كشف الرئيس دونالد ترامب أن أمريكا ستفرض رسومًا جمركية جديدة بشكل أحادي الجانب على العديد من شركائها التجاريين، مما يشير إلى تحول في نهج واشنطن تجاه التجارة الدولية.

في تصريحات أدلى بها خلال زيارته للإمارات العربية المتحدة، وفقا لما نشرته الجارديان، أوضح ترامب أن إدارته تواجه تحديات كبيرة في التفاوض على اتفاقيات تجارية فردية مع العديد من الدول التي تسعى إلى إبرام اتفاقيات مع الولايات المتحدة.

بدلاً من ذلك، ستمضي واشنطن قدمًا في إرسال رسائل إلى شركائها التجاريين توضح الرسوم الجمركية الجديدة التي ستُطبق على السلع المصدرة إلى الولايات المتحدة.

أمريكا ستفرض رسومًا جمركية

تأتي هذه الخطوة في إطار الصعوبات الأوسع التي واجهتها إدارة ترامب في التعامل مع سياستها الشاملة للتعريفات الجمركية، والتي بدأت مع “يوم التحرير” في 2 أبريل 2025.

رغم نهجها المثير للجدل والعدواني تجاه التعريفات الجمركية، بما في ذلك فرض ضريبة شاملة بنسبة 10% على جميع السلع الأجنبية، قدمت الولايات المتحدة بعض التنازلات، بما في ذلك تعليق التعريفات الجمركية المتبادلة على شركاء تجاريين رئيسيين مثل الاتحاد الأوروبي، والتوصل إلى اتفاق مؤقت مع الصين.

دفع ترامب نحو الكفاءة وسط صعوبات في اتفاقيات التجارة

أكد ترامب على التحدي المتمثل في إدارة المفاوضات التجارية مع أكثر من 150 دولة، موضحًا أنه “من غير الممكن تلبية العدد المطلوب من الراغبين في رؤيتنا”.

وأشار إلى أن هذا أدى إلى قرار فرض التعريفات الجمركية بشكل أحادي، لأن الولايات المتحدة تفتقر إلى القدرة على التفاوض بشكل فردي مع هذا العدد الكبير من الدول في آن واحد.

صرح بأن وزير الخزانة سكوت بيسنت ووزير التجارة هوارد لوتنيك سيشرفان على العملية، مع إرسال رسائل في الأسابيع المقبلة لإبلاغ الشركاء بالأسعار الجديدة.

تأتي هذه الاستراتيجية في أعقاب الانتكاسات الأخيرة في أسواق السندات، حيث واجهت الولايات المتحدة ردود فعل عنيفة بعد فرض بعض الرسوم الجمركية.

ردًا على ذلك، أوقفت إدارة ترامب بعض الإجراءات الأكثر صرامة، بما في ذلك الرسوم الجمركية “المتبادلة” على عدة دول، وأبرمت اتفاقيات تجارية لخفض الرسوم الجمركية مع المملكة المتحدة والصين. على الرغم من هذه التعديلات، لا تزال الرسوم الجمركية الشاملة البالغة 10% سارية حتى الآن.

اقرأ أيضا.. قضية الجنسية بالميلاد.. انقسام محتمل في الولايات المتحدة

إعادة ضبط العلاقات مع الصين وشركاء تجاريين آخرين

في وقت سابق من هذا الأسبوع، احتفل ترامب بما وصفه بـ”إعادة ضبط كاملة” في العلاقات الأمريكية الصينية بعد أن اتفق البلدان على وقف تصعيد الرسوم الجمركية. وبموجب الاتفاق الجديد، ستخفض الصين رسومها الجمركية على السلع الأمريكية إلى 10%، بينما ستخفض الولايات المتحدة ضرائبها على السلع الصينية إلى 30%.

يأتي هذا التوقف بعد فترة من الخلافات التجارية الشديدة، مما يُمثل تحولًا في نهج الإدارة تجاه أكبر شريك تجاري لها.

في حين تستمر المحادثات مع اقتصادات رئيسية مثل الهند وكوريا الجنوبية واليابان، يُشير إعلان ترامب إلى تحول في التركيز. بدلاً من مواصلة المفاوضات المطولة مع كل دولة، اختارت الولايات المتحدة نهجًا أكثر انسيابية، حيث فرضت شروط التجارة بشكل منفرد.

تعكس هذه الخطوة إعطاء إدارة ترامب الأولوية للكفاءة والسرعة في وضع سياسات التعريفات الجمركية، بينما لا تزال المفاوضات الجارية مع الاتحاد الأوروبي دون حل.

تداعيات قرارات التعريفات الجمركية الأحادية

قد يكون لاستراتيجية ترامب الأحادية في فرض التعريفات الجمركية تداعيات كبيرة على التجارة العالمية. فمن ناحية، قد تؤدي إلى زيادة التوترات مع الدول التي قد تشعر بالتهميش أو المعاملة غير العادلة بسبب فرض التعريفات الجمركية الأمريكية.

كما أن قرار تجاوز المفاوضات الفردية والاكتفاء بإملاء الشروط قد يؤدي إلى توتر العلاقات مع شركاء تجاريين مهمين، يعاني الكثير منهم بالفعل من التأثير الاقتصادي لسياسات التعريفات الجمركية الحالية.

في الوقت نفسه، تتماشى هذه الخطوة مع أجندة ترامب الأوسع “أمريكا أولاً”، والتي تركز على إعادة صياغة الصفقات التجارية بما يعود بالنفع على الصناعات الأمريكية، لا سيما في مواجهة تحديات مثل المنافسة العالمية وعدم اليقين الاقتصادي.

مع ذلك، ومع استمرار الولايات المتحدة في فرض التعريفات الجمركية والتفاوض مع شركاء محددين، قد تصبح بيئة التجارة العالمية العامة أكثر تشتتًا، حيث تسعى الدول إلى سبل تعاون بديلة خارج الاتفاقيات التقليدية التي تقودها الولايات المتحدة.

السياسة التجارية الأمريكية في ظل مشهد عالمي متغير

مع استعداد إدارة ترامب لوضع اللمسات الأخيرة على الرسائل التي تُفصّل معدلات التعريفات الجمركية الجديدة وتوزيعها، ستراقب الشركات والحكومات الأجنبية على حد سواء عن كثب تأثير هذه الإجراءات الأحادية الجانب.

بينما قد تكتسب الولايات المتحدة سيطرة أكبر على علاقاتها التجارية على المدى القصير، لا تزال الآثار طويلة المدى لتجاوز المفاوضات الثنائية غير مؤكدة.

في الوقت الحالي، تهدف استراتيجية ترامب إلى تبسيط عملية تحديد معدلات التعريفات الجمركية، لكنها تُخاطر أيضًا بتنفير شركاء عالميين رئيسيين وزيادة تعقيد دور الولايات المتحدة في التجارة الدولية.

من المرجح أن تشهد الأسابيع المقبلة تطبيق هذه التعريفات الجمركية الجديدة، مع ردود فعل من الشركاء التجاريين تُقدم صورة أوضح لمستقبل السياسة التجارية الأمريكية.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط