كشفت تقارير داخلية مسرّبة أن مسؤولين فيدراليين أمريكيين كانوا على دراية منذ منتصف ديسمبر 2024 بأن العديد من الطائرات المسيرة التي رُصدت في أجواء ولايتي نيوجيرسي ونيويورك لم تكن مجهولة المصدر كما تم الترويج، بل كانت طائرات مصرح لها بالطيران، لكن السلطات اختارت التزام الصمت ولم تُفصح عن تلك المعلومات للعامة، ما أثار جدلاً واسعاً حول مدى شفافية الأجهزة الفيدرالية وتعاملها مع المعلومات الأمنية ذات الحساسية العالية.

“أوهام بصرية” وطائرات مرخصة

بحسب صحيفة “نيويورك بوست”، فقد أعدّت إدارة أمن النقل الأمريكية (TSA) عرضًا داخليًا كشفت فيه أن أربعًا من الحوادث التي أُبلغ عنها كمشاهدات لطائرات مسيّرة في سماء نيوجيرسي، لم تكن سوى “أوهام بصرية” ناجمة عن رصد طائرات مرخصة.

أحد الشرائح ضمن العرض أشار إلى أن طائرات شوهدت ليلة 26 نوفمبر 2024 في سماء مدينة سومرفيل بولاية نيوجيرسي بدت وكأنها تحلق في تشكيل، بينما كانت في الواقع تتجه مباشرة نحو المراقبين على الأرض، وهو ما ولّد انطباعاً خاطئاً بأنها مسيّرات تحلق بشكل جماعي.

محطات نووية ومجال جوي مقيد

العرض التقديمي نفسه تضمن أيضًا تفسيرًا لثلاث مشاهدات أخرى فوق محطة سالم للطاقة النووية ومحطة هوب كريك المجاورة بتاريخ 12 ديسمبر 2024، أي قبل يوم واحد فقط من إعلان إدارة الطيران الفيدرالية عن فرض قيود على المجال الجوي في تلك المنطقة، ما يثير تساؤلات حول التوقيت والدوافع الكامنة وراء القرار.

وفيما يتعلق بمشاهدات يوم 5 ديسمبر على طول ساحل نيوجيرسي، تبين أنها تعود لطائرات تجارية كانت في طريقها للهبوط في مطار “جون إف. كينيدي”، وقد مرت فوق منطقة “سي غيرت” قبل أن تغير اتجاهها مجددًا نحو البحر.

تفسيرات رسمية لحوادث الطائرات المسيرة

أكدت السلطات أن طائرتين – إحداهما من طراز “سيسنا C150” والأخرى مروحية عسكرية من طراز “بلاك هوك UH-60” – كانتا تحلقان في إطار مهمات مرخصة داخل المجال الجوي ذاته، وظهرتا بشكل مضلل كما لو أنهما طائرات مسيّرة ثابتة في السماء.

أما الحادثة التي وردت في 12 ديسمبر بمدينة كليفتون، نيوجيرسي، حيث أفاد شهود عيان بمشاهدة طائرة مسيّرة ترش ضبابًا رماديًا، فقد تم نفيها بالكامل، وتبين أن ما شوهد كان طائرة “بيتش كرافت بارون 58” واجهت اضطرابًا جويًا أدى إلى فقدانها المؤقت للارتفاع.

ووفقًا لتقرير العرض، فقد أدى التغير المفاجئ في الضغط الجوي إلى تشكل “دوامات طرف الجناح”، التي تظهر على شكل سحب رمادية شبيهة بالضباب.

سرب غامض من الطائرات المسيرة فوق الأطلسي

ورغم محاولة التقرير تفسير غالبية المشاهدات، إلا أنه لم يُجب على إحدى أكثر الحوادث غموضًا، والتي وقعت في 8 ديسمبر 2024، حين أفاد أفراد من خفر السواحل الأمريكي بمشاهدتهم مجموعة تتراوح بين 12 إلى 30 طائرة مسيّرة تحلق فوق المحيط الأطلسي.

ولم تُقدم السلطات حتى الآن أي تفسير رسمي لهذا الحادث، ما يفتح الباب أمام تكهنات حول احتمال وجود نشاط استخباراتي أو اختبارات عسكرية غير معلن عنها.

ترامب يهاجم بايدن بسبب الطائرات المسيرة

وفي يناير 2025، انتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إدارة الرئيس جو بايدن بشدة، متهمًا إياها بـ”إبقاء سكان نيويورك ونيوجيرسي في حالة ترقب”، وقال: “لسبب ما، لا يريدون إبلاغ الناس، رغم أن جيشنا يعلم، والرئيس يعلم. ولسبب ما، يريدون إبقاء الناس في الظلام”.

يُذكر أن الرئيس بايدن كان قد صرّح في ديسمبر أن “لا شيء مريب في السماء”، وهو ما دعمه عدد من أعضاء الكونغرس عقب حضورهم إحاطة سرية حول الموضوع، مؤكدين أنه لا يوجد ما يدعو للقلق.

غياب الشفافية أم إجراءات أمنية؟

يثير هذا الملف علامات استفهام عديدة حول مدى التزام السلطات الفيدرالية بمبدأ الشفافية، خاصة في ظل غياب بيانات رسمية توضّح طبيعة هذه الطائرات وهويتها، أو تبرر سبب التكتم على المعلومات رغم معرفة الأجهزة الأمنية بها منذ أسابيع، وربما أشهر.

ورغم محاولات إدارة بايدن التخفيف من وطأة الحادث، إلا أن فشلها في تفسير بعض الحوادث لا يزال يترك فراغًا معلوماتيًا خطيرًا، قد يُستغل من قبل جماعات سياسية أو وسائل إعلام معارضة لتوجيه الاتهامات وتغذية نظريات المؤامرة.

اقرأ أيضًا: صفقة جديدة حول غزة.. تفاصيل مفاوضات الحسم بين إسرائيل وحماس في الدوحة

نسخ الرابط تم نسخ الرابط