في محطة رئيسية من جولته الخليجية، زار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قاعدة “العديد” الجوية في قطر، والتي تُعد أكبر منشأة عسكرية أمريكية في منطقة الشرق الأوسط.

وفي كلمة ألقاها أمام القوات الأمريكية بالقاعدة يوم الخميس 14 مايو 2025، عبّر ترامب عن فخره بالقوة العسكرية لبلاده، قائلاً: “لدينا أقوى جيش في العالم”، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة خصصت الميزانية العسكرية الأكبر على الإطلاق في تاريخها لتعزيز هذا التفوق.

وأضاف ترامب أن واشنطن تعمل على بناء ما وصفه بـ”قبة ذهبية” للدفاع عن نفسها وحلفائها، وقال: “نريد بناء قبة ذهبية لحمايتنا وستكلف الكثير من المليارات”، في إشارة إلى مشروع دفاعي ضخم يهدف إلى تعزيز القدرات الردعية للولايات المتحدة في المنطقة.

صفقات واستثمارات بمليارات الدولارات بين قطر و أمريكا

لم تقتصر زيارة ترامب لقطر على الجوانب العسكرية، بل كانت أيضاً مناسبة للإعلان عن صفقات واستثمارات ضخمة. فقد كشف الرئيس الأمريكي أن قطر ستستثمر ما يقارب 10 مليارات دولار في السنوات المقبلة لتطوير قاعدة “العديد” الجوية، بما يعزز من بنيتها التحتية ودورها المحوري في الاستراتيجية الأمريكية.

وأعلن ترامب كذلك أن حجم المشتريات الدفاعية القطرية بلغ 42 مليار دولار ضمن اتفاقيات تم توقيعها خلال زيارته، واصفاً الجولة بأنها “قياسية”، وأضاف: “لم يسبق لجولة واحدة أن جمعت ما بين 3.5 إلى 4 تريليونات دولار خلال أربعة أو خمسة أيام فقط”، في إشارة إلى إجمالي الاتفاقيات الموقعة خلال زيارته للسعودية وقطر، تمهيداً لزيارته المقبلة إلى الإمارات.

رسائل سياسية تجاه إيران وسوريا من داخل قطر

خلال تصريحاته في قطر، لم تغب القضايا الإقليمية عن خطاب الرئيس الأمريكي، إذ شدد على التزام بلاده بالدفاع عن حلفائها، قائلاً: “قوتنا مدمّرة وساحقة، وسنرد على أي هجوم ولن نتردد في استخدام القوة للدفاع عن أمريكا وحلفائنا”.

وفيما يتعلق بإيران، قال ترامب إن بلاده تقترب من التوصل إلى اتفاق معها، مضيفاً: “نريد معالجة مشكلة إيران بطريقة ذكية لكن ليست عنيفة”، موضحاً أن طهران “وافقت نوعاً ما على بنود اتفاق”، ما يشير إلى تحركات دبلوماسية جارية تهدف إلى إنهاء التوتر مع طهران ضمن مساعٍ لحلحلة الأزمة النووية.

أما عن الملف السوري، ففجّر ترامب مفاجأة بلقائه المباشر مع الرئيس السوري أحمد الشرع خلال زيارته للرياض، معلناً عن نية إدارته إنهاء العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، وقال: “الرئيس السوري شخص قوي، وسنرى ما سيحدث بعد رفع العقوبات”، مشيراً إلى أنه لم يكن يعلم أن سوريا كانت خاضعة للعقوبات الأميركية لفترة طويلة.

حول الحرب في أوكرانيا: دعوة لوقف النزاع

وفي سياق متصل بالسياسة الخارجية، تطرق ترامب إلى الأزمة الأوكرانية، معبّراً عن رغبته في إنهاء الحرب الدائرة هناك. وقال: “الحرب في أوكرانيا يجب أن تتوقف”، مبدياً تحفظه على آليات الدعم المالي لكييف بقوله: “لا نعلم أين ذهبت الأموال التي قدمناها لأوكرانيا”.

كما كشف عن نيته حضور محادثات السلام المباشرة بين روسيا وأوكرانيا المزمع عقدها في تركيا، قائلاً: “إذا حدث أي شيء، فسأذهب يوم الجمعة”، في إشارة إلى استعداده للعب دور مباشر في جهود الوساطة الدولية.

الذكاء الاصطناعي محور التركيز في الإمارات

ومن المنتظر أن يغادر ترامب العاصمة القطرية الدوحة متوجهاً إلى أبوظبي، حيث يلتقي برئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وعدداً من القيادات الإماراتية. وتشير مصادر إلى أن الذكاء الاصطناعي سيكون محور النقاش في هذه المحطة، حيث تسعى الولايات المتحدة لتعزيز شراكاتها التكنولوجية في الخليج بالتوازي مع تعاونها الأمني والاقتصادي.

زيارة وُصفت بـ”التاريخية”

وكان ترامب قد وصل إلى منطقة الخليج يوم الثلاثاء 12 مايو 2025، مستهلاً جولته في الرياض، حيث أبرم اتفاقيات استراتيجية مع المملكة العربية السعودية، وشدد خلال زيارته على متانة العلاقة بين واشنطن والرياض، قائلاً: “لا أحد يستطيع كسر العلاقة القوية بين أمريكا والسعودية”، مضيفاً: “لدي علاقات قوية مع الملك سلمان والأمير محمد بن سلمان”.

واختتم ترامب زيارته للسعودية يوم الأربعاء، ووصفها بأنها كانت “ممتازة”، ليفتتح زيارته الثانية في قطر بتأكيده على عمق الشراكة مع الدوحة، قائلاً: “شراكتنا في الشرق الأوسط رائعة”.

ختام الجولة: تحولات جيوسياسية وانتعاش اقتصادي محتمل

تأتي جولة ترامب الخليجية في وقت تتصاعد فيه التوترات الإقليمية والدولية، سواء مع إيران أو في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية. ومع ذلك، فإن حجم الاستثمارات والصفقات المعلنة، خاصة في مجالات الدفاع والبنية التحتية، يوحي بأن الجولة قد تفتح صفحة جديدة من التعاون الاقتصادي والعسكري بين الولايات المتحدة وحلفائها في الخليج.

ويبدو أن ترامب يراهن على إحداث اختراق دبلوماسي واقتصادي كبير، وهو ما قد يعيد رسم ملامح التحالفات في المنطقة خلال المرحلة المقبلة، لا سيما في ظل التغيّرات المتسارعة على الساحة الدولية.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط