حلت يوم الثلاثاء 20 مايو الذكرى الرابعة لرحيل نجم الكوميديا الفنان الكبير سمير غانم، أحد أبرز الوجوه في تاريخ الفن المصري والعربي، والذي غادر عالمنا عام 2021 متأثراً بإصابته بفيروس كورونا، تاركاً وراءه إرثاً فنياً استثنائياً يتجاوز 300 عمل بين المسرح والسينما والتلفزيون.

ولد سمير يوسف غانم في 15 يناير 1937 بمحافظة أسيوط، ونشأ في بيئة منضبطة بحكم عمل والده كضابط شرطة. التحق بكلية الشرطة تنفيذاً لرغبة أسرته، لكنه لم يجد ذاته هناك، خاصة بعد رسوبه في أحد الأعوام. من المواقف اللافتة في تلك الفترة أنه التقى بالضابط والممثل لاحقاً صلاح ذو الفقار، الذي شجعه على الانضمام لفريق الملاكمة، إلا أن أول خسارة تلقاها دفعته لترك الرياضة، بل والكلية بأكملها.

انقلب مسار حياته كلياً حين التحق بكلية الزراعة في جامعة الإسكندرية، وهناك برزت موهبته المسرحية، فشارك في العروض الجامعية، إلى أن تعرف على جورج سيدهم والضيف أحمد، وكوّنوا معاً فرقة "ثلاثي أضواء المسرح" التي غيّرت شكل الكوميديا المصرية، عبر الاسكتشات الغنائية السريعة، والمسرحيات الساخرة.

تفكك الثلاثي ومرحلة الانطلاق

بعد وفاة الضيف أحمد المفاجئة عام 1970، استمر التعاون الفني بين غانم وسيدهم، وقدما معاً مسرحيات ناجحة، كان آخرها "أهلاً يا دكتور" عام 1981. لاحقاً، انفصل كل منهما فنياً، وبدأ سمير غانم طريقاً منفرداً في السينما والتلفزيون.

وفي الثمانينات، لمع نجمه كأحد أبرز نجوم الكوميديا في السينما، مقدّماً عشرات الأفلام التي اعتبرها البعض سبباً في "هبوط" مستوى الإنتاج السينمائي المصري، بسبب اعتمادها على الكوميديا التجارية. إلا أن غانم كان دائم الدفاع عن هذا النوع من الأعمال، مؤكداً أن الضحك هدف نبيل في حد ذاته، وأنه لا يعتبر تقديم العِظة أو الرسالة شرطاً للفن الناجح.

"فطوطة" التي لاحقته خارج الشاشة

من المحطات الأهم في مسيرته شخصية "فطوطة" الشهيرة التي قدمها في فوازير رمضان، وحققت نجاحاً شعبياً ضخماً. ورغم تعلق الجمهور بالشخصية، إلا أن سمير غانم اعترف لاحقاً أنها كانت مرهقة نفسياً له، موضحاً في أحد لقاءاته: "كنت بحس إني طفل فعلاً، والناس بتندهلي في الشارع بـ فطوطة، وده كان بيخليني مش مرتاح".

زيجات قصيرة وامرأتان في حياته

على المستوى الشخصي، تزوج سمير غانم ثلاث مرات. الزيجة الأولى كانت من سيدة صومالية، استمرت لثلاثة أشهر فقط. أما الثانية، فكانت قصيرة للغاية، إذ انتهت خلال أسبوع. لكن زيجته الأشهر كانت من الفنانة دلال عبد العزيز، التي وصفها بأنها كانت "تطارده" وأنها هي من طلبت الزواج منه، وأنه وافق لأنه وجد فيها الحنان والدعم. أنجب منها ابنتين أصبحتا نجمتيْن لاحقاً: دنيا وإيمي سمير غانم.

الأهلي... عشق لا ينتهي

كان سمير غانم مشجعاً وفياً للنادي الأهلي، وتحدث في أكثر من مناسبة عن عشقه للفريق الأحمر، قائلًا مازحاً: "نفسي وأنا في السن دا ألعب في الأهلي وأقعد على الكرسي في الملعب". هذا الانتماء لم يكن فقط حباً فردياً، بل جذور عائلية، إذ كان والده من مشجعي الأهلي المتعصبين الذين يرفضون الحديث أثناء المباريات.

وانعكست هذه الانتماءات الكروية على علاقته بزملائه، فقد كشف أن مشاجرات كثيرة كانت تقع بينه وبين الضيف أحمد وجورج سيدهم بسبب تشجيعهم لأندية مختلفة. كان الضيف أحمد مشجعاً متعصباً للزمالك، لدرجة أنه كان يختفي من العالم عقب كل خسارة، بينما كان سيدهم "أهلاوياً شرساً"، وبينهما كان غانم يمازحهما بعد كل هزيمة أو انتصار، مما أضفى طرافة على علاقتهما.

خسائر شخصية ومعنوية

رغم شهرته، إلا أن سمير غانم لم يخلُ من الصدمات. فقد تحدث مراراً عن تعرضه للنصب في بداية مشواره الفني، دون أن يحدد هوية الشخص، لكنه قال إن الموقف ترك أثراً كبيراً في نفسه لأنه لم يتمكن من استرداد حقه.

وكانت وفاته في 20 مايو 2021 محطة حزينة في قلوب جمهوره، حيث رحل إثر مضاعفات الإصابة بفيروس كورونا، بعدما قضى أيامه الأخيرة في العناية المركزة بإحدى المستشفيات الخاصة. الأشد قسوة في القصة أن زوجته دلال عبد العزيز كانت ترقد في غرفة مجاورة، مصابة بنفس المرض، دون أن تعلم بوفاته، لترحل هي الأخرى بعده بشهرين، في مشهد مأساوي أوجع الجميع.

ترك سمير غانم وراءه رصيداً ثرياً من الأعمال الفنية، تجاوز 150 فيلماً، من أبرزها: "30 يوم في السجن"، "أميرة حبي أنا"، "المجانين الثلاثة"، "البنات عايزة إيه"، "إحنا بتوع الإسعاف"، وقرابة 70 مسلسلاً من أشهرها: "حكاية ميزو"، "أهلاً فطوطة"، "كابتن جودة"، و"رجل شريف جداً".

لمشاهدة أبرز اللقطات من أعمال الراحل سمير غانم، استمتعوا بمطالعة الألبوم أعلاه..