على الرغم من ما أثير عن إخفاق الطائرة “رافال” في التميز خلال المواجهات أمام مقاتلات صينية من طراز J-10، إلا أن الهند تبدو عازمة على المضي قدمًا في تنفيذ صفقة شراء للمقاتلة “رافال-مارين” الفرنسية.

الهند.. صفقة عسكرية ضخمة لشراء 26 مقاتلة الرافال البحرية

وسط تصاعد التوترات في جنوب آسيا، وتحديدًا في ظل العلاقات المتوترة بين الهند وباكستان، واتساع النفوذ الصيني في المحيط الهندي، أبرمت الهند صفقة عسكرية ضخمة مع فرنسا بقيمة 7.4 مليار دولار لشراء 26 طائرة مقاتلة من طراز “رافال-مارين”، في خطوة تهدف إلى دعم عمليات أسطولها البحري وتحديث قدراته الجوية المحمولة على حاملات الطائرات.

الصفقة تأتي في سياق استبدال الطائرات الروسية القديمة “ميج-29” التي تُعاني من مشاكل تشغيلية، وسط تقارير أفادت بعدم توافقها التقني الكامل مع حاملتي الطائرات الهنديتين، “INS Vikramaditya” و”INS Vikrant”. ويبدو أن الأداء غير المرضي لطائرة الميج خلال العمليات البحرية كان دافعًا رئيسيًا خلف التوجه نحو الطائرة الفرنسية.

ورغم إعلان الصفقة باعتبارها “تحولًا نوعيًا”، إلا أن مراقبين تساءلوا مؤخرًا عما إذا كانت رافال-مارين ستفي بتطلعات نيودلهي، خاصةً بعد تقارير عن أداء غير مُرضٍ لطائرات رافال في اشتباكات جوية محتملة أمام مقاتلات J-10 الصينية، ما يفتح باب النقاش حول مدى استمرارية الصفقة ومردودها العملياتي الفعلي في صراع محتمل متعدد الجبهات.

رافال-مارين.. بين الإمكانات العالية والشكوك المستقبلية

طائرة رافال-مارين، التي تنتجها شركة “داسو” الفرنسية، تمثل نسخة بحرية متعددة المهام من مقاتلة “رافال” المجربة. وهي مزودة بمحركين من طراز Snecma M88-2 يولد كل منهما 16,900 رطل من الدفع، وتبلغ سرعتها القصوى 1.8 ماخ، بينما يتجاوز نصف قطرها القتالي 600 ميل بحري—أي أكثر بـ150 ميلًا بحريًا من مقاتلات ميج-29.

تأتي الطائرة الفرنسية مجهزة برادار RBE2 AESA المتطور القادر على كشف أهداف من مسافات تتجاوز 100 ميل، حتى تلك المحلقة على ارتفاعات منخفضة مثل صواريخ كروز، ما يمنحها تفوقًا تكنولوجيًا ملحوظًا مقارنةً بالرادار Zhuk-ME الروسي الميكانيكي في الميج، الذي لا يتجاوز مداه 80 ميلًا.

كما تمتلك الرافال نظام بحث وتتبع بالأشعة تحت الحمراء (OSF)، ومجموعة متقدمة من أجهزة الاستشعار تعزز من قدراتها الدفاعية والهجومية، خاصة في البيئات الإلكترونية المليئة بالتشويش.

اقرأ أيضاً.. ترامب يكشف من الدوحة عن مقاتلات F-55 وF-22Super .. هل يروج لمشروع الجيل السادس؟

تسليح متنوع وتكامل مع الصناعة الدفاعية المحلية

من الناحية التسليحية، تتميز رافال-مارين بقدرتها على حمل صاروخ Exocet المضاد للسفن، وصاروخ MICA جو-جو متعدد أنماط التوجيه، بالإضافة إلى صواريخ SCALP بعيدة المدى والقنابل الموجهة بدقة بالليزر.

كما أنها متوافقة مع صاروخ “أسترا” الهندي محلي الصنع، مما يمنحها مرونة استراتيجية في ظل التوجه الهندي نحو تعزيز التصنيع المحلي.

الميج .. أعباء تشغيلية وضعف تكتيكي

تُعاني طائرات ميج-29 من مشاكل ميكانيكية مزمنة، خصوصًا في محركاتها، فضلًا عن ضعف مدى الاستشعار والاعتمادية التشغيلية، وهو ما يجعلها أقل قدرة على أداء المهام المعقدة على متن حاملات الطائرات، خصوصًا في البيئات البحرية القاسية.

تقارير عدة، بينها تقييمات داخلية في البحرية الهندية، أظهرت أن الطيارين على متن حاملة “INS Vikrant” يواجهون صعوبات فعلية في أداء مناورات خطرة بطائرة الميج، نظرًا لمحدودية قدراتها التقنية وتكرار الأعطال.

رغم التحديات.. الصفقة تمضي قدمًا

ويشير خبراء إلى أن قرار نيودلهي لا يتوقف على القدرات النظرية فقط، بل على موثوقية الدعم اللوجستي الفرنسي، ومرونة التكامل مع البنية التحتية البحرية الهندية.

كما يرى محللون أن رافال-مارين، رغم عدم تفوقها المطلق، تقدم مزايا استراتيجية على مستوى المدى، والتسليح، والاعتمادية، مما يجعلها خيارًا أكثر نضجًا من الميج-29 الروسية.

تحول بحري لا رجعة فيه

صفقة رافال البحرية تمثل بالنسبة للهند أكثر من مجرد إحلال طائرات قديمة؛ إنها إعادة تموضع استراتيجية في منطقة يزداد فيها النفوذ الصيني، وتتطلب استعراضًا للقوة في المحيط الهندي. ورغم الشكوك، تظل رافال-مارين اليوم هي الرهان الهندي الجديد، في سباق تسلح بحري لا يعرف التباطؤ.

اقرأ أيضاً.. سمعة رافال على المحك.. هل تعيد الإمارات وإندونيسيا حساباتهما بشأن صفقات المقاتلة الفرنسية؟

نسخ الرابط تم نسخ الرابط