بل يشمل كذلك كونها منصات حيوية يمكنها المساهمة في خلق فرص العمل، وتطوير البحث الأكاديمي في مجالات مثل حفظ التراث وترميمه وتوثيقه، إضافة إلى إجراء الدراسات والأبحاث ذات الصلة بالمتاحف، فضلاً عن كونها مساحات لتوظيف الابتكارات التقنية والاستفادة منها. وبإلهامها الشباب ليتعرفوا على إرثهم ويقدّروه، تؤدي المتاحف دوراً محورياً في تحويل الاهتمام بالتراث إلى شغف يستمر مدى الحياة، شغفٌ يتحول إلى التزام دائم، والتزام يتحول إلى إنجاز وأثر ملموس.
وربما واحدة من أكثر الشراكات نجاحاً وتأثيراً تلك التي تبنيها المتاحف مع مجتمعاتها، لتكريس فكرة أن الزوار ليسوا مجرد متلقين، بل شركاء فاعلين في تشكيل التجربة وإثرائها. وهذا ما نطمح إليه في «آسان»، حيث سيتطور المتحف باستمرار عبر فعاليات وورش عمل تفاعلية ومبادرات شاملة ومبتكرة نأمل أن تفتح باب الحوار بين الأجيال، وتغذي روح الإبداع، وتحفز الجميع على المشاركة في إثراء الإرث الثقافي والحضاري للمملكة. إن رؤيتنا في آسان واضحة لا تحتاج إلى بيان: المتحف لا ينبغي له أن يكون مجرد مبنى أو صالة عرض، بل تجربة غامرة، تنقلك عبر الزمن، تعلّم وتلهم وتوسّع الأفق.
المتحف ليس فقط مساحة لعرض مجموعة من القطع النادرة، بل نافذة حيّة إلى العادات والتقاليد والقيم المجتمعية من مختلف مناطق المملكة، تُعيد الحياة إلى الحرف التقليدية، وتسرد القصص الشفهية التي تناقلتها الأجيال، والأغاني والأهازيج والذكريات، والتجارب التي شكّلت هويتنا المجتمعية. كما أن القصص التي نرويها في متاحفنا ليست تفاصيل هامشية، بل هي ما يُشكّل وعينا بذواتنا، ويعكس صورتنا في أعين الآخرين، ونطمح أن يرى كل سعودي، صغيراً كان أم كبيراً، انعكاساً من قصته الشخصية في أروقة آسان، وأن يستشعر مسؤولية نقل هذا الإرث للأجيال القادمة.
إن إنشاء مساحات ملهمة تُجسد هويتنا وتعمل على صونها هو ما يضمن استمرار حيوية التراث السعودي، ليس فقط اليوم، أو بحلول عام 2030، بل لسنوات وأجيال طويلة قادمة.
الرئيس التنفيذي لمتحف مسك للتراث «آسان»
أخبار ذات صلة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : دور المتاحف في تعزيز التواصل والتفاعل - تكنو بلس, اليوم الجمعة 23 مايو 2025 09:13 صباحاً
0 تعليق