من Pax Americana إلى Pontifex Americanus - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من Pax Americana إلى Pontifex Americanus - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 13 مايو 2025 04:49 مساءً

خلاصة مبكرة بعض الشيء.

 

2025 هي بداية الـ Pontifex Americanus وربما بداية نهاية الـ Pax Americana.

 

أميركي يجلس على عرش القديس بطرس، بينما يتخلى أميركي تدريجياً عن عرش قيادة السلام العالمي.

 

فرح الرئيس دونالد ترامب بانتخاب مواطنه الكاردينال روبرت بريفوست بابا للكنيسة الكاثوليكية. لكن أميركية ترامب مختلفة عن أميركية بريفوست الذي أصبح اسمه الآن لاوون الرابع عشر.

 

أميركية ترامب انطوائية، أميركية لاوون عالمية. أميركية ترامب متقلّبة، أميركيّة لاوون هادئة ومتسقة؛ تقريباً كما كانت الحال مع الولايات المتحدة في عصرها الذهبي. بالحديث عن الولايات المتحدة، ونادراً ما لا تكون في قلب الحديث والحدث، خسرت البلاد إحدى شخصياتها الريادية الأسبوع الماضي: البروفسور جوزف ناي.

 

بطلُ عالم لم يعد موجوداً

شغل ناي عمادة كلية جون كينيدي للحوكمة في جامعة هارفارد، وعمل أستاذاً فخرياً متميزاً فيها. يُعد ناي من أبرز المفكرين في العلاقات الخارجية خلال العقود الماضية. صاغ فكرة "القوة الناعمة" التي تقوم على جذب أميركا لمختلف حكومات ومواطني العالم عبر ثقافتها وقيمها. ثم صاغ فكرة "القوة الذكية" التي تدمج بين القوتين الصلبة والناعمة.

 

ناي رحل بداية الأسبوع الماضي عن عمر 88 عاماً

 

رحل ناي عن عالم تتآكل فيه القوة الناعمة للولايات المتحدة باطراد. ترامب محوريّ في هذا التآكل، وإن لم يكن سببه الوحيد. كتبت سوزان نوسل في مجلة "فورين بوليسي" أن ناي كان "بطلاً لعالم لم يعد موجوداً". لكن ماذا لو كان لاوون "بطلاً" جديداً لعالم تكمن قوته الناعمة في روما بدلاً من واشنطن؟

 

يعتمد الأمر كثيراً على أجندة البابا، وأكثر على أفعاله. تبدأ التحديات في حل المشاكل الداخلية قبل، أو على الأقل بالتوازي، مع حل القضايا الخارجية.

 

لكن نظرياً، ثمة ما هو "جذاب" لدى البابوات حتى قبل البدء بتنفيذ رؤاهم: سمة إتقانهم للغات أجنبية عدة. بريفوست الأميركي خاطب المؤمنين باللغة الإيطالية – وهو أمر ضروري بما أنه بات أسقفاً على روما. هذا إلى جانب إدارته بيروقراطية غالبيتها إيطالية. لكن بريفوست يتقن 4 لغات أخرى وهي الفرنسية والبرتغالية والإسبانية (الأخيرة كانت حاضرة في كلمته أيضاً)، بالإضافة إلى لغته الأميركية.

 

البابا فرنسيس أتقن أيضاً ثماني لغات، متساوياً تقريباً مع البابا يوحنا بولس الثاني. هذا التشرب المباشر وغير المباشر لثقافات العالم المتنوعة يضع البابوات في موقع متقدم لممارسة القوة الناعمة. بشكل مفارق أيضاً، يقلل هذا التشرب من انتماء البابوات الضيق لأوطانهم الأم. قيل عن بريفوست إنه كان واحداً من أقل الكرادلة "أمْركةً" بين الكرادلة الأميركيين في المجمع المغلق، وعددهم عشرة. أحد أسباب ذلك أنه قضى الكثير من فترة خدمته الكهنوتية خارج الولايات المتحدة.

 

أين "المدينة المشعة"؟

يمكن ملاحظة الجدل في مصطلح "أميركا أولاً". حاول مقربون من ترامب التشديد على أن المصطلح "أولاً" لا يعني "فقط". في السياسة الخارجية الأميركية بقيادة ترامب، ثمة علامة استفهام حول هذا التمييز. بالمقابل، لا يجادل كثر في معنى Urbi et Orbi "إلى المدينة (روما) وإلى العالم". لا انعزالَ للمدينة عن العالم.

 

خلال قداس اليوم الذي تلا انتخابه، صلى البابا لاوون الرابع عشر كي تبقى الكنيسة "مدينة مؤسسة على تلة... منارة تضيء الليالي المظلمة للعالم". هي فكرة تتلاقى كثيراً (لكن ليس بشكل متطابق) مع فكرة ريغان عن أميركا، "المدينة المشعّة على تلة".

 

في كلمته الرئاسية الوداعية للشعب الأميركي، طرح ريغان في 11 كانون الثاني/يناير 1989 السؤال التالي: "وكيف تقف هذه المدينة، في ليلة الشتاء هذه؟"

 

أجاب الرئيس: "أكثر ازدهاراً، أكثر أمناً، أكثر فرحاً مما كانت قبل ثمانية أعوام. لكن أهم من ذلك، بعد 200 عام، قرنين، لا تزال تقف قوية ونزيهة على جسر الغرانيت وإشعاعها ثابت مهما كانت العاصفة. وهي لا تزال منارة، لا تزال مغناطيساً لجميع الذين ينبغي أن يحصلوا على الحرية، لجميع الحجاج من جميع الأماكن الضائعة والذين يتسابقون عبر الظلمة نحو الوطن".

 

يتغير التاريخ سريعاً. حينها، كانت الولايات المتحدة في ذروة "قوتها الناعمة". الجواب على ما إذا كان رئيس أميركي سيتمكن من استعادة تلك اللحظات، وحتى جزء من ذلك الخطاب المتفائل، معلّقٌ بطبيعة الحال.

 

مكسب مقابل خسارة

رحل ناي قبل رؤية انتخاب لاوون الرابع عشر. لكن ليس قبل رؤية سلفه فرنسيس في الإمارات العربية المتحدة. هناك، كان يبني مع شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب جسور "الأخوة الإنسانية". مجدداً، معنى الجذر اللاتيني لـ Pontiff (الحَبر) Pontifex هو "باني الجسور".

 

في بعض النواحي، تكسب البابوية ما تخسره أميركا. قد يصحّ ذلك أكثر مع بابا أميركيّ. ربما يكون الـ Pontifex Americanus تعويضاً جزئيّاً عن نهاية أو بداية نهاية الـ Pax Americana.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق