فشل حكومة حسان في دمج الشباب: إقصاء يهدد إنفاذ الرؤية الملكية في التحديث - تكنو بلس

منوعات 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
فشل حكومة حسان في دمج الشباب: إقصاء يهدد إنفاذ الرؤية الملكية في التحديث - تكنو بلس, اليوم الجمعة 16 مايو 2025 03:44 مساءً

جو 24 :

في الوقت الذي تتسارع فيه خطوات التحديث والتطوير والمنافسة السياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط والعالم أجمع، تقف الدولة الأردنية أمام تحدٍّ مصيري: إما أن تُترجم الإرادة السياسية العليا في التحديث إلى واقع فعّال حيوي، أو أن تبقى رهينة البيروقراطية والإقصاء، فبالرغم مما أطلقه صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني، راعي مسيرة التحديث والحوار الوطني من رؤى استراتيجية شاملة، يظل الشاب الأردني يشعر أنه بعيد عن مواقع التأثير، عالق في حلقة التهميش الإداري والتدوير السياسي.

في قلب المشروع الوطني الكبير الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك المعظم، لطالما كان الشباب ركيزة أساسية في فكر القيادة الهاشمية، وقد عبّر جلالة الملك مراراً عن إيمانه بقدرة هذا الجيل على حمل راية المستقبل وتحديث الدولة على مختلف الأصعدة ومع ذلك، لا تزال السياسات الحكومية برئاسة دولة رئيس الوزراء جعفر حسان تُعيد إنتاج ذات الأسماء والوجوه في المناصب العليا، وتُقصي الكفاءات الجديدة من حقها الطبيعي في الإدارة وصنع القرار، وتغير ملامح العقد الإجتماعي ما بين الحاكم والمحكوم، فالمواقع الأكاديمية والبحثية والإعلامية والسياسية محصورة في أيدي قلة من النخب التقليدية، تُمارس تدويراً دائماً في ما بينها، بما يشبه "الاحتلال الوظيفي" لا الخدمة العامة، فيما أبناء العسكر وحماة العرش والديار ممن بذلوا الغالي رخيصا في سبيل التعليم والتطوير وبمكرمة ملكية سامية لا يجدون لهم مكاناً في ظل الهيمنة الغير مبررة على المؤسسات من قبل فئة قليلة لا تؤمن بالتحديث ولا بالتطوير لكنها تؤمن في حماية مكاسبهم وامتيازاتهم في السفر والتجوال تحت مسميات عدة وعلى نفقة الدولة، ما يعني أن الهوة بين الحكومة الأردنية وشبابها تتسع بقلق وتحتاج إلى المعالجة الوطنية.

صاحب الجلالة الملك أطلق ثلاثية تحديثية واضحة: التحديث السياسي من خلال دعم الأحزاب وتعزيز المشاركة السياسية، والتحديث الاقتصادي من خلال النمو الشامل، والتحديث الإداري من خلال كفاءة الجهاز الحكومي ورفد مؤسسات الدولة بالكفاءات، غير أن هذه الرؤية تعثّرت في ميدان التنفيذ، ليس لقصورها، بل لضعف الاستجابة الحكومية من ناحية وممارسات قوى الشد العكسي، التي بدت في كثير من الأحيان وكأنها تُفرغ المبادرات الملكية من مضمونها الحقيقي، إذ تُطرح خطط الإصلاح، ولكن تُجهض قبل أن تولد، أو تُنفّذ بطريقة شكلية تُبقي على الأطر القديمة وتهمّش الشباب، الفئة المفترض أن تكون المحرك الأول لهذه الرؤية، وكأن النظام الإداري الحكومي مصمم على إعادة إنتاج نفسه من خلال استبعاد القوى الحية الأكثر استعداداً للتجديد.

من ناحية أخرى صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني الذي يمثل صوت الشباب في القصر، لم يكن بعيداً عن توجه جلالة الملك؛ بل مثّل في السنوات الأخيرة صوت الشباب داخل مؤسسة الحكم، عبر مشاركاته الفاعلة ومبادرته الداعمة في مختلف القطاعات، وكان حضوره في المنتديات المحلية والدولية، ودعمه المتواصل للمشاريع الريادية، دليلاً على رغبة القيادة في تمكين جيل جديد قادر على تحمّل المسؤولية ومواكبة تحديات العصر، لكن هذه الروح الشابة الطموحة لم تلتقطها الحكومة ولم تعكس المطلوب على المستوى الإداري والحكومي، حيث لا تزال الحكومة تمارس الإقصاء ضد فئة من المفترض أن يكون لها المجال واسع في ظل التوجهات الملكية، الأمر الذي لا ينتج عنه فقط انسحاب فئة واسعة من الشأن العام والعمل السياسي والحزبي، بل يسهم في صناعة بيئة خصبة للاغتراب السياسي والعقلي، بل وحتى للهجرة القسرية نحو الخارج أو الانكفاء الداخلي على أشكال من اللامبالاة القاتلة!.

ختاماً ثلاثية جلالة الملك تُبنى على التنافسية والتحول الرقمي والتمكين الاقتصادي والسياسي والإداري وتركز على مستقبل الدولة، لكن لا تزال حكومة جعفر حسان تُدير الملفات الوطنية بذهنية المحاصصة والترضية والتهميش، وتختزل طموحات الغالبية العظمى بشعارات تقليدية خالية من أدوات التمكين الحقيقي.

وعلى الحكومة أن تراجع بنيتها، وتكفّ عن إدارة الدولة بعقلية "الموقع الامتياز" وتبدأ بالتحول إلى عقلية "الموقع المسؤولية"، فالشباب ليسوا ورقة ضغط، وليسوا جمهور يصفق ولا مجرّد جمهور لحملات انتخابية، بل هم شركاء يجب أن يُمنحوا المفاتيح لا أن يُتركوا خارج الأبواب وبعيداً عن دفة المجال العام! وإذا كان مفتاح التحديث والتطوير يُقصى من السياسة، والإدارة والاقتصاد، والتعليم العالي، فإن ذلك لا يعني فقط ضياع فرصة وطنية، بل يعني بدء تفكك صامت للدولة كمشروع جامع، فالعزوف عن الشأن العام، والهجرة المتواصلة، والانفصال الثقافي، كلها مؤشرات على هذا الانهيار التدريجي، وإذا كان الأردن يريد أن يحافظ على دوره الإقليمي وصورته كدولة ديمقراطية مستقرة وحديثة، فعليه أن يبدأ أولاً بتحرير طاقات شبابه من سجون التهميش والإقصاء والتدوير.

* الكاتب باحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية

* محاضر غير متفرغ في الجامعة الأردنية

قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : فشل حكومة حسان في دمج الشباب: إقصاء يهدد إنفاذ الرؤية الملكية في التحديث - تكنو بلس, اليوم الجمعة 16 مايو 2025 03:44 مساءً

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق