وصل رئيس لبنان الجديد جوزيف عون، اليوم الاثنين، إلى مصر في زيارة رسمية، بدعوة من نظيره المصري عبد الفتاح السيسي.

وتأتي هذه الزيارة بعد مرور أشهر قليلة على زيارته السابقة للمشاركة في القمة العربية الطارئة، ما يثير تساؤلات حول دلالات هذا التقارب المتسارع بين بيروت والقاهرة، وما الذي يطمح إليه الرئيس اللبناني من مصر في هذا التوقيت الحرج.

علاقات لبنان ومصر تبحث عن عمق استراتيجي

وأكدت الرئاسة اللبنانية أن الزيارة تأتي في إطار دعم وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، والبحث في ملفات التعاون السياسي والعسكري والاقتصادي.

وبحسب مصادر مطلعة، فإن الوفد اللبناني المرافق لعون يضم مستشارين ومسؤولين اقتصاديين، ما يشير إلى نية واضحة لبحث الدعم المصري في ملفات حيوية، تتصدرها الطاقة، وإعادة الإعمار، ودعم الجيش اللبناني.

عون قال في مقابلة بثت مساء الأحد عبر قناة “أون ” المصرية، إنه سيبحث مع القيادة المصرية ملفات التعاون في مجالات الغاز والكهرباء وإحياء اللجنة العليا المشتركة، إضافة إلى دعم الجيش اللبناني خاصة في ما يتعلق بالعتاد الهندسي والتجهيزات المرتبطة بالكشف عن المتفجرات والأنفاق.

لبنان ودخول البوابة الخليجية عبر مصر

بحسب تقارير فإن زيارة الرئيس اللبناني تأتي في وقت يواجه فيه لبنان أسوأ أزمة مالية واقتصادية منذ عقود. فبعد انهيار العملة المحلية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، تعثرت جميع محاولات النهوض، وسط غياب أي دعم خارجي فعّال.

ولهذا، يسعى عون إلى كسب تأييد عربي مباشر، والاعتماد على الدور المصري كمفتاح للبوابة الخليجية التي ما زالت متحفظة في تعاملها مع لبنان.

ملف سوريا والعقوبات الأمريكية

من بين أبرز الملفات التي طرحها عون في المقابلة التلفزيونية أيضًا، ملف العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، حيث أشار إلى أهمية مناقشة هذه المسألة مع الرئيس المصري، بالنظر إلى انعكاساتها المباشرة على الوضع الاقتصادي اللبناني.

كما أبدى اهتمامًا بنتائج زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الخليج، وما تبعها من حراك دبلوماسي إقليمي.

عون وتفكيك حزب الله

تزامن انتخاب عون رئيسًا للجمهورية مع مرحلة سياسية دقيقة، أعقبت اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل الذي أنهى حربًا طويلة تسببت بدمار واسع، لا سيما في الجنوب اللبناني والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت.

وقد نصّ الاتفاق حينها على تفكيك بنى حزب الله العسكرية، وتعزيز وجود الجيش اللبناني، وهو ملف لا يزال عالقًا بسبب الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة.

رهان لبنان على مصر في مرحلة ما بعد الحرب

زيارة عون الحالية تتجاوز طابعها البروتوكولي، لتشكل جزءًا من استراتيجية لبنانية تهدف إلى تأمين شركاء إقليميين جدد يدعمون عملية إعادة الإعمار، ويساهمون في تخفيف حدة الانهيار الاقتصادي.

وتبدو مصر، من وجهة نظر بيروت، دولة مؤهلة للعب هذا الدور، بفضل موقعها الإقليمي وتوازن علاقاتها مع مختلف القوى الفاعلة في لبنان.

تحرك دبلوماسي لبناني باتجاه العمق العربي

ومنذ توليه الرئاسة، حرص جوزيف عون على تكثيف جولاته العربية، وكان حضوره في القمة العربية الطارئة بالقاهرة قبل أشهر إشارة أولى إلى سعيه لتعزيز التواصل مع الدول المؤثرة.

لكن زيارته الثانية خلال فترة قصيرة لمصر، تعكس اهتمامًا خاصًا بالعلاقة مع القاهرة، وإدراكًا لأهمية استعادة العمق العربي كممر إجباري لخروج لبنان من أزماته المتراكمة.

اقرأ أيضا

صفقة جديدة حول غزة.. تفاصيل مفاوضات الحسم بين إسرائيل وحماس في الدوحة

نسخ الرابط تم نسخ الرابط