تعيش العاصمة الليبية طرابلس لليوم الثاني على التوالي على وقع اشتباكات مسلحة عنيفة بين تشكيلات أمنية تابعة لحكومة الوحدة الوطنية، وسط حالة من الانفلات الأمني والذعر بين السكان، في أعقاب مقتل القائد الأمني البارز عبد الغني الككلي، الملقب بـ”غنيوة”.

استمرار الاشتباكات في طرابلس

رغم المناشدات المحلية والدولية لوقف إطلاق النار، لم تتوقف أصوات الانفجارات والرصاص في عدة أحياء من العاصمة منذ مساء الثلاثاء وحتى صباح اليوم الأربعاء، في مؤشر خطير على اتساع رقعة الاشتباكات.

وتتركز المواجهات بين “اللواء 444 قتال” و”قوة الردع الخاصة”، لكن سرعان ما انخرطت فيها مجموعات مسلحة من أبوسليم وسوق الجمعة وأحياء مكتظة مثل رأس حسن وشارع الجرابة.

شهود عيان أفادوا بأن أصوات القتال لم تهدأ طوال الليل، وأن القوات المنتشرة كثّفت وجودها في محيط مطار معيتيقة، الذي توقفت فيه الملاحة الجوية، في حين جرى تحويل الرحلات إلى مطار مصراتة، بحسب منصات تتبع الطيران.

فرار سجناء بعد الاشتباكات في طرابلس

بحسب تقارير صحفية فقد قُتل وأُصيب عدد من المدنيين خلال الاشتباكات، وفق تأكيدات طبية من مستشفيات طرابلس التي أعلنت رفع حالة التأهب القصوى، بالتزامن مع إعلان جمعية الهلال الأحمر الليبي دخولها حالة الطوارئ.

وفي تطور خطير، أكدت الشرطة القضائية فرار عدد كبير من السجناء من سجن الجُديدة الواقع في منطقة الاشتباكات، معظمهم من المحكومين بأحكام مشددة، ما يفاقم من هشاشة الوضع الأمني ويثير مخاوف من تصاعد الجريمة المنظمة في العاصمة.

مخاوف من توسع النزاع في طرابلس

أفادت مصادر محلية بتحركات عسكرية قادمة من الزاوية وورشفانة ومناطق أمازيغية باتجاه طرابلس، مع تمركز بعضها قرب كوبري 27، مما يزيد من احتمالات اتساع رقعة الاشتباكات وتعدد أطراف النزاع.

من جانبه، أعلن الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر تحركات عسكرية باتجاه مناطق سرت والجفرة، في خطوة تهدف – بحسب محللين – إلى تأمين مواقع استراتيجية وسط البلاد تحسبًا لأي تطورات مفاجئة.

مجلس رئاسي عاجز وصمت حكومي

في ظل التصعيد المستمر، عقد رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي اجتماعًا طارئًا مع أعيان وقيادات محلية من طرابلس، دعا فيه إلى “إبعاد المؤسسات الأمنية عن التجاذبات السياسية”، وشدد على أن السلم الأهلي مسؤولية جماعية.

ورغم خطورة الأوضاع، لم تصدر حكومة الوحدة الوطنية أي بيان رسمي حول الأحداث حتى لحظة إعداد هذا التقرير، ما يثير تساؤلات حول قدرتها على احتواء الأزمة، خاصة مع اتساع الفجوة بينها وبين التشكيلات المسلحة.

تحذير أممي وقلق شعبي من الاشتباكات في طرابلس

أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن “قلقها العميق” من تصاعد الاشتباكات لليوم الثاني في مناطق سكنية مأهولة، ودعت إلى “وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار”.

كما أكدت استعدادها لتقديم الوساطة والمساعدة لخفض التوتر، محذرة من أن استمرار القتال يهدد الاستقرار الهش في العاصمة ويقوّض جهود التسوية السياسية.

مخاوف من عودة الانقسام

يرى مراقبون أن مشهد الاشتباكات المتواصلة في طرابلس يعيد البلاد إلى أجواء الفوضى والانقسام، ويؤكد أن الساحة الليبية لا تزال رهينة السلاح والفصائل المسلحة، في ظل غياب مؤسسات قادرة على ضبط الأمن أو إدارة المشهد السياسي.

ومع دخول المواجهات المسلحة يومها الثاني، تزداد المخاوف من تحوّلها إلى صراع مفتوح بين قوى تتقاسم النفوذ داخل العاصمة وخارجها، في ظل صمت حكومي وتردد دولي، وتزايد عدد الضحايا المدنيين في ظل انهيار واضح لمقومات الدولة.

اقرأ أيضا

بعد إعلان ترامب رفعها.. كل ما تريد معرفته عن العقوبات الأمريكية على سوريا؟

نسخ الرابط تم نسخ الرابط