تواجه الحكومة البريطانية تدقيقًا برلمانيًا مكثفًا بشأن صادرات الأسلحة إلى إسرائيل، مع تزايد المخاوف من أن ثغرات في قواعد التصدير قد تسمح بوصول أسلحة بريطانية الصنع إلى الصراع في غزة، على الرغم من الحظر الرسمي.

الوزراء يجيبون عن أسئلة صعبة بشأن تراخيص الأسلحة

ووفقا لما نشرته الجارديان، في خطوة تؤكد تنامي القلق في وستمنستر، استدعت لجنة الأعمال المختارة ثلاثة وزراء مسؤولين عن صادرات الأسلحة إلى إسرائيل – وزير التجارة دوغلاس ألكسندر، إلى جانب ممثلين عن وزارتي الخارجية والدفاع – لتقديم توضيحات عاجلة.

طلب رئيس اللجنة، ليام بيرن، إجابات حول تطبيق وإنفاذ الحظر الجزئي على صادرات الأسلحة إلى إسرائيل الذي فُرض العام الماضي، حيث تساءل أعضاء البرلمان عما إذا كانت القواعد الحالية قوية بما يكفي لمنع استخدام الأسلحة البريطانية في الصراع الدائر في غزة.

ارتفاع حاد في موافقات التراخيص رغم الحظر الرسمي

تتمحور المخاوف البرلمانية حول أرقام جديدة صدرت يوم الجمعة الماضي، تشير إلى أن الحكومة البريطانية وافقت على تراخيص لمعدات عسكرية بقيمة 127.6 مليون جنيه إسترليني لإسرائيل في الربع الأخير من عام 2024 وحده، متجاوزةً بذلك إجمالي مبيعات الأسلحة البريطانية الإسرائيلية بين عامي 2020 و2023.

أثارت هذه البيانات، التي أبرزتها حملة مناهضة تجارة الأسلحة، مخاوف من أن الشركات ربما تستغل ثغرات في حظر سبتمبر 2024.

أثارت هذه الأرقام طعونًا مباشرة في مجلس العموم، وضغطت النائبة العمالية المستقلة، زارا سلطانة، على وزير الخارجية ديفيد لامي لتفسير هذه الزيادة الظاهرة، إلا أن لامي نفى صحة الإحصاءات، متهمًا سلطانة بـ”تضخيم القضية” وطمأنة البرلمان بأن “الأسلحة لا تصل إلى إسرائيل والتي يمكن استخدامها في غزة”.

ومع ذلك، يكشف تحليل أعمق لتراخيص التصدير عن وجود أكثر من 61 مليون جنيه إسترليني من تراخيص إصدار واحد لبضائع عسكرية متجهة إلى إسرائيل، تشمل هذه الفئات الحرجة أنظمة الاستهداف والذخائر وقطع غيار الطائرات – وهي سلعٌ يُحذّر الخبراء من أنها ذات صلة مباشرة بالعمليات العسكرية التي تُدمّر غزة حاليًا.

يتصاعد الضغط من أجل شفافية أكبر

في رسالته إلى الوزراء المُستدعين، أشار بيرن إلى تأكيدات وزارية سابقة بأن الحظر يشمل “المعدات التي نُقيّم أنها مُخصصة للاستخدام في الصراع الحالي في غزة، مثل المكونات المهمة التي تدخل في صناعة الطائرات العسكرية، بما في ذلك الطائرات المقاتلة والمروحيات والطائرات المُسيّرة، إضافة إلى المواد التي تُسهّل الاستهداف الأرضي”.

طالب بيرن الآن بتفسير مُفصّل للزيادة الأخيرة في موافقات التصدير، بالإضافة إلى بيانات عن أي تراخيص تصدير عُدّلت لإزالة إسرائيل من قائمة المُستخدمين النهائيين.

مراجعة قضائية تُثير تساؤلات قانونية

يأتي هذا الجدل في ظلّ تدقيق قانوني مُتزايد، ففي الأسبوع الماضي فقط، أجرت المحكمة العليا مراجعة قضائية لمدة أربعة أيام حول ما إذا كان من القانوني للمملكة المتحدة توريد مكونات لطائرات مقاتلة من طراز F-35 يُمكن نقلها في نهاية المطاف إلى إسرائيل واستخدامها في عمليات القصف على غزة.

في حين جادلت الحكومة بأن هذه المبيعات تتوافق مع القانون البريطاني، ويشير المنتقدون إلى اعترافات وزارية بأن تصدير قطع الغيار قد يُسهم بالفعل في الصراع الدائر.

أقرا أيضا.. خطأ فادح كشف مكانه.. كيف اغتالت إسرائيل محمد السنوار زعيم حماس في غزة؟

الضغوط السياسية داخل صفوف حزب العمال

كشف النقاش أيضًا عن انقسامات عميقة داخل حزب العمال الحاكم، ففي حين رحبت جماعات حقوق الإنسان والعديد من نواب حزب العمال بموقف وزير الخارجية لامي المتزايد الانتقادي للحصار الإسرائيلي لغزة، أعرب العديد من نواب حزب العمال الخلفيين عن إحباطهم خلال جلسة متوترة استمرت 90 دقيقة يوم الثلاثاء.

أعرب النواب عن غضبهم من اكتفاء الوزراء حتى الآن بتعليق المحادثات بشأن اتفاقية تجارة حرة موسعة مع إسرائيل، مطالبين بمزيد من “التدابير الملموسة”، ومحذرين من أن مجرد الكلام لن يكفي في مواجهة أزمة إنسانية متصاعدة.

تداعيات أوسع على سياسة المملكة المتحدة

مع استمرار إدانة دولية للحرب في غزة وكارثة إنسانية، من المتوقع أن يظل دور المملكة المتحدة كمورد أسلحة لإسرائيل تحت التدقيق الشديد.

تضغط اللجان البرلمانية والسلطة القضائية ومنظمات المجتمع المدني على الحكومة لسد أي ثغرات متبقية وضمان اتساق السياسة البريطانية مع القانون الدولي والتزامات المملكة المتحدة المعلنة في مجال حقوق الإنسان.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط