كشفت مصادر مطلعة لوكالة “رويترز” أن أمريكا والسعودية ناقشتا خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية، إمكانية إبرام صفقة محتملة لشراء المملكة طائرات الشبح الأمريكية من طراز F-35، التي تنتجها شركة “لوكهيد مارتن”، هذه المقاتلات المتقدمة تمثل حلمًا طويل الأمد للرياض، في ظل سعيها لتحديث قدراتها الدفاعية الجوية.

موافقة أمريكا بحصول السعودية على F-35 لا تزال غير مؤكدة

يأتي ذلك بالتزامن مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية، وإعلانه عن صفقات تسليحية ضخمة بقيمة تصل إلى 142 مليار دولار، تشمل أنظمة تسليح متنوعة، ورغم الاهتمام السعودي المتجدد بهذه الطائرات، أوضح أحد المصادر أن الموافقة الأمريكية لا تزال غير مؤكدة.

نظراً لتحفظات تتعلق بـ”التفوق العسكري النوعي لإسرائيل”، وهي السياسة التي تلتزم بها واشنطن لضمان حصول تل أبيب على تقنيات عسكرية أكثر تقدماً من جيرانها في المنطقة.

وبحسب مصدر آخر، فقد كان هذا المبدأ محوراً أساسياً في المناقشات بين الجانبين، في ظل استمرار الولايات المتحدة في دعم إسرائيل بوصفها الحليف الاستراتيجي الأوثق لها في الشرق الأوسط.

تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك بالفعل مقاتلات F-35، وقد قامت على مدار تسع سنوات ببناء عدة أسراب منها، مما عزز من تفوقها العسكري في المنطقة.

وفي المقابل، سعت دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، منذ سنوات للحصول على هذه الطائرات التي تُعد من بين الأكثر تطوراً على مستوى العالم بفضل قدرتها على التخفي من الرادارات.

وإذا ما تمت الصفقة، فإن السعودية ستصبح ثاني دولة في الشرق الأوسط تشغّل هذه المقاتلات المتقدمة، في إطار صفقة قد تتجاوز قيمتها 100 مليار دولار، وفقاً لما ذكرته ستة مصادر أخرى لـ”رويترز” سابقاً.

لماذا تسعى السعودية لامتلاك طائرات F-35 الشبحية؟

تمثل مقاتلات F-35 خيارًا استراتيجيًا بارزًا للمملكة العربية السعودية، في ظل مساعيها لتحديث قوتها الجوية وتعزيز جاهزيتها في مواجهة التحديات الإقليمية المتصاعدة. إذ تعتمد المملكة حالياً على منصات جوية تقليدية مثل F-15 Eagle وEurofighter Typhoon، لكنها تدرك أن الانتقال إلى طائرات الجيل الخامس سيمثل نقلة نوعية في قدراتها الدفاعية والهجومية.

توازن القوة في بيئة أمنية متوترة

السعودية تواجه بيئة أمنية معقدة تشمل التوترات المتواصلة مع إيران، وتصاعد التهديدات من جماعة الحوثي في اليمن، إلى جانب سعيها للحفاظ على موقعها القيادي في المنطقة، من هذا المنطلق، فإن الحصول على مقاتلة F-35 المتقدمة لا يرتبط فقط بالتكنولوجيا، بل يعكس توجهاً استراتيجياً لتعزيز الردع الإقليمي وتأكيد الشراكة العسكرية مع الولايات المتحدة.

اقرأ أيضاً.. F-15 وأباتشي ودبابات أبرامز.. الرياض وواشنطن توقعان صفقات تسليح تاريخية بـ142 مليار دولار

هل تتجه السعودية لمعادلة إسرائيل عسكرياً؟

لطالما أبدت الرياض اهتماماً كبيراً بضم مقاتلات F-35 إلى أسطولها، ولكن السؤال الأهم يبقى: هل ستسمح واشنطن بإتمام الصفقة؟

الجواب ليس بسيطًا، إذ تخضع مبيعات الأسلحة الأمريكية في الشرق الأوسط لسياسة دقيقة تعرف بـ”التفوق العسكري النوعي لإسرائيل” (Qualitative Military Edge)، والتي تلزم الولايات المتحدة بضمان بقاء إسرائيل متفوقة عسكرياً على دول المنطقة.

ومنذ عام 2016، باتت إسرائيل الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تمتلك طائرات F-35، وقد شكّلت منها عدة أسراب، مما عزز بشكل كبير تفوقها الجوي الإقليمي، وهو عنصر أساسي في عقيدتها الدفاعية.

صفقة تحت المجهر الأمريكي

أي محاولة لبيع F-35 للسعودية ستكون موضع تدقيق صارم في الكونغرس الأمريكي، الذي يلعب دوراً محورياً في مراجعة صفقات السلاح لضمان عدم الإخلال بتفوق إسرائيل. ولذلك، فإن تمرير هذه الصفقة يحتاج إلى توافق سياسي أمريكي داخلي ودعم من الإدارة الرئاسية، إلى جانب ضمانات قد تشمل تقييد بعض القدرات أو تأخير التسليم.

F-35 .. قوة لا تضاهى في سماء الشرق الأوسط

تُعد F-35 واحدة من أكثر المقاتلات تطوراً على مستوى العالم، بفضل قدرات التخفي، وأنظمة القيادة والسيطرة المتقدمة، والتكامل الشبكي مع المنظومات الأخرى.

وبمقارنتها بأساطيل دول الجوار، فإنها تتفوق بوضوح على الطائرات الإيرانية القديمة من طراز F-14 وMiG-29، التي تفتقر للتكنولوجيا الحديثة. كما أنها تتقدم في أدائها العملي على المقاتلات الروسية من طراز Su-57 والصينية J-20، رغم ادعاءات التطور في الأخيرة، حيث تتميز الـF-35 ببرمجيات مجرّبة ميدانياً وأنظمة متكاملة للحرب الإلكترونية والاتصالات.

رمز للقوة والشراكة

في نظر السعودية، الـF-35 ليست مجرد طائرة مقاتلة، بل تمثل رمزاً للهيبة العسكرية وشراكة استراتيجية أعمق مع الولايات المتحدة. إن الحصول على هذه الطائرة سيعزز موقف المملكة الإقليمي ويؤكد التزامها بالتحالف مع واشنطن في ظل المتغيرات المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط.

اقرأ أيضاً.. صفقة تسليح أمريكية للإمارات بقيمة 1.4 مليار دولار بالتزامن مع زيارة ترامب

نسخ الرابط تم نسخ الرابط