تتحرك السلطة الفلسطينية خلال الأشهر الأخيرة ضمن استراتيجية تهدف إلى ترسيخ شرعيتها الدولية، مع التركيز على المسارات الدبلوماسية وأشكال المقاومة الشعبية كبديل للمقاومة المسلحة التي تتبنّاها حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، المصنّفتان كمنظمتين إرهابيتين في عدد من الدول الغربية.

ومن المقرر أن يزور الرئيس الفلسطيني محمود عباس لبنان في 19 مايو الجاري، حيث سيبحث ملف نزع سلاح الفصائل الفلسطينية داخل مخيمات اللاجئين. وتأتي هذه الخطوة في سياق دعم توجه الدولة اللبنانية لحصر السلاح بيد المؤسسات الرسمية، كواقع فعلي لا كشعار، وسط توافق لبناني فلسطيني على ضرورة إعادة ضبط الوضع الأمني في المخيمات.

ويرى محللون سياسيون أن تحركات الرئيس عباس تأتي ضمن مساعٍ لإعادة بناء الثقة مع الولايات المتحدة، وتقديم السلطة الفلسطينية كشريك موثوق في المنطقة، خصوصاً في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة. ويعتبر مراقبون أن هذه الخطوات تهدف إلى تحسين صورة السلطة على الساحة الدولية وكسب مزيد من الدعم السياسي والاقتصادي.

وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي الفلسطيني حسن سوالمة أن تصريحات منظمة التحرير الفلسطينية بشأن إنهاء الانقسام وتوحيد الصف الوطني لا تنسجم عملياً مع تحركاتها الخارجية، التي تعكس -وفق قوله– اتجاهاً واضحاً للنأي بالنفس عن ارتباط مباشر بحماس والجهاد، في ضوء تصنيفهما كمنظمات إرهابية مدعومة من إيران.

ويضيف سوالمة أن السلطة الفلسطينية لا تسعى إلى إنهاء حركتي حماس أو الجهاد، لكنها تحاول دفعهما إلى تغيير توجهاتهما السياسية ومساراتهما الميدانية، التي يرى أنها ساهمت في نكبة جديدة للشعب الفلسطيني.

على الصعيد العربي، عكست الجولة الأخيرة التي قام بها أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، حسين الشيخ، إلى السعودية ومصر والأردن، وجود تنسيق عربي متقدم بشأن الملف الفلسطيني، لا سيما في ما يتعلق بوقف الحرب في غزة ودعم جهود التهدئة وإعادة الإعمار.

وفي هذا السياق، تترقّب المنطقة زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الذي من المتوقع أن يبحث خلالها جملة من القضايا الإقليمية، في مقدمتها مسار التطبيع بين السعودية وإسرائيل، إلى جانب التطورات الميدانية في قطاع غزة.

من جهتها، أكدت وزارة الخارجية السعودية في بيان رسمي، أن المملكة "لن تتوقف عن مساعيها الدؤوبة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية"، مشددة على أن "إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل لن تتم إلا بتحقيق هذا الهدف".